من العلماء إلى الكلاب البشربةهذا ليس انحلالا هذا اغتيال جماعي للوعي

مهرجان عالمي لانهيار المعاير
بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
من البنكو الى التيتكوتر تتدحرج الحضارة ككرة زجاجية فوق منحدر مدهون بالترند
حيث يُكسر قلم العالم ويُستبدل بالفلتر
ويُسقط المعلم من منصة الوعي ويُرفع المؤثر فوق منصة الضجيج في زمن لا يطلب الحقيقة
بل يطلب عدد المتابعين لا يبحث عن المعنى بل عن الضربة السريعة
لا يقرأ بل يمرر إصبعه على الشاشة كمن يمرر روحه على حافة الهاوية
البنكو ليس مجرد مال بل هو فلسفة انهيار حيث يُستبدل الجهد بالضربة ويُحتفل بالاحتيال
كذكاء ويُكافأ الكسب اللحظي كأنه بطولة وطنية
جيل يتفاخر بأنه لم يتعب ويحتقر من تعب
جيل يرى في السرعة فضيلة وفي الصبر عارا
النتيجة انهيار الثقة وتفكك المعنى وتحول المجتمع الى كازينو أخلاقي لا يؤمن الا بالمكسب اللحظي ولا يعرف طعم الإنجاز
المثلية حين تتحول الى ترند لا الى هوية تفقد الإنسان عمقه وتتحول الى أداة استعراض أو سلاح سياسي بدل ان تكون مساحة لفهم الذات واحترام التنوع تتحول الى مادة للاستهلاك والانقسام وتخلق توترا نفسيا وأخلاقيا لا يهدأ وتُستخدم كقنبلة رمزية في معارك لا علاقة لها بالكرامة
الكلاب البشربة ليست مجرد ظاهرة بل هي انقلاب في سلم الكرامة حيث يُدلل الحيوان ويُهمل الإنسان الكلب يصبح أميرا والمواطن رقما في خوارزمية الكرامة تُعاد صياغتها وفق معايير التسويق لا وفق جوهر الإنسانية هذا الانقلاب يفضح أزمة الانتماء ويكشف هشاشة الهوية في مجتمعات تائهة تحتفل بالفراغ وتُهمل الجرح
التيتكوتر لم يعد منصة للتعبير بل تحول الى سيرك رقمي يكافئ من يرقص على معلومة ويعاقب من يطرح سؤالا يخلق حالة من الإدمان البصري ويحول الوعي النقدي الى ضجيج متقطع ويعيد تشكيل العقل الجمعي وفق خوارزميات الترفيه لا أسئلة
الوجودفي قلب هذا الانهيار تتجلى جريمة رمزية كبرى انهيار صورة العلماء كما قال هيكل اذا اردت ان تهدم امة فاهدم صورة علمائها وهذا ما يحدث حين يُستبدل المفكر بالمؤثر ويُستبدل الباحث بمن يرقص على معلومة
ويُستبدل المعلم بمن يبيع دورات فارغة جيل لا يثق بالعلم بل بالترند
لا يسأل لماذا بل يسأل كم عدد المتابعين
الفنان محمد صبحي أطلق صافرة الإنذار حين قال ان هدم الأسرة وهدم التعليم وإسقاط القدوات هي ثلاث رصاصات في صدر الحضارة
وهكذا تتقاطع البنكو مع هدم التعليم والكلاب البشربة مع هدم الأسرة والتيتكوتر مع إسقاط القدوة
نحن لا نسقط القدوة نحن نعيد تدويرها في إعلان مسحوق غسيل
نحن لا نحارب الجهل بل نحتفل به
نحن لا نرفض الانهيار بل نعيد تسويقه كحرية
ما يحدث ليس تفككا بل إعادة برمجة للوعي جيل يُربى على المقارنة لا على التأمل
جيل يُكافأ على الضجيج ويُعاقب على العمق
جيل يُقال له كن نسخة لا كن أنت جيل يُطلب منه أن يصرخ لا أن يفكر أن يستهلك لا أن يسأل أن يرقص لا أن يكتب في المجتمعات العربية اليوم نعيش لحظة انزلاق ناعم نحو الفراغ التحول الرقمي الذي كان يُفترض أن يكون أداة للتمكين تحول في كثير من الحالات الى أداة للتفريغ
الترندات الرقمية خلقت نمطا جديدا من الاستهلاك استهلاك الهويات استهلاك القيم وحتى استهلاك الألم الاقتصاد الرقمي ينمو لكن الوعي لا ينمو معه بنفس السرعة هناك فجوة بين من يملك أدوات التقنية ومن يملك أدوات الفهم
وهذا ما يخلق مجتمعًا متصلا لكنه معزول متفاعلا لكنه مفكك متقدما رقميا لكنه متأخر إنسانياالنتيجة
جيل يعيش قلقا وجوديا يشعر باللاجدوى يُربى على المقارنة لا على التأمل يُطلب منه أن يكون نسخة لا أن يكون نفسه يُقال له كن ترندا لا تكن إنسانا
هذا المقال ليس مقالا بل بيان مقاومة صرخة ضد حفلة السقوط الجماعي مشروع تحريضي يعيد الاعتبار للكرامة والمعنى دعوة لإعادة تعريف الإنسان وسط زحف الخوارزميات
ولنا متابعات
#عكس_الاتجاه_نيوز
#الحقيقة_الكاملة
#معاَ_نصنع_إعلاماً_جديداً
لمتابعة آخر الأخبار والتّطورات على موقعنا الإلكتروني
: 👇👇
www.aksaletgah.com