مقالات

الفساد الإداري في سورية بين عامي 2019 و2024

بقلم الباحث الاقتصادي علي هاشم
الواقع والتحديات :
شهدت سورية خلال الفترة الممتدة من عام 2019 إلى عام 2024 تفاقماً ملحوظاً في مظاهر الفساد الإداري وسط ظروف سياسية واقتصادية معقدة نتجت عن استمرار الحرب والعقوبات الاقتصادية وانهيار البنية التحتية وتراجع فعالية مؤسسات الرقابة والمساءلة.
أولاً: السياق العام
منذ عام 2011 دخلت سورية في دوامة من الصراعات الداخلية التي أضعفت مؤسسات الدولة وفتحت المجال أمام تفشي الفساد بجميع أشكاله، خصوصاً الإداري في الفترة بين 2019 و2024 ومع تزايد الأعباء الاقتصادية و الانكماش الشديد في القطاع العام ازداد الاعتماد على “العلاقات الشخصية” والرشوة كوسيلة للعبور من العقبات البيروقراطية مما أسس لنظام موازٍ غير رسمي في إدارة الشؤون العامة.

مظاهر الفساد الإداري

  1. الرشوة و المحسوبيات:
    أصبحت الرشوة ممارسة شبه علنية في العديد من المؤسسات الحكومية بما في ذلك الدوائر العقارية والبلديات والجمارك والتعليم والقضاء باتت “المعارف” أهم من المؤهلات في التوظيف والترقية.
  2. التهرب من المساءلة:
    غابت المساءلة الجدية للمسؤولين وغالباً ما كانت تُعالج ملفات الفساد بإقالة شكلية دون ملاحقة قانونية مما شجّع على التكرار.
  3. الفساد في التعيينات والوظائف:
    لوحظ خلال هذه الفترة الاعتماد على المحسوبيات والولاءات السياسية في شغل المناصب الإدارية مما أدى إلى تراجع الكفاءة الإدارية العامة.
  4. إساءة استخدام السلطة:
    استُخدمت المناصب الحكومية كوسيلة لتحقيق مكاسب شخصية سواء عبر منح التراخيص أو السيطرة على المساعدات الإنسانية أو تمرير عقود مشبوهة.

الأسباب البنيوية:
ضعف المؤسسات الرقابية مثل الجهاز المركزي للرقابة المالية وهيئة مكافحة الفساد إما بسبب نقص الاستقلالية أو بسبب تعرضها للضغوط السياسية
الرواتب المنخفضة جداً للموظفين الحكوميين، التي دفعت كثيرين للبحث عن دخل إضافي عبر وسائل غير مشروعة
احتكار المعلومات وعدم توفر شفافية في الموازنات أو العقود الحكومية
انعدام الإرادة السياسية الحقيقية لمعالجة جذور الفساد والاكتفاء بإجراءات إعلامية سطحية

جهود مكافحة الفساد (2019–2024)
على الرغم من الخطابات الرسمية المتكررة حول مكافحة الفساد، بقيت الإجراءات محدودة الأثر مثل:
تشكيل لجان خاصة للتحقيق في بعض الملفات غالباً ما تكون ذات طابع انتقائي
حملة إعلامية ضد “الفساد الصغير” دون مساس بالطبقة العليا من المتنفذين
بعض حالات المحاكمة أو الإعفاء لموظفين متوسطين لكن دون كشف شبكات الفساد الكبرى
أثر الفساد على المجتمع :
فقدان الثقة بين المواطن والدولة.
تفاقم الفقر نتيجة سوء توزيع الموارد.
تدهور الخدمات العامة في الصحة والتعليم والنقل.
هجرة الكفاءات الإدارية والعلمية خارج البلاد.
الخاتمة :
بين عامي 2019 و2024، تحوّل الفساد الإداري في سورية من ظاهرة إلى بنية راسخة داخل الدولة ما جعل أي محاولة للإصلاح محفوفة بالمخاطر إن لم تكن جزءاً من مشروع إصلاح سياسي وإداري شامل وإذا لم تُتخذ خطوات جادة نحو الاستقلالية القضائية تعزيز الشفافية وتمكين المجتمع المدني فإن الفساد سيظل أحد أبرز المعوّقات أمام تعافي الدولة السورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى