مقالات

شم الشّعلة بين أطفال الشّوارع .. إدمان قاتل يفتك بالجسد والعقل

بقلم:  غالية صرماياتي
في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالمجتمع السّوري ، برزت ظاهرة خطيرة تهدّد حياة الأطفال المشرّدين في الشّوارع ، وهي إدمان مادة “الشّعلة”، و تفاقم هذه الظّاهرة تحوّل من سلوك عابر إلى إدمان مزمن يُهدّد حياتهم ومستقبلهم.

فهذه المادة الكيميائيّة الرّخيصة الثمن ، و التي تُستخدم في مختلف الصّناعات ، باتت ملاذاً للهروب من الواقع ، لكنها في الحقيقة بوابة إلى الانهيار النّفسي والجسدي و الأخلاقي .

و من النّاحية العلميّة فهي مادة لاصقة تحتوي على مركّبات عضويّة مثل التولوين والبولي كلوروبرين و عند استنشاقها تُحدث تأثيراً سريعاً على الجهاز العصبي ، يشبه تأثير المخدرات و بالتالي تمنح شعوراً مؤقّتاً بالنشوة ، يليه اكتئاب حاد واضطراب في الإدراك .
أمّا بالنسبة للآثار الجسديّة : تدمير بطيء للأعضاء الحيويّة
و الجّهاز التّنفسي: تسبب التهابات مزمنة، وقد تؤدي إلى تليف الرئتين أو سرطان الحنجرة.
القلب: تؤدّي إلى اضطرابات في النّبض، وقد تسبّب توقفاً مفاجئاً للقلب.
الدّماغ: تؤدي إلى تلف دائم في الخلايا العصبيّة، مما ينعكس على الذّاكرة والتّركيز.
الجّهاز الهضمي: فقدان الشّهية، سوء التّغذية، واضطرابات في الكبد والكلى.
الجّلد والعينين: تهيج، احمرار، وتلف في الأغشيّة المخاطيّة.

و بالنسبة للآثار النّفسيّة فيُحدِث انهيار داخلي يُهدد التّوازن العقلي و قلق مزمن و اكتئاب بعد زوال تأثير المادة ، و يدخل الطّفل في حالة من الحزن والفراغ.
و أيضاً يصيبهم بالهلوسة والذّهان بحيث تظهر مع الاستخدام المتكرّر ، وقد تؤدّي إلى الانفصال عن الواقع.
كما تنشأ لديه العدوانيّة والانطواء ، نتيجة اضطراب كيمياء الدّماغ ، فيُصبح الطّفل أكثر ميلاً للعنف أو الانعزال ..
ضعف الثّقة بالنفس والشّعور بالذنب: خاصّة عند إدراكه لخطورة ما يفعله.
قابلية للانتحار: في حالات متقدمة، قد يلجأ الطفل إلى إيذاء نفسه أو محاولة الانتحار.

و هناك عدّة دوافع للإدمان نفسيّة واجتماعيّة نذكر منها :
الحرمان العاطفي : غياب الأسرة أو فقدان أحد الوالدين يدفع الطّفل للبحث عن بديل وهمي.
الصّدمة النّفسيّة: التّعرّض للعنف أو النّزوح أو فقدان الأمان يخلق رغبة في الهروب.
البيئة المحفّزة: وجود أطفال آخرين مدمنين يشجّع على التّقليد والانخراط في السّلوك.
انعدام التّوعية: لا توجد برامج نفسيّة أو تربويّة تحذّر من خطورة المادة .

و أيضاً غياب التّدخّل العلاجي و الأسباب هي :
– عدم وجود مراكز متخصّصة لعلاج الإدمان الطّفولي.
– نقص الكوادر النّفسيّة والاجتماعيّة المؤهّلة للتعامل مع الأطفال المدمنين.
– غياب التّشخيص المبكّر يؤدّي إلى تفاقم الحالة وتحولها إلى إدمان مزمن يصعب علاجه.
و هناك بعض التّوصيات العاجلة من وجهة نظري ألا و هي :
إطلاق برامج دعم نفسي للأطفال المشرّدين، تشمل جلسات علاج فردي وجماعي.
تدريب فرق ميدانيّة على التّعامل مع حالات الإدمان الطّفولي.
تشديد الرّقابة على بيع المواد الكيميائيّة ومنع وصولها للقاصرين.
دمج الأطفال المدمنين في برامج تعليميّة وتأهيليّة تُعيد بناء ثقتهم بأنفسهم.

و نستنتج ممّا سبق أنّ شم الشّعلة ليس مجرد سلوك خاطئ ، بل هو صرخة ألم من أطفال يعيشون على هامش الحياة. و إنّ الآثار النّفسيّة والجّسديّة لهذا الإدمان لا تهدد الطّفل فقط، بل تهدّد المجتمع بأكمله. و إنقاذ هؤلاء الأطفال ليس خياراً، بل واجباً وطنيّاً وإنسانيّاً.

#عكس_الاتجاه_نيوز
#الحقيقة_الكاملة
#معاَ_نصنع_إعلاماً_جديداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى