مقالات

الإعلام المقاوم هل آن الأوان لإعادة البناء

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة

من سلطة إلى هدف حين يفقد الإعلام قدرته على المقاومة
في عصر تتسارع فيه التّحولات التقنية وتتشابك الأزمات السياسية والاجتماعية لم يعد الإعلام مجرد ناقل للخبر أو وسيط بين الحدث والجمهور
بل أصبح فاعلاً مركزيّاً في تشكيل الوعي وتوجيه الرأي العام
ومع ذلك يبرز سؤال ملح متى يتحوّل الإعلام من سلطة مؤثرة إلى دريئة مستباحة ؟
من القوة إلى الانكشاف
الإعلام ليس مجرد أداة تواصل بل منظومة معرفية وسلوكية قادرة على التأثير والتغيير.
فلطالما وصف بالسلطة الرابعة بل ارتقى في بعض السياقات إلى مرتبة السلطة الأولى نظراً لقدرته على صناعة الرأي وتوجيه السياسات
غير أن هذه السلطة لا تمنح بل تكتسب وتصان عبر المهنية والتجدد والقدرة على قراءة الواقع واستشراف المستقبل
لكن حين يتخلى الإعلام عن أدواته الأساسيةكالتحليل والتعددية والجرأة والارتباط الحقيقي بالجمهور يتحوّل من حامل للسلاح إلى هدف مكشوف و يصبح عرضة للنقد والتهميش وربما للسخرية لا لأنه يهاجم بل لأنه فقد القدرة على الدفاع عن نفسه
الإعلام الرسمي أزمة بنيوية لا ظرفية
تكمن الإشكالية الكبرى في الإعلام الرسمي الذي اختار الجمود بدل التطور والانغلاق بدل الانفتاح.

هذا الإعلام الذي يفترض أن يكون صوت الدولة والمجتمع تجاهل ثورات الاتصال وتطورات الذكاء الاصطناعي وتغيرات الذائقة الجماهيرية وظل أسير خطاب أحادي نمطي لا يعبر إلا عن ذاته.

لقد تخلى تدريجياً عن أسلحته لم يطوّر شكله لم يحدّث مضمونه ولم يحسن الإصغاء إلى جمهوره فبدلاً من أن يكون منصّة للحوار أصبح منبر للوعظ وبدل من أن يكون مرآة للواقع تحوّل إلى شاشة تعكس صورة واحدة باهتة لا تقنع ولا تحفّز
الإعلام المهني حصانة ذاتية لا تحتاج إلى وصاية
الإعلام الحقيقي لا يحتاج إلى من يدافع عنه لأنه يمتلك مناعة ذاتية نابعة من احترامه للمهنية وارتباطه بالناس وقدرته على التجدد. الإعلام الذي يحسن استخدام أدواته لا يستباح بل يهاب أما الإعلام الذي يرفض التطور ويصرّ على مخاطبة جمهور تغيّر بلغة لم تتغيّر فهو من يضع نفسه في مرمى النيران
الإعلام المقاوم ضرورة وطنية لا ترف

في ظلّ التّحدّيات التي تواجه منطقتنا من أزمات اقتصادية إلى صراعات سياسية يصبح الإعلام المقاوم ضرورة وطنية وأخلاقيةو إعلام لا يكتفي بنقل الحدث بل يفسّره ويحلّله ويقترح الحلول إعلام لا يخاف من النقد بل يتغذى عليه إعلام لا يختبئ خلف السلطة بل يواجهها حين تقتضي المصلحة العامة ذلك .

الإعلام الذي لا يقاوم لا يتحترم والإعلام الذي لا يطوّر نفسه لا يصدّق والإعلام الذي لا يعبر عن الناس لا يتابع .

فهل آن الأوان لإعادة بناء الإعلام من جديد؟

ليس كمنبر للسلطة بل كمنصة للناس كأداة للمقاومة و كقوة للتغيير .

عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى