مقالات

ظاهرة الشّرع .. حين اتفقت الاستخبارات قبل الشّعوب

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة

ظاهرة أحمد الشّرع حين اتفق الخصوم على رجل واحد ففي زمنٍ تتناحر فيه القوى العظمى على كل تفصيل وتتصادم فيه المصالح حتى على الهواء والماء يطل رجل من دمشق لم يتجاوز الأربعين عاما ليصنع ما يشبه المعجزة السياسيّة أن يجتمع على محبته ودعمه خصوم الامس واعداء اليوم روسيا وأمريكا الصين والعرب أوروبا وأفريقيا و أمريكا اللاتينية وآسيا كلهم على اختلافاتهم وتناقضاتهم وجدوا في هذا الرجل نقطة التقاء وكأن السياسة التي اعتدناها لعبة صفرية تحوّلت معه إلى مساحة مشتركة

من خارج أسوار البروتوكول
لم يتخرّج أحمد الشّرع من أرقى الجّامعات الغربية ولم يتدرّب في مدارس البروتوكول السّياسي لكنه خرج من قلب الشعب من مدرسة الواقع من معاناة السوريين التي صاغت شخصيته وجعلت منه قائدا يعرف لغة الناس قبل لغة الدبلوماسية هذه العفوية الممزوجة بالوعي جعلته محاوراً قادراً على الوقوف أمام أعتى الصّحفيّين والمفكرين بل وأمام أجهزة عميقة اعتادت أن تبتلع القادة الشباب فإذا به يواجهها بثقة وجرأة

كاريزما تتجاوز الجغرافيا
السر ليس في الخطابات وحدها بل في الكاريزما التي جعلت منه وجهاً مقبولاً لدى الجميع في زمن يفتقد فيه العالم إلى رموز قادرة على جمع المختلفين جاء الشّرع ليقدّم نموذجاً جديداً قائد لا يبيع نفسه لمحور ولا يذوب في تحالف بل يفرض احترامه على الجميع هذه القدرة على أن يكون ابن الجميع دون أن يفقد هويته الوطنية هي ما جعلت منه ظاهرة سياسية تستحق الدراسة

اتفاق الدول العميقة
الظاهرة الأكثر غرابة أن الدول العميقة التي اعتادت أن تصنع القادة وتحدّد مساراتهم وجدت نفسها أمام رجل لا يمكن ترويضه ومع ذلك اتفقت على دعمه روسيا وأمريكا رغم حرب أوكرانيا الصين والعرب رغم تناقضاتهم أوروبا وأمريكا اللاتينية رغم مشاحناتهم كلهم رأوا فيه فرصة لإعادة التوازن العالمي رجل يملك شرعية شعبيّة داخليّة ويقدم خطاباً عقلانيا خارجيا فصار نقطة التقاء بين مصالح متناقضة هذه ليست مصادفة بل انعكاس لقيادة قادرة على تحويل الصراع الى مساحة تفاهم

المواجهة بالحقائق لا بالشعارات
حين جلس أمام الصحفيين العالميين لم يختبئ خلف شعارات فارغة بل واجههم بالحقائق بالمنطق وبالقدرة على تحويل الاسئلة الصعبة إلى فرص لإظهار قوة الموقف السوري هذه القدرة على المحاورة جعلت منه نداً لا تابعا وجعلت من سوريا صوتاً مسموعاً في المحافل الدولية بعد أن كان مهمشا لعقود

الخلاصة قائد من نوع آخر
أحمد الشّرع ليس مجرّد رئيس شاب بل هو ظاهرة سياسية عالمية في زمن ينهار فيه مفهوم القيادة أمام مصالح الشركات الكبرى والتحالفات العسكرية جاء ليعيد تعريف الممكن أن تكون شاباً بلا خلفية أكاديميّة تقليديّة ومع ذلك تفرض نفسك على العالم أن تكون ابن الشعب وتصبح صوت الدول أن تجمع الخصوم على كلمة واحدة هي احترامك .

عكـس الاتّجـاه نيـوز
الحقيقـة الـكاملـة
معاً نصنع إعــلاماً جـديداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى