الاستغلال العقاري في سورية حين يصبح الجّشع أقوى من القانون

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في المدن السّوريّة من أحياء دمشق القديمة إلى ضواحيها الحديثة تتعالى أصوات المواطنين الباحثين عن مأوى لا يلتهم ما تبقى من رواتبهم المتدنية لم تعد أزمة غلاء الإيجارات مجرد انعكاس لتدهور اقتصادي بل تحولت إلى مؤشر خطير على خلل أخلاقي عميق في بنية المجتمع حيث بات الاستغلال قاعدة والرحمة استثناء
فالمواطن بين مطرقة الإيجار وسندان الراتب
و يعاني المواطن السّوري من فجوة هائلة بين دخله الشهري وتكاليف السكن
- يتقاضى الموظف السّوري راتباً لا يتجاوز غالباً 200 ألف ليرة سورية أي ما يعادل أقل من 15 دولاراً شهرياً
- في المقابل تتراوح إيجارات المنازل في دمشق وريفها بين 500 ألف إلى مليون ليرة سورية وقد تصل إلى أرقام خيالية لا تتناسب إطلاقاً مع دخل المواطن
- هذا التفاوت يدفع الأسر إلى خيارات قاسية منها السكن في أماكن غير صالحة للعيش التكدس في غرف صغيرة أو التخلي عن الاستقلال السكني والعودة للعيش مع الأهل
أزمة اقتصادية أم انهيار أخلاقي
رغم أن الاقتصاد السوري يعاني من تضخم مفرط وانهيار في قيمة العملة فإن ما يزيد من تفاقم الأزمة هو غياب الضمير لدى بعض المؤجرين الذين يستغلون الوضع لتحقيق أرباح سريعة
- غياب التشريعات الرادعة جعل من السوق العقاري ساحة مفتوحة للمضاربة والاستغلال
- بعض المالكين يطالبون بالدفع بالدولار أو الذهب في تحد صارخ للقوانين وأخلاقيات التعامل
- هناك من يرفع الإيجار بشكل دوري دون مبرر سوى الطلب المرتفع وكأن المواطن سلعة تساوم عليها
آليات مكافحة الاستغلال العقاري
لمواجهة هذه الظاهرة تطرح مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تساهم في ضبط السوق العقاري
- تفعيل الرقابة العقارية عبر إنشاء هيئة مستقلة تضبط سوق الإيجارات وتحدد سقوفاً عادلة
- إطلاق منصة إلكترونية وطنية لتوثيق عقود الإيجار تضمن الشفافية وتحمي حقوق الطرفين
- تحفيز الإيجار المدعوم من خلال مشاريع سكنية حكومية أو شراكات مع القطاع الخاص
- حملات توعية مجتمعية تعيد الاعتبار لقيم التكافل والرحمة وتفضح حالات الاستغلال إعلامياً
مسؤولية الدولة في حماية المواطن
يتطلب التصدي لهذه الأزمة تدخلاً تشريعياً وتنفيذياً واضحاً من قبل الدولة
- إصدار قوانين تجرم رفع الإيجارات بشكل غير مبرر وتمنح المواطن حق الاعتراض
- ربط الإيجارات بنسبة من متوسط الرواتب لضمان التوازن بين الدخل والتكلفة
- دعم البلديات لتوفير مساكن شعبية وتسهيل الحصول على قروض سكنية بفوائد رمزية
- فرض ضرائب تصاعدية على من يملك أكثر من عقار سكني غير مستخدم للحد من الاحتكار
الوطن لا يُبنى على أنقاض المواطن
أزمة الإيجارات في سوريا ليست مجرد أرقام في تقارير اقتصادية بل هي جرح نازف في جسد الوطن حين يُجبر المواطن على الاختيار بين الطعام أو السكن فإننا أمام انهيار في منظومة القيم لا في السوق فقط إنصاف الفرد هو حجر الأساس في بناء وطن متماسك عادل وقادر على النهوض من تحت الركام
فهل نملك الشجاعة لنقول كفى استغلالاً وهل تملك الدولة الإرادة لتعيد للمواطن حقه في سقف آمن
الجواب يبدأ من هنا من الكلمة التي تفضح ومن القرار الذي يُنصف
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً