قمة ألاسكا حين تصافح بوتين وترامب على جمر الجغرافيا السّياسيّة فهل بدأت إعادة تدوير النّظام الدّولي ؟

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في زمن تتبدّل فيه التّحالفات كما تتبدّل خرائط الطّقس جلس فلاديمير بوتين ودونالد ترامب وجهاً لوجه لا ليصافحا بعضهما بل ليعيدَا رسم حدود النّفوذ العالمي
قمة ألاسكا لم تكن لقاءً دبلوماسيّاً تقليديّاً بل لحظة مفصليّة في تاريخ الجّغرافيا السّياسيّة حيث تداخلت المصالح وتكسّرت المبادئ وبدأت ملامح نظام دولي جديد تتشكّل في الظل
أولاً
ما الذي قيل وما الذي لم يُقال؟
النتائج المعلنة
الملف الأوكراني طُرحت هدنة مشروطة مقابل اعتراف أميركي ضمني بسيطرة روسيا على القرم ما أثار انقساماً حاداً داخل أوروبا العقوبات الاقتصاديّة
روسيا طالبت بتخفيف العقوبات الغربية
وترامب أبدى استعداداً مشروطاً ما يعكس تحوّلاً في أدوات الضغط المعادن النادرة
جرى التّفاهم حول تقاسم النفوذ في سوق المعادن الأرضية النادرة في خطوة تعكس تداخل المصالح الاستراتيجية رغم الصراع العسكري التجارة الثنائية رغم انهيار العلاقات التجارية منذ 2022 حيث أبدى الطرفان رغبة في إعادة تفعيلها ولو بشكل محدود
ما لم يُعلن
صفقات خلف الكواليس
منها ما يتعلق بإعادة إعمار أوكرانيا بتمويل أميركي مشروط مقابل ضمانات روسية بعدم التصعيد
تقاسم النفوذ الإقليمي تفاهمات غير معلنة حول مناطق النفوذ في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية
رسائل انتخابية ترامب استخدم القمة كمنصة انتخابية ما يثير تساؤلات حول جدية التفاهمات
ثانياً
أوكرانيا بين التهدئة والمساومة
القمة لم تنه الحرب لكنها مهّدت الطريق لهدنة مشروطة قد تعيد ترتيب أولويات الصراع دخول أوكرانيا في سوق المعادن النادرة بدعم أميركي قد يكون جزءا من تفاهمات غير معلنة مع روسيا ما يعكس تعقيد المشهد الجيوسياسي وتداخل المصالح بين الخصوم
ثالثاً
أوروبا في مواجهة التفكك
تصدّع الموقف الأوروبي القمة أحدثت شرخاً في وحدة الموقف الأوروبي تجاه روسيا خاصة مع تباين المواقف بين باريس وبرلين من جهة وواشنطن من جهة أخرى
الانعكاسات الاقتصادية أي تخفيف للعقوبات قد ينعش الاقتصاد الأوروبي عبر خفض أسعار الطاقة لكنه يُضعف أدوات الضغط على موسكو
تصاعد الشعبوية الخطاب الترامبي قد يُغذي التيارات اليمينية في أوروبا ما يهدد بتفكك التوافق السياسي الداخلي
رابعاً
الشرق الأوسط بين إعادة التموضع والتوجّس
بسواق الطاقة عودة النفط الروسي إلى الأسواق قد تؤثر على أسعار النفط الخليجي وتعيد ترتيب التحالفات الطاقوية بالملف السوري والإيراني روسيا قد تطلب من واشنطن تخفيف الضغط على حلفائها في الشرق الأوسط مقابل تنازلات في أوكرانيا ما يعيد خلط أوراق النفوذ الإقليمي الانعكاسات الاجتماعية أي اضطراب في أسعار الطاقة أو التحالفات الأمنية سينعكس على المجتمعات العربية خصوصاً في الدول ذات الهشاشة الاقتصادية
خامساً
هل تعيد هذه القمة التوازنات الدولية؟
الإجابة ليست مباشرة لكنها تميل إلى
نعم مشروطة
فالقمة لم تُسفر عن اتفاقيات رسمي لكنها حملت إشارات قوية إلى بداية إعادة تدوير النظام الدولي
كسر العزلة الروسية استقبال بوتين في ولاية أميركية يُعد اعترافاً ضمنياً بدوره الدولي رغم العقوبات
إعادة تعريف التحالفات القمة فتحت الباب أمام تحالفات جديدة قائمة على المصالح الاقتصادية لا المبادئ السياسية
توازن اقتصادي جديد التفاهمات حول الطاقة والمعادن قد تُعيد رسم الخريطة الاقتصادية العالمية وتؤثر على مراكز النفوذ التقليدية
تفاهمات غير معلنة ما لم يقال في القمة قد يكون أكثر تأثيراً من التصريحات الرسمية خاصة في ما يتعلق بتقاسم النفوذ في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط
سادساً
انعكاسات القمة على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية
تصدّع في المواقف تجاه روسيا
تصاعد الشعبوية والاحتجاجات
اضطراب في سوق الطاقة بالشرق الأوسط
إعادة تموضع التحالفات
قلق شعبي من تداعيات الطاقة
تقلبات في أسعار النفط والغاز
وأخيراً وليس آخراً
قمة ألاسكا لم تغلق الملفات بل فتحت أدراجاً جديدة في مكاتب القرار العالمي
لم تكن لحظة تفاهم بل لحظة إعادة تعريف للنفوذ حيث لم توقّع اتفاقيات لكن تم تبادل إشارات قد تغيّر وجه العالم
ما جرى خلف الأبواب المغلقة قد يكون أخطر مما ظهر أمام الكاميرات
فالعالم لا يعاد تشكيله في المؤتمرات بل في الصفقات التي لا تعلن وبينما ينتظر العالم نتائج ملموسة
و يبقى السؤال الأهم
هل كانت القمة بداية لنهاية الحرب أم بداية لحرب من نوع جديد؟
وهل دشنت فعلاً مرحلة جديدة من التّوازنات الدّوليّة أم أنّها مجرّد هدنة بين جولات الصّراع ؟
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً