إلغاء قانون قيصر : الفرص الاقتصاديّة والتّحدّيات المستقبليّة للاقتصاد السّوري

عكـس الاتّـجاه نيـوز _ مقالات
بقلم : عبد السّتار الموسى
في 10–11 ديسمبر 2025 أدرج الكونغرس الأمريكي مادة تلغي قانون Caesar Syria Civilian Protection Act (قانون قيصر) ضمن مسوَّدات قانون تفويض الدفاع (NDAA) وتمت الموافقة ضمن جلسات تشريعية متصلة. هذه الخطوة تمثّل تحولاً كبيراً في الإطار القانوني للعقوبات الأميركية تجاه سوريا، وتفتح نافذة لإمكانية عودة علاقات اقتصادية واستثمارات ونشاط تجاري أوسع بشرط استيفاء شروط وإجراءات تنفيذية لاحقة.
الإطار القانوني والسياسي (باختصار)
الإلغاء تمّ عبر إدراج بنود في مشروع قانون الدفاع الفدرالي FY2026 (NDAA)، وهو مسار شائع لتمرير تغييرات كبيرة بسرعة، ويحتاج توقيع الرئيس ليصبح نافذاً نهائياً.
بحسب النصوص والتقارير الأولية، هناك مؤشرات على وجود شروط إشراف أو آليات تصديق تتعلق بسلوك الحكومة السورية (مكافحة الإرهاب، حماية الأقليات، إلخ) قد تُلحق بتسلسل رفع العقوبات أو فتح المعاملات. هذا يعني أن الإلغاء ليس بالضرورة رفعاً فوريّاً وغير مشروط لكافة الإجراءات.
الآثار الاقتصادية المتوقعة وبحسب عدة خبراء وباحثين في الإقتصاد تواصلت معهم صحيفة عكس الاتجاه نيوز هو مزيج منهجي مراتبط بمدة (قصيرة، متوسطة، طويلة الأمد)
أولاً: أثر قصير الأمد (أيام — أسابيع)
إعلان الإلغاء يخفف حالة «المخاطرة التشريعية» ويؤدي إلى تحسّن معنويات المستثمرين الإقليميين (خاصة المستثمرين الخليجيين) الذين كانو قد وقعو عدة مذكرات تفاهم تجاه مشاريع إعادة الإعمار والاستثمارات التجارية. هذا تأثير نفسي مهم لكنه لا يترجم فوراً إلى تدفقات مالية كبيرة حتى صدور قواعد تنفيذية وتراخيص مصرفية.
كما أنه يؤدي إلى إنخفاض جزئي في كلفة الاقتراض وارتفاع الودائع بالدولار: توقُّعات تحسّن في السيولة المحلية (تحسين تدفقات التحويلات) قد تدفع بعض المواطنين لتقليل تحويلات نقدية خارجة أو إعادة جزء إلى النظام المصرفي، لكن التأثير العملي يعتمد على إعادة ربط النظام المصرفي السوري بالمعاملات الدولية. وفي هذا استدلال اقتصادي منطقي مبني على سلوك الأسواق بعد تخفيف العقوبات.)
ثانياً: أثر متوسط الأمد (أشهر — سنة)
فتح بوادر لمشروعات إعادة الإعمار والبنية التحتية: إلغاء قيصر قد يسمح لشركات إقليمية خصوصاً من السعودية وروسيا ولبنان وتركيا بالنظر في عقود إعادة إعمار كبيرة (طاقة، طرق، إسكان)، مما يرفع نمو الطلب المحلي ويخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة. تقارير متعددة رجّحت أن رفع قيصر سيُسهّل دخول استثمارات خليجية ومصادر تمويل كبيرة .
كما أنه سوف يؤدي إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الخارجية: تخفيف العقوبات يسهّل استيراد السلع الوسيطة و الوقود والدواء عبر قنوات رسمية، ما يخفف ضغوط التضخم التي نتجت عن العقوبات وقيود التوريد. هذا يتوقّع أن ينعكس في استقرار تدريجي لسعر الصرف مع تحسّن في الاحتياطات النقدية إذا ترافق مع تحويلات واستثمارات ملحوظة. هذا جزئيّاً استنتاج منطق السياسات التجارية.
ثالثاً: أثر بعيد الأمد (سنتان فأكثر)
إعادة اندماج تدريجية مع الأسواق الدولية: في حال توفّرت ضمانات سياسية وشفافية نسبية، ستعود شركات التأمين والتمويل الدولية للعمل، ما يسمح بتمويلات إعادة الإعمار الكبيرة. لكن التوقيت ومسار العودة يعتمد على وضوح الضمانات القانونية لجهات المقرضين والمستثمرين.
وفي هذا تغيّر هيكلي محتمل للاقتصاد: من الاقتصاد القائم على السوق السوداء واعتماد كبير على المتدخلات الخارجية والتمويل غير الرسمي، إلى اقتصاد أوسع تداولاً رسمياً وإنشاء قطاعات إنتاجية أكبر شرط وجود سياسة اقتصادية داخلية مستمرة وجدية في الإصلاحات.
تأثيرات قطاعية محددة:
القطاع المصرفي: الحاجة لإعادة الربط بالمراسلات المصرفية الدولية (nostro/vostro)؛ سيحتاج المصرف المركزي إلى استعادة ثقة البنوك المراسلة وتطبيق قواعد غسيل أموال ومكافحة تمويل الأرهاب مقبولة دولياً، حتى مع الإلغاء الإجراءات المصرفية التقنية ستأخذ وقتاً.
الطاقة والنفط: إمكانية زيادة الاستثمارات في إعادة تأهيل الحقول ومحطات التكرير، لكن الشركات الكبرى ستنتظر وضوح الضمانات القانونية وتأمين الحماية السياسية.
الإنشاءات وإعادة الإعمار: قطاع مرشح للانتعاش المبكر من خلال عقود إقليمية — خاصة مواد البناء والطاقة والنقل. تقارير صحفية تشير إلى اهتمام خليجي بتمويل مشاريع إعادة الإعمار في حال رفع العقوبات.
العمالة والتحويلات: تحسّن جزئي في الطلب على اليد العاملة؛ جذب عودة بعض الاستثمارات قد يعيد تدفّق التحويلات من المغتربين ويخفف الاعتماد على السوق السوداء.
المخاطر والقيود الواقعية (لماذا الرفع لا يعني «نهاية المشاكل»)
- تبعات قانونية ثانوية ومخاطر ثنائية بعض الدول هناك شركات قد تظل حذرة إذا كانت لها مصالح أو تعاملات مع الولايات المتحدة أو حلفائها؛ تبقى مخاطر العقوبات الثانوية عبر قوانين أو قرارات تنفيذية أخرى.
- ثقة المستثمرين مرتبطة بالاستقرار السياسي: المشاريع الكبيرة تتطلب ضمانات سياسية وقانونية (عقود، تأمين ضد المخاطر السياسية). غياب هذه الضمانات يبطئ التدفق الاستثماري.
- تأثير الممارسات السابقة للحرب والفساد: ضعف الشفافية قد يعيق ضخ التمويل الدولي الرسمي أو المؤسسات متعددة الأطراف دون شروط إصلاح.
- الاعتماد على رؤوس أموال إقليمية ذات أهداف سياسية: بعض رؤوس المال قد تأتي بهدف نفوذ سياسي أكثر من نمو اقتصادي مستدام، ما قد يعقّد الأهداف التنموية.
توصيات عملية لكل جهة فاعلة
على الحكومة السورية إن كانت تسعى لانتعاش اقتصادي مستدام
إصدار خارطة طريق واضحة للإصلاح الاقتصادي الحكومي من خلال الشفافية و إجراء إصلاحات شاملة قضائية ، مكافحة فساد، وحماية المستثمرين
العمل سريعاً على تحسين بيئة الأعمال: عقود واضحة وقانون لحماية المستثمرين، وفتح قنوات للبنوك المراسلة.
التعاون مع جهات مانحة إقليمية ودولية لتأمين تمويل مرحلي للمشاريع الأساسية طاقة ومياه وصحة.
إلغاء قانون «قيصر» يمثل نقطة تحول محتملة مهمة للاقتصاد السوري: يفتح الباب أمام إعادة الإعمار، ويخفض جزءاً من الشكوك القانونية، ويخلق فرصاً تجارية واستثمارية لكن الترجمة الملموسة لهذه الفرصة إلى نمو اقتصادي واستقرار اجتماعي مستدام تعتمد بقوة على ثلاثة عناصر: وضوح التنفيذ والضمانات السياسية، إصلاحات داخلية لبنية الحكم والمالية، وثقة المستثمرين الممولين. بدون هذه العوامل، يبقى الإلغاء قراراً إيجابياً رمزياً لكنه محدود الأثر الحقيقي .
عكـس الاتّجـاه نيـوز
الحقيقـة الـكاملـة
معاً نصنع إعــلاماً جـديداً




