أردوغان يشعل خرائط الشّرق و سوريا في قلب الزّعامة والنّار السّياسيّة

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في زمن التّردد والانكسار يخرج رجب طيب أردوغان بخطاب لا يشبه سواه خطاب لا يقرأ بالحبر السّياسي فقط بل يفهم بنبض الزّعامة وبوصلة التّاريخ وجرأة القرار إنه خطاب قائد لا يكتفي بإدارة الأزمات بل يحولها إلى فرص ويعيد تشكيل المشهد الإقليمي بيد من نار وأخرى من نور
أردوغان لا يتحدث كسياسي عابر بل كمهندس استراتيجيات يعرف متى يرفع الصوت ومتى يمد اليد ومتى يضرب على الطاولة في خطابه الأخير عن سوريا لم يكن يشرح موقفا بل يرسم خارطة جديدة ويعلن ولادة مرحلة تتجاوز الجغرافيا وتعيد الاعتبار للهوية المشتركة بين الشعوب
منذ سنوات أثبت أردوغان أنه لا يدار بالأزمات بل يديرها من محاولة الانقلاب إلى الزلازل من ملفات اللاجئين إلى المعارك الدبلوماسية ظل ثابتا صلبا لا ينكسر بل يزداد قوة كلما اشتدت العواصف واليوم يضع سوريا في قلب خطابه لا من باب المجاملة بل من باب المسؤولية التاريخية
فأردوغان وسوريا خطاب يتجاوز الجغرافيا ويعيد رسم خرائط الرمزية السياسية
و في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة أطلق الرئيس التركي خطابا سياسيا ناريا حول سوريا حمل في طياته رسائل مشفرة ودلالات رمزية وتحولات استراتيجية لا يمكن تجاهلها لم يكن مجرد تصريح عابر بل إعلان نوايا يعيد تموضع تركيا في المشهد السوري ويكشف عن رؤية جديدة تتجاوز الحسابات العسكرية إلى مشروع وحدوي إقليمي
و هناك رسائل مرسلة من أنقرة إلى دمشق ومن الحدود إلى التاريخ ألا و هي
_ إلى النظام السوري أردوغان يمد اليد لا ليصافح فقط بل ليعيد تعريف العلاقة من صراع إلى شراكة دعوته لدمج القوى المحلية ضمن الجيش السوري ليست مطلبا أمنيا فحسب بل إقرار بشرعية الدولة السورية ووحدتها
_ إلى القوى الكردية التحذير من التنظيمات الإرهابية يحمل نبرة حاسمة لكنه يفتح بابا للتسوية المشروطة من يندمج في الدولة يحتضن ومن يراهن على الانفصال يقصى
_ إلى المجتمع الدولي تركيا لم تعد تقبل أن تدار سوريا من خلف الستار رفع العقوبات ودعم إعادة الإعمار هو موقف إنساني وسياسي يضع أنقرة في موقع المدافع عن الشعب السوري أمام تواطؤ دولي مزمن
_ إلى الداخل التركي أردوغان يذكر شعبه بأن القضية السورية ليست عبئا بل امتدادا تاريخيا وأخلاقيا وأن تركيا لا تتخلى عن جيرانها في لحظات المحنة
أما الدلالات الرمزية حين يتحدث التاريخ بلسان السياسة فهي
_ التحالف الثلاثي أتراك أكراد عرب هو استدعاء لذاكرة الدولة العثمانية لا من باب الهيمنة بل من باب التعايش إنه خطاب ما بعد القومية حيث الهوية المشتركة تتفوق على الانتماءات الضيقة
_ رفض التقسيم ليس مجرد موقف جيوسياسي بل إعلان مقاومة ضد مشاريع التفتيت التي أريد لها أن تكون قدرا للمنطقة أردوغان هنا لا يدافع عن سوريا فقط بل عن وحدة الشرق الأوسط
_ الخطاب الإنساني الجامع يضع تركيا في موقع الحاضن الإقليمي لا المتدخل حين يقول نحو مستقبل مشترك دون تمييز فهو يكتب بيانا تأسيسيا لعصر جديد من العلاقات العابرة للطوائف والعرقيات
و الإيجابيات السياسية حين تتحوّل الكلمات إلى جسور فهي
_ إعادة الاعتبار للدولة السورية الاعتراف الضمني بشرعية الحكومة السورية الجديدة هو تحول نوعي في الموقف التركي يفتح الباب أمام تطبيع سياسي واقتصادي
_ كسر العزلة الدولية دعم مشاركة سوريا في الأمم المتحدة هو خطوة جريئة لكسر الحصار الدبلوماسي ويمنح تركيا دور الوسيط النزيه
_ إطلاق مشروع سلام إقليمي الخطاب يضع أسسا لتحالف إنساني وسياسي يمكن أن يكون نواة لحل شامل في سوريا والعراق ولبنان
_ تعزيز الأمن القومي التركي دون حرب أردوغان يطرح معادلة جديدة لا حاجة للتدخل العسكري إذا تم دمج القوى المحلية ضمن الدولة السورية إنه أمن عبر السياسة لا عبر المدافع
فخطاب أردوغان الأخير ليس مجرّد موقف تركي من سوريا بل هو بيان سياسي يعيد تعريف دور تركيا في الشرق الأوسط إنه خطاب يتجاوز الجغرافيا ويعيد الاعتبار للتاريخ ويؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الوحدة في وجه التفتيت والكرامة في وجه التبعية وبين السطور يكتب أردوغان رسالة إلى العالم سوريا ليست ساحة صراع بل قلب نابض للهوية المشتركة ومن يراهن على تقسيمها يراهن على كسر نبض المنطقة كلها
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً