منقذ اللحظة المزيف حين يتحوّل إلى خنجر في الظّهر فالزيف لا يصنع بطولة والحقد لا يصنع إنساناً

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
المتلوّن بألف قناع حين يتحوّل الإنسان إلى مرآة زائفة
في زوايا الحياة يتسلل إلينا أشخاص لا يشبهون إلا الظلال يتقنون فن التلوّن ويتنقلون بين الأقنعة كما يتنقل الحاوي بين حيله تراهم حين تحتاجهم في هيئة الملاك بلسان معسل وكلمات منمقة ووجه يقطر ودا لكن ما أن تدير ظهرك حتى ينكشف القلب الذي يضج بالحقد والنية التي لا تعرف الصفاء
هؤلاء لا يعيشون بيننا بل يتطفلون على أرواحنا يقتاتون على حاجتنا ويتغذون على ضعفنا ويظهرون في لحظة الانكسار كمنقذين بينما هم في الحقيقة صيادو فرص يبيعونك الوهم ويشترون منك الثقة بثمن بخس
حين يحتاجه الناس يتلون ولا يقضي
عندما يطلب منه الدعم لا يلبي بل يتلون يختلق الأعذار يراوغ يتهرّب ثم يرمي فشله على الآخرين يختلق روايات عن تقصيرهم عن سوء فهمهم عن ظروف خارجة عن إرادته ليبدو هو الوحيد الجيد وسط مشهد مفبرك من الرداءة انه لا يساعد بل يبيعك شعوراً بالذنب ويقنعك أن المشكلة ليست فيه بل فيك أو في غيرك
هذا السلوك ليس عشوائياً بل هو جزء من هندسة نفسية خبيثة هدفها أن يبقى هو في موقع النقاء بينما يغرق الجميع في مستنقع الاتهام أنه لا يمد يداً بل يمد خيطاً من الوهم ثم يسحبه حين تقترب ليبقى هو في صورة المنقذ الذي لم يفهم
التحليل الرمزي المرآة المشروخة والظل المتحرك
هذه الشخصية تشبه مرآة مشروخة تعكس صورة مشوهة للذات وللآخرين يرى نفسه نقيا رغم الحقد ويسقط تشوهاته على من حوله يعيش كظل متحرك لا يثبت على هيئة ولا يلتزم بموقف يتلون حسب الضوء ويختفي حين يطلب منه الثبات
في رمزيته هو تجسيد للزيف الاجتماعي للابتسامة التي تخفي الخنجر وللكلمة المعسولة التي تسمم الروح أنه نموذج للانفصام الأخلاقي حيث تستخدم القيم كزينة لا كمنهج وحين يحاسب ينكر ويبرر ويهاجم لأنه لا يحتمل أن يرى نفسه خارج إطار البطولة
النسفية وهم التفوق وضحية الخيال
يعيش هذا النموذج في حالة نسفية مزمنة يرى نفسه ضحية رغم أنه الجلاد ويبرر خياناته بأنها ردود فعل ويغلف أنانيته بغلاف الحكمة ينظر إلى نفسه ككائن متفوق لا يخطئ ولا يحاسب ولا يراجع يرفض النقد ويكره المرآة ويخاف من الحقيقة لأنها تفضحه
هو لا يعيش حياة حقيقية بل يعيش في مسرح داخلي يؤدي فيه دور البطولة ويكتب السيناريو وحده ويقصي كل من لا يصفق له يهرب من المواجهة ويختبئ خلف الكلمات المنمقة ويصنع لنفسه صورة مثالية لا يراها أحد سواه
لكن لا يصح إلا الصحيح
مهما طال الزمن ومهما كثرت الأقنعة فإن الحقيقة تملك صبراً لا يهزم تسير ببطء لكنها لا تتوقف وحين تصل تسقط الاقنعة وتكشف الوجوه وتعيد التوازن إلى المشهد فالمتلون قد يخدع الجميع لبعض الوقت لكنه لا يستطيع أن يخدع الجميع كل الوقت
وفي النّهاية يبقى الصّدق هو المنتصر وتبقى النوايا الطيبة هي التي تثمر أما أصحاب القلوب المريضة فمصيرهم أن يحاصروا بأكاذيبهم ويختنقوا بأقنعتهم ويعيشوا في عزلة رغم الزّحام
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً