مقالات

إعلام منهك ورئيس لا يهدأ .. كيف أربك أحمد الشّرع غرف التّحرير حول العالم

بقلم ضياء الدين بديوي – رئيس تحرير ومحلّل سياسي

رويداً علينا فخامة الرّئيس
لقد بلغنا من العمر عتيا واشتعل الرأس شيبا في بلاط صاحبة الجّلالة
كتبنا عن ملوك ورؤساء وأزمات وحروب
لكننا لم نكتب يوماً عن رئيس يسبقنا إلى الخبر قبل أن نلتقط أنفاسنا
إلا أنت يا أحمد الشّرع
أرهقتنا وأرهقت كل صحفي في هذا الكوكب

فمنذ لحظة وصوله إلى نيويورك لم تهدأ كاميرات العالم عن مطاردة خطواته
تصريحات في الأمم المتّحدّة لقاءات مع الجّالية و مصافحات رمزيّة رفض للجلوس على كرسي مختلف رسائل سيادية في كل تفصيل
كل حركة تحمل دلالة وكل كلمة تصلح عنواناً وكل صمت يثير تحليلاً
الصّحفيون باتوا في حالة طوارئ دائمة
لا وقت للراحة لا فسحة للتأمل
الرّئيس الشّرع لا يمنح الإعلام فرصة لالتقاط أنفاسه

ففي العادة يختار المحررون أهم التصريحات ويغضون الطرف عن التفاصيل
لكن مع الشّرع كل تفصيل هو حدث وكل حدث هو رسالة وكل رسالة تستحق افتتاحية
هل نكتب عن رفضه للكرسي المختلف؟
أم عن مصافحته لأردوغان؟
أم عن استقباله في الأمم المتحدة؟
أم عن نبرة صوته حين قال “سوريا لن تركع”؟
الصحفيون باتوا في حيرة
أيهم الأهم؟
وأيهم الهام؟
بل إن بعضهم باتوا يكتبون افتتاحيات عن تعابير وجهه وآخرون يحللون صمته أكثر من كلامه

في واشنطن و نيويورك و باريس و لندن وحتى في طوكيو
غرف الأخبار تعيد ترتيب أولوياتها
الرئيس السوري الجديد لا يتصرف كباقي الرؤساء
لا يكتفي بالخطابات بل يصنع الحدث من تفاصيل البروتوكول
الكرسي و المصافحة ترتيب الجلوس و توقيت الدخول كل شيء مدروس وكل شيء مقصود
وهذا ما يجعل الإعلام يلهث خلفه
فهو لا يترك فراغاً ولا يمر مرور الكرام

هل نحن أمام مدرسة جديدة في صناعة الحدث؟

ما يفعله الشّرع ليس صدفة
إنه هندسة رمزية دقيقة
يعرف أن الإعلام يقرأ التفاصيل فيمنحها ما يستحق
يعرف أن الصورة أقوى من البيان فيصنعها بنفسه
يعرف أن الصحفي لا يكتب إلا حين يُدهش فيدهشه كل يوم
وهكذا بات الرئيس السوري مدرسة جديدة في صناعة الحدث السياسي الرمزي
مدرسة ترهق الإعلام لكنها تجبره على احترامها

فخامة الرّئيس
ارفق بنا
لقد بلغنا من العمر عتيا
ونحن نكتب ونحلّل ونتابع
لكننا لم نعد نعرف ماذا نكتب وماذا نؤجّل
فكل شيء في حضورك مهم وهام
وكل حركة تحمل رسالة
وكل لحظة تستحق أن تُروى

لقد أرهقتنا يا سيادة الرّئيس
لكننا نكتبك بكل فخر
لأنك جعلتنا نعيد تعريف الصّحافة السّياسيّة
وجعلت من الكرسي والمصافحة والرمز مادة تحليل لا تنتهي

عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى