مقالات

العقاب يتحرّر والنّجوم تعتلي .. سوريا تكتب عقدها الوطني بصريّاً

بقلم رئيس التّحرير : محمد ضياء الدّين بديوي

العقاب الذّهبي السّوري: هوية بصريّة تجسّد تحوّل الدّولة من السّلطة إلى الحراسة..

في لحظة فاصلة من تاريخ سوريا المعاصر ، أزيح السّتار عن الهوية البصريّة الجّديدة للدولة، معلنةً ولادة عهد مختلف يتجاوز الرّمز إلى عقد اجتماعي وسياسي بصري يجمع الدّولة والشّعب في علاقة جديدة، متكافئة ومُلهمة.

حيث يرتكز اختيار العقاب الذّهبي كشعار بصري على جذور ضاربة في التاريخ. فقد ارتبط “العقاب” بمعركة خالدة خاضها الصحابي خالد بن الوليد في “ثنية العقاب”، ومع تأسيس الجمهورية السورية الحديثة عام 1945، جسّد المصمم خالد العسلي العقاب بشكل فني يحاكي روح الاستقلال. واليوم، يعود العقاب محرّراً من “الترس”، متجاوزاً رمزية الهجوم، ومتزناً فوق الأرض، مرسخاً مفهوم الدولة الراعية لا الدولة القامعة.

فالنجوم فوق العقاب تراتبية رمزية و تعبّر عن تحرّر الشعب

و أحد أكثر عناصر التصميم إثارةً هو تموضع النجوم الثلاث فوق رأس العقاب. لم تعد النجوم مختزلة في العلم فقط، بل باتت تمثل إرادة الشعب ومكانته العليا، بعد أن تحررت من “الصهر القسري” الذي جمعها بالدولة. هذا الترتيب البصري ليس تجميلياً، بل إعلانٌ رمزي عن نهاية التبعية، وانطلاق علاقة تعاقدية جديدة يكون فيها الشعب مصدر الشرعية.

و يتدلى من ذيل العقاب خمس ريشات ترمز للمناطق الجغرافية الكبرى في سوريا، دون تفاضل أو إقصاء. أما جناحاه، فيحويان أربع عشرة ريشة تمثل كل محافظة، متناظرة ومتساوية، ترسّخ مبدأ وحدة القرار الوطني.
فالعقاب ليس مجرد شعار، بل هو خارطة سياسيّة بصرية تختزل وحدة الأرض، ووحدة الشعب، ووحدة المصير.

تبتعد الهوية البصرية الجديدة عن فلسفة القمع التي ميّزت الدولة السابقة، وتبشّر بنموذج جديد يضع التعليم، والصحة، والبنية التحتية، والتشريعات في صلب الاهتمام الحكومي. إنها الدولة الحارسة التي لا تراقب شعبها، بل تحميه وتراهن عليه كرافعة نهضوية.

و هنا خمس رسائل تحوّلية يختزلها العقاب الجديد ألا و هي :

  1. استمرارية التاريخ: العقاب يمثل امتداداً لتصميم 1945، لا قطيعة معه.
  2. تمثيل الدولة الجديدة: شعار يعكس تحولاً بنيوياً في شكل الحكم.
  3. تحرّر الشعب : النجوم رمز لانعتاق السوريين وتمكينهم.
  4. وحدة الأرض : سوريا بوحدتها الجغرافية خط أحمر لا يُمس.
  5. عقد اجتماعي بصري: العلاقة بين الدولة والشعب أعيد تشكيلها بأدوات رمزية جديدة.

فالهوية البصريّة الجديدة ليست مجرّد تغيير شكلي ، بل هي إعلان عن توجّهات وطنيّة تتجذّر في الثّورة، وتمتد نحو المستقبل. العقاب الذّهبي السّوري اليوم ليس شاهداً على الماضي فحسب، بل حارساً للمستقبل، مرفرفاً فوق دولة تريد أن تعانق شعبها لا أن تراقبه، وتنهض به لا أن تُخضعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى