يا حكومة خفي علينا شوي

بقلم رئيس التحرير: ضياء بديوي
معالي وزير الاقتصاد والصناعة عنايتكم و رعايتكم .. إن القرار رقم 462 القاضي بوقف استيراد السيارات المستعملة، باستثناء بعض الفئات الإنتاجية أثار جدلاً واسعاً في كافة شرائح المجتمع في سوريا و السؤال الأخطر ما مصير السيارات المستعملة ؟
نضع هذا التساؤل أمام معالي الوزير، راجين أن يُؤخذ في الحسبان أثر القرار على المواطن السوري من جهة، وعلى مؤشرات السوق المحلي من جهة أخرى، في ضوء ما تشهده الدول المجاورة من سياسات أكثر مرونة تتيح استيراد السيارات المستعملة بأسعار تناسب مختلف الشرائح الاجتماعية.
بدايةً :
في خطوة مفاجئة، أصدرت وزارة الاقتصاد السورية القرار رقم 462 القاضي بوقف استيراد السيارات المستعملة، باستثناء بعض الفئات الإنتاجية. ورغم تبريرات الحكومة التي تتحدث عن حماية الاقتصاد المحلي وتقليص الهدر، فإن هذا القرار يثير تساؤلات جوهرية حول مدى واقعيته وعدالته الاقتصادية ، خاصة عند مقارنته بأسواق الدول المجاورة مثل لبنان، تركيا، العراق، والأردن.
أولًا: مقارنة الأسعار في الدول المجاورة
تشير البيانات إلى أن أسعار السيارات المستعملة في سوريا أعلى بنسبة تتراوح بين 40% إلى 70% مقارنة بالدول المجاورة وذلك للأسباب التالية:
- لبنان: رغم الأزمة الاقتصادية، لا يزال السوق مفتوحًا، وتتوفر سيارات مستعملة بأسعار تبدأ بأقل من 3,000 دولار.
- تركيا: تشهد انخفاضًا حقيقيًا في أسعار السيارات المستعملة بنسبة 20% سنويًا
- العراق: سوق مفتوح ومرن، مع رسوم 1جمركية منخفضة، ما يجعل الأسعار تنافسية.
- الأردن: رغم الضرائب، فإن وفرة المعروض وتنظيم السوق يضمنان استقرار الأسعار.
في المقابل، سوريا تعاني من احتكار السوق، وغياب المنافسة، و إن السياسة الجمركية وضعت من 1000 دولار إلى 2500 دولار ، ما يجعل السيارة المستعملة حلمًا بعيد المنال للمواطن العادي.
ثانيًا: الآثار الاقتصادية والاجتماعية للقرار**
- على الفرد
- تآكل القدرة الشرائية: المواطن السوري الذي كان يأمل بامتلاك سيارة مستعملة بأسعار معقولة، سيجد نفسه أمام أسعار خيالية للسيارات الجديدة.
- غياب البدائل: في ظل ضعف النقل العام، تصبح السيارة الخاصة ضرورة لا ترفًا، وحرمان المواطن منها يزيد من معاناته اليومية.
- على المجتمع
- تعميق الفجوة الطبقية: القرار يخدم شريحة ضيقة من القادرين على شراء السيارات الجديدة، ويقصي الغالبية العظمى من ذوي الدخل المحدود.
- زيادة الاحتكار: سيؤدي القرار إلى تعزيز سيطرة كبار التجار على السوق، ورفع الأسعار بشكل غير مبرر
- نشوء سوق سوداء: من المتوقع أن تنشط عمليات التهريب والبيع غير النظامي، ما يضعف الرقابة ويزيد من الفساد
ثالثًا: نقد القرار من منظور اقتصادي علمي
- غياب التدرج: القرار طُبق فورًا دون فترة انتقالية، ما أربك السوق والمستهلكين.
- انعدام العدالة الاقتصادية: لم يُراعِ القرار واقع الدخل المنخفض، ولا قدم بدائل مثل برامج استبدال مدعومة أو تسهيلات تمويلية.
- تأثير سلبي على السوق: بدلاً من تنظيم السوق، أدى القرار إلى تجميده، وخلق حالة من الركود والاحتكار
خاتمة وتوصيات
إن قرار وقف استيراد السيارات المستعملة في سوريا، رغم نواياه المعلنة، يفتقر إلى العدالة الاقتصادية والرؤية الواقعية*. وفي ظل غياب بدائل حقيقية، فإن هذا القرار لا يخدم سوى مصالح فئة محدودة، ويزيد من معاناة المواطن السوري.
التوصيات:
- إعادة النظر في القرار، والسماح باستيراد السيارات المستعملة وفق شروط فنية صارمة (مثل تحديد عمر السيارة بـ5 سنوات).
- تقديم حوافز جمركية للسيارات الاقتصادية أو الكهربائية، واعفائها من الرسوم الجمركية كاملة ، كما هو مطبق في العديد من الدول ، لان المستقبل هو للسيارات الكهربائية والهجينة
- إطلاق برنامج وطني لاستبدال السيارات القديمة بأخرى حديثة بشروط ميسّرة، وتعديل القرار ليضيف بند ، استبدال اي سيارة عمرها الزمني يزيد عن ٢٠ سنة بدون جمارك .
- تعزيز النقل العام كبديل حقيقي، لحل مشكلة النقل داخل المدن ، ووضع خطة، في الاجل القريب، لاحلال الباصات متوسطة الحجم وكبيرة الحجم في النقل العام ، عبر شركات منظمة ، بدل الجراد الابيض ( السرافيس الحالية)، ووضع خطط استراتيجية، على المدي المتوسط، لانجاز قطارات الانفاق /المترو/ في المدن الكبرى ك حلب ودمشق .