مقالات

من الثّورة إلى النّهضة
كيف تنهض الدّول بعد إسقاط الأنظمة ؟ وسوريا نموذجاً

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة

مدخل تاريخي
الثّورات وسؤال الزّمن

عبر التّاريخ شهدت شعوب كثيرة ثورات أطاحت بأنظمة استبدادية لكن النهوض بعدها لم يكن دائمًا سريعًا أو مستقيمًا
فالثورة لا تضمن النجاح بل تفتح الباب أمامه
فرنسا بعد الثّورة 1789 استغرقت أكثر من 80 عاماً لتستقر على نظام جمهوري مستدام بعد أن مرت بفوضى حروب وإمبراطوريات متعاقبة

روسيا بعد ثورة 1917
تحولت إلى دولة شيوعية لكن النهوض الاقتصادي الحقيقي لم يبدأ إلا بعد عقود، وبثمن باهظ من القمع

تونس ومصر بعد 2011
رغم إسقاط الأنظمة واجهتا تحديات اقتصادية وسياسية ولم يتحقق الاستقرار إلا تدريجيّاً وما زال هشّاً في بعض الجوانب

لكن سوريا بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024
تقدّم نموذجاً مختلفاً تماماً
نهوض سريع منظم ومشحون بالأمل

بعد أكثر من عقد من الحرب الدمار والشتات سقط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024 إثر تقدم المعارضة المسلحة نحو دمشق
ومنذ ذلك اليوم بدأت سوريا مرحلة انتقالية غير مسبوقة في سرعتها وعمقها

التحول السياسي
تعيين حكومة تصريف أعمال برئاسة محمد البشير، ثم حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشرع

إلغاء الدستور السابق وإصدار إعلان دستوري جديد في مارس 2025
تشكيل مجلس تشريعي مؤقت وإطلاق مؤتمر الحوار الوطني السوري

الأمن وتوحيد السلاح
اتفاق تاريخي مع قوات سوريا الديمقراطية لدمجها ضمن مؤسسات الدولة بما فيها المعابر وحقول النفط
عودة أكثر من 1.8 مليون نازح ولاجئ خلال ستة أشهر فقط

مواجهة فلول النظام السابق وهجمات إرهابية مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية

الاقتصاد والانفتاح الخارجي

رفع العقوبات الدولية وتدفق الاستثمارات من الخليج وأوروبا

زيارات رسمية للرئيس الشرع إلى السعودية تركيا مصر فرنسا والإمارات أعادت سوريا إلى الخارطة الدبلوماسية

مشاريع تنموية كبرى وإعادة إعمار المدن والبنية التحتية

لماذا تنهض سوريا بهذه السرعة؟

الوعي الشعبي
السوريون اليوم أكثر إدراكًا لخطورة الاستبداد وأكثر تصميمًا على بناء دولة مدنية

قيادة انتقالية متوازنة
أحمد الشرع يتبنى خطاباً تصالحيّاً ويتجنب الارتهان لمحاور خارجية

دروس الماضي
سقوط الأسد لم يكن مجرد حدث سياسي بل نتيجة تراكم أخطاء داخلية وخارجية من الطائفية إلى الفساد إلى الارتهان لإيران وروسيا

إرادة دولية داعمة
المجتمع الدولي مستعد للتعاون بشرط احترام حقوق الإنسان ووحدة سوريا

سوريا كجسر إلى المستقبل

سوريا الجديدة لا تبني فقط على أنقاض النظام السابق بل على إرادة شعبية عميقة في تجاوز الماضي
المرحلة الانتقالية الحالية هي اختبار حقيقي لقدرة السوريين على تفكيك إرث الاستبداد لا تجميله

وإذا استمرت القيادة الجديدة في الوفاء بوعودها فإن سوريا قد تصبح خلال سنوات قليلة نموذجاً عالميّاً في التحول السلمي والنهضة الوطنية بعد الثورة

عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى