المقالات

القمة العربية؛ من عاد الى من؟
بيروت ؛ ٢-٦-٢٠٢٣
ميخائيل عوض
حضرت سورية القمة العربية بعد ان جمدت عضويتها ولزمن قصير احتلت المعارضة مقعدها حتى اسقط الاخوان المسلمين في مصر ورفضت مصر السيسي ان يشغل المقعد احدا الا الدولة السورية.
من عاد الى من؟ عاد العرب الى سورية ام سورية الى الحضن العربي؟
جواب حسمه الرئيس الاسد ببضعة كلمات في القمة؛ فعرف الحضن والحاضن وصاحب القضية، فسورية قلب العروبة والعروبة في قلبها.
في واقع الحال؛ سورية وحدها امسكت بجمر العروبة ودفعت الاثمان الباهظة ولم تصالح ولا طبعت ولا تخلت عن حرف واحد من عروبتها بل اكدتها وعرفتها عندما اختارت جانب ايران في حرب صدام الممولة من عرب واجانب فمنعت ان تتخذ الحرب صفة عربية فارسية، او سنية شيعية، وحالت دون تحول العروبة الى حذاء مطاطي بأقدام الاطلسي ليخوض بها في الاوحال ومكبات النفايات.
تشكلت دولة قائدة قاعدة لخيار المقاومة ثم لمحورها، وقبلت التحدي وخاضت الحروب وحاربت في بنيتها وجغرافيتها وتنتصر في الحرب العالمية العظمى التي استهدفتها، ولم تغير ولا تغيرت، وصبرت على تامر العرب والعجم. وبرغم انهم اعلنوا الحرب عليها ومولوها هي لم تعلن الحرب على احد ولم تقطع شعرتها المعاوية، ورفضت ان يملى عليها موقف او قرار ولم تزل عند طبائعها والتزاماتها سيدة خياراتها برغم ما تعيشه من افقار وجوع وافتقاد لأبسط حاجات الحياة، من الطاقة والغذاء والصحة.
وهي على هذه الحال من الثبات على طبائعها والتزاماتها دعيت للقمة وذهبت وأكدت على ما هي عليه.
اذن؛
هي لم تذهب عند احد، ولا استجابت للشروط او الاملاءات، وقبل ان تذهب هي فرضت شروطها، وعندما تحققت ذهبت.
طالبوها وحاربوها ودمروها تحت شرط ان تفك علاقتها بإيران وفلسطين وفصائل المقاومة وعلى رأسهم حزب الله، وبعد ١١ عاما وقبل ان تذهب الى القمة ذهبوا هم عند ايران وصالحوها ويتفاوضون مع حزب الله وحماس والحوثيين ذاتهم الذين كانوا ذريعة حروبهم على سورية.
مرة اخرى؛ الوقائع المعاشة والاحداث الجارية تجيب بحزم وتقول بصراحة؛  هم من اتوا اليها والى مشروعها وتحالفاتها بما في ذلك تعزيز علاقتهم بالروسي حليفها المقاتل معها والصين التي كانت سورية هي اول من دعى العرب لتغيير اشرعتهم والاتجاه شرقا حيث تبزغ الشمس، وبحسب المقولات التاريخية؛ دمشق هي اول واخر الشرق.
ومصر التي مازالت تتمهل في العودة الى الحضن وتردد، يبدو انها ستذهب الى طهران لتأكيد صحة الخيارات السورية وللعبور الى دمشق وهذه ايضا شهادة نوعية لسورية وبعض وقائع الجواب من ذهب الى من؟؟
عن القمة وحضور سوريا ومستقبل العرب والاقليم؛
قيل وسيقال الكثير، فهي حدث نوعي وتحول لم يسبق ان حصل مثله منذ قرن ونيف، فقد ورث العرب نظم وجغرافية مصنعة محتربة، لاذ بعضها بالغرب وبإسرائيل لحماية انفسهم وبددوا الثروات والامكانات والقدرات في احترابهم، وفي تمويل الحروب والصناعات العسكرية الاطلسية، ولصالح أعدائهم ثم وبعد ان استنفذوا الكثير وجربوا الرهانات، وايقنوا ان لا مصلحة لهم باستمرار ما كان. قرروا الخطوة الاولى في طريق الالف ميل لإعادة نظم امورهم وتسوية خلافاتهم والتصالح والشروع في استثمار ثرواتهم في وجغرافيتهم ولشعوبهم  وتحولهم هذا يأتي بعد ان جربوا الحروب والولاء للخارج- فلا صحبة الا بعد مشكلة.
ومصالحتهم مع ايران حدث ايضا لم يحصل منذ نصف قرن وهي خطوة نوعية مغيرة في احوال الاقليم والاقليم يغر احوال العالم والعالم في حقبة التغيرات النوعية الجارية لتخليق نظام عالمي جديد على وقع ولادة عالم جديد ودخول الحضارة الانسانية عصرها الثالث.
الصحيح؛ ان القمة والمصالحات لم تترجم بعد بانفراجات اقتصادية واجتماعية ومازال السوريون يفتقدون الكهرباء والمحروقات وابسط الحاجات ويعانون الامرين، ولم تنعكس المصالحات والقمة بقرارات عملية جريئة تكسر الحصار وتسقط العقوبات ولا ادت الى موقف عربي حازم يتضامن مع سورية لطرد الأمريكي والتركي وتصفية الارهاب واستعادتها لسيادتها وثرواتها، الا ان الخطوة الاولى قد بدأت والبقية اتية لاريب بحكم الحاجات والوقائع والصيرورات والوعد ان يعود العرب الى الجغرافية والتاريخ ويتشكلون قوة محورية في سياق الجاري من اعادة تشكل العالم والاقليم.
كيفما قرأت التطورات والاحداث الجارية تندرج في انها لحظات تحول تاريخي وعكس للمسارات، ونقطة بداية لم تستنفذ بعد احتمالات الانقلاب عليها وان كانت فرص تراسخها وكل يوم تتعزز.
للبحث صلة.
 
 
 
 
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى