” أحمد الشّرع ” العقل المدبّر الذي أعاد هندسة الشّرق ، فكان بين الذّكاء الحربي و الدّهاء السّياسي

بقلم : محمد ضياء الدّين بديوي
تحوّل استراتيجي أعاد تشكيل المشهد السّوري والعربي ، لقد شهدت السّاحة السّوريّة في السّنوات الأخيرة تحوّلات دراماتيكيّة كان أبرزها صعود أحمد الشّرع من قائد ميداني إلى شخصية سياسيّة محوريّة .
هذا التّحوّل لم يكن مجرد انتقال في الأدوار ، بل كان إعادة صياغة للمنهج السّياسي والعسكري في المنطقة تجلّى في قرارات مفصلية مثل سحب قوات الأمن العام من السويداء بعد التدخل الإسرائيلي
وما تبعه من تداعيات إقليمية غير مسبوقة.
إن القرار مفاجئ وله رؤى و انعكاسات فإنه بلحظة فارقه..
اتّخذ الشّرع قراراً بسحب قوات الأمن العام من السويداء..
وهو قرار فُهم على أنه إعادة تموضع استراتيجي في مواجهة التدخل الإسرائيلي.
هذا الانسحاب لم يكن تراجعاً
بل خطوة تكتيكيّة أربكت الحسابات الإسرائيلية والدولية وحتى المراقبين من الكحومات العالمية من امريكا الى روسيا الى الصين الى اوربا ممادفعت الصقور في اسرائيل إلى حالة
من [ الحيص بيص ] كما وصفها مراقبون.
وتوحيد القبائل العربية
يدرك الرّئيس الشرع أن البدو والقبائل والعشائر العربيّة لا ينسون ثأرهم
وأنهم يتحرّكون وفق منظومة شرفيّة متجذّرة. وقد استطاع بدهائه السّياسي أن يوظف هذه المنظومة لصالحه ولأول مرة في تاريخ المنطقة العربية تجمع أكثر من مائة ألف مقاتل من رجال العشائر في ظرف ساعات قليلة
فشهدنا لأول مرة منذ عقود توحيداً غير مسبوق للعشائر من سوريا إلى الأردن ، العراق السعودية وحتى امتداد التأثير إلى قبائل مصر ليبيا السودان تونس والمغرب. هذا الحراك العشائري لم يكن عفوياً ، بل نتيجة هندسة سياسية دقيقة..
استثمر واستشعر الشّرع فيها بأن هناك إرثاً اجتماعيّاً عميقاً لايمكن لأي قوى عالمية هزيمتها .
وذلك مما أجبر كثيراً من الدّول إعادة الحسابات وإنّ التّحوّل في موقف حكمت الهجري
أمام هذا الزخم الشعبي والعشائري..
وجد نفسه في موقف سياسي وفكري جديد ، حيث انتقل من موقع الرفض إلى موقع الرجاء طالباً من الشّرع التّدخّل لوقف القتال بينه وبين رجال العشائر العربية .
وبل إن الهجري ظهر أمام الجميع كرجل معتوه وأبله فقد البوصلة الاجتماعية والسياسية و الدينيّة وقد حملته كل الطائفة الدرزية مسؤولية ما حدث من إراقة للدماء
إنّ هذا التّحول يعكس ليس فقط قوة الشرع السياسية
بل أيضاً قدرته على إعادة تشكيل مواقف النّخب الدّينية والعشائرية وحتى النخب الفكرية والعلمية والاجتماعية في سوريا.
مما دعا كثير من الدول الإقليمية والدولية إلى الترقّب ومشاهدة
التّحركات التي قادها الشّرع
والتي لم تبقَ ضمن الحدود السّوريّة
بل امتدت لتؤثر في التوازنات الإقليمية.
و إنّ إسرائيل التي اعتادت على تفكيك الجبهات العربية
وجدت نفسها أمام جبهة عشائرية موحدة يصعب اختراقها أو تفكيكها.
كما أن الدول العربية بدأت تعيد حساباتها تجاه سوريا….
مدفوعةً بواقع جديد فرضه الشرع..
يقوم على وحدة القرار الشعبي والعشائري..
وليس فقط على التحالفات الرسمية.
ولو تمحصنا برهة قي شخصية الشرع نرى أن
التحول من الذكاء الحربي إلى الدهاء السياسي لم يكن وليد اللحظة
بل نتيجة تراكم معرفي وتجارب الشرع الذي خاض معارك ميدانية شرسة بات اليوم يُنظر إليه كمهندس سياسي قادر على إدارة ملفات معقدة من العلاقات الدولية إلى التوازنات الداخلية مروراً بإعادة بناء الدّولة على أسس جديدة.
وقد وصفته بعض التّحليلات بأنه
رجل الدولة بعد أن كان رجل الجماعة..
وعليه .. فإن ما قام به أحمد الشرع لا يمكن اختزاله في قرار عسكري أو موقف سياسي
بل هو إعادة تعريف للدور القيادي في سوريا والمنطقة.
لقد استطاع أن يوظف الذكاء الحربي في خدمة مشروع سياسي عابر للحدود،
وأن يحول العشائر من كيانات اجتماعية إلى أدوات ضغط سياسي
وأن يفرض نفسه كرقم صعب في المعادلة الإقليمية والدولية
وفي ظل هذا المشهد يبدو أن سوريا تدخل مرحلة جديدة
عنوانها:
الدّهاء السّياسي في مواجهة التّحدّيات التّاريخيّة .
عكس الاتجاه نيوز
الحقيقة الكاملة
معاَ نصنع إعلاماً جديداً