ترامب والشّرق الأوسط .. تحوّلات غير مسبوقة في مسار السّلام الإقليمي

عكس الاتّجاه نيوز _ مقالات
بقلم د. خالد الخالد
يشهد الشّرق الأوسط لحظة مفصليّة في تاريخه الحديث مع عودة الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى واجهة الأحداث ، في ظل متغيرات سياسيّة وأمنية غير مسبوقة منذ عقود .
فانتهاء حرب غزة وبداية ما يبدو كعملية سلام شاملة يَعدّها ترامب إنجازاً تاريخياً يعيد رسم ملامح المنطقة لعقود قادمة. هذه التطورات لا يمكن قراءتها بمعزل عن التحولات الكبرى في بنية العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية – العربية، ولا عن إعادة تشكيل خريطة المصالح الاستراتيجية والاقتصادية في الإقليم.
أولاً: وقف الحرب وإعادة ضبط الإيقاع الإقليمي
من أبرز المؤشرات على نجاح السياسة الترامبية الجديدة هو إيقاف حرب غزة على الرغم من عدم رغبة الأطراف المتحاربة في ذلك. فبينما أصرّ كل من نتنياهو وحركة حماس على استمرار المعركة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، استطاع ترامب استخدام نفوذه السياسي والاقتصادي لإجبار الأطراف على وقف النار، مستفيداً من تعب المجتمع الدولي وضغط الرأي العام الأمريكي.
ثانياً: إعمار غزة كمدخل للسلام
تأتي عملية إعادة إعمار غزة في صلب الرؤية الترامبية، التي تعتمد على تعبئة الموارد المالية الدولية، خصوصاً من الدول الغنية في الخليج وأوروبا، لتكون أداة ضغط ناعمة في مسار التسوية.
ويسعى ترامب من خلال إشراك كبرى الشركات العالمية في الإعمار إلى تجاوز شبكات الفساد المحلية وضمان شفافية التنفيذ، ما يجعل الإعمار نفسه جزءاً من عملية السلام وليس مجرد استجابة إنسانية مؤقتة.
ثالثاً: فرض حل الدولتين وتوحيد الصف الفلسطيني
للمرة الأولى منذ سنوات، يبدو أن الإدارة الأمريكية تتجه نحو فرض حل الدولتين كخيار إلزامي، وليس تفاوضياً.
ويُتوقع أن تمارس واشنطن ضغوطاً مكثفة لتوحيد المؤسسات الفلسطينية وإنهاء الانقسام بين غزة والضفة، بما يفتح الطريق أمام دولة فلسطينية ذات سيادة محدودة ولكن معترف بها دولياً، في إطار ترتيبات أمنية صارمة تضمن أمن إسرائيل واستقرار المنطقة.
رابعاً: سوريا ولبنان… من الفوضى إلى الدولة
من المحاور الأكثر حساسية في الرؤية الترامبية ما يتعلق بـ سوريا ولبنان.
ففي الملف السوري، تسعى واشنطن لفرض وحدة الدولة ومنع التقسيم، مع دعم سياسي واقتصادي واسع لإقامة دولة مركزية حديثة.
وفي لبنان، تشير التصريحات الأمريكية إلى توجه نحو استعادة سيادة الدولة اللبنانية من خلال حصر السلاح بيد الجيش وضمان تطبيق القرارين 1559 و1701، تمهيداً لتسوية أمنية مع إسرائيل تضع حداً لحالة الحرب المفتوحة.
خامساً: مسار التطبيع الإقليمي الشامل
بعد استكمال الملفات الفلسطينية والسورية واللبنانية، يتوقع أن يبدأ ما يسميه ترامب بـ “قطار السلام الإقليمي”، عبر اتفاقيات تطبيع جماعية تشمل الدول العربية المجاورة لإسرائيل، برعاية سعودية مباشرة يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويعتمد هذا المسار على حوافز اقتصادية ضخمة، تشمل مشروعات استثمارية عابرة للحدود، وبنى تحتية للطاقة والاتصال، تشكل في مجملها ما يمكن وصفه بـ”شرق أوسط جديد” تقوده المصالح المشتركة لا النزاعات الأيديولوجية.
وفي النهاية مهما كانت التحفظات على أسلوب ترامب وخطابه السياسي، لا يمكن إنكار أنه أول رئيس أمريكي استطاع أن يدير السياسة والرأي العام في إسرائيل، لا أن يُدار من خلالها.
فإن نجحت خطته في تحقيق سلام شامل، فستدخل المنطقة مرحلة استقرار تاريخي طال انتظارها.
أما إن فشلت، فقد تعود الحروب والصراعات لقرون قادمة، في دورة جديدة من الدم والدمار.
يبقى السؤال مفتوحاً: هل يكون ترامب صانع السلام غير المتوقع، أم آخر الحالمين بإعادة تشكيل الشّرق الأوسط على طريقته الخاصة؟
د.خالد الخالد.
14/10/2025.
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً