مقالات

الشّرع يكتب دبلوماسيّة الكرامة في الأمم المتّحدة

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
قريبا على عكس الاتجاه نيوز

سوريا تكتب سطراّ جديداً في دبلوماسية الرموز و من قلب نيويورك حيث تصاغ خرائط النفوذ وتختبر الإرادات جلس الرئيس السوري أحمد الشرع على كرسيه السيادي لا على كرسي مجاملة وبينما تتبادل الوفود التحيات البروتوكولية أختار الشرع أن يلقي التحية على رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني دون مصافحة في مشهد كثيف الرمزية يعيد تعريف لغة الدبلوماسية ويمنح سوريا حقها في التمثيل الكامل دون تنازل

اللقاء الذي جمع الرئيس الشّرع بميلوني على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتّحدة لم يكن مجرد اجتماع ثنائي بل لحظة تأسيسية في سردية سوريا الجديدة ميلوني التي تمثل أحد أبرز التيارات الأوروبية الصاعدة تحدثت عن التعاون الإنمائي وعودة اللاجئين الآمنة واستثمارات إيطالية في سوريا المستقرة ذات السيادة لكن الشرع في موقفه الصامت والرصين اختار أن يلقي التحية دون مصافحة وكأنما يقول السيادة لا تصافح بل تحترم

الإلقاء دون مصافحة لم يكن تفصيلا هامشيا بل رسالة سيادية تقول إن سوريا لا تعامل كاستثناء ولا تستدرج إلى المجاملات الشكلية هذا الموقف يعيد الاعتبار للبروتوكول كأداة سياسية ويمنح القيادة السورية مساحة جديدة للتعبير عن الكرامة الوطنية بلغة غير مباشرة لكنها صارخة في معناها

الصحافة العالمية قرأت الحدث من زوايا متعددة بعضها ركز على البعد الإنساني في حديث ميلوني وبعضها الآخر رأى في اللقاء مؤشرا على تحول في المزاج الأوروبي تجاه سوريا لكن القلة فقط التقطت رمزية الإلقاء دون مصافحة كإشارة إلى أن سوريا لا تزال تحتفظ بحقها في تحديد شروط التواصل حتى في أعلى المنصات الدولية

الرئيس الشرع في ظهوره الأممي مارس دبلوماسية الرموز بامتياز رفضه الجلوس على كرسي مختلف وإلقاؤه التحية دون مصافحة هما امتداد لخطاب سيادي بدأ منذ لحظة انتخابه ويستمر في إعادة تعريف موقع سوريا في العالم دولة ذات إرادة لا تابعا في محور

هذه الدبلوماسية الرمزية تعيد تعريف القيادة الوطنية وتمنح سوريا حقها في سرد روايتها الخاصة بعيدا عن تشويه السنوات الماضية إنها دبلوماسية تستند إلى الكرامة وتترجم في كل تفصيل من ترتيب المقاعد إلى نوعية التحية إلى اختيار الكلمات

اللقاء مع ميلوني إلى جانب لقاءات أخرى أجراها الرئيس الشرع أعاد فتح ملف سوريا في الإعلام العالمي ولكن هذه المرة من زاوية مختلفة زاوية السيادة والعودة والكرامة لم تعد سوريا تذكر فقط في سياق الحرب واللاجئين بل باتت تستحضر كدولة تسعى لإعادة البناء وتطالب بحقها في التمثيل الكامل وتعيد رسم صورتها في الوعي الدولي

هذا التحول الإعلامي لا يأتي من فراغ بل هو نتيجة خطاب سياسي جديد يعيد الاعتبار للكلمة الصادقة ويمنح السوريين شعورا بأن صوتهم مسموع وأن دولتهم قادرة على فرض حضورها حتى في أكثر المحافل الدولية تعقيدا

إن لقاء الرئيس الشّرع برئيسة الوزراء الإيطالية لم يكن مجرد حدث دبلوماسي بل لحظة تأسيسية في سردية سوريا الجديدة لحظة تقول إن السيادة لا تمنح بل تمارس وإن الكرامة لا تطلب بل تترجم في الإشارات من نيويورك إلى دمشق تكتب السيادة بالتفاصيل بالكرسي بالإلقاء بالكلمة وبالرمز

وسوريا التي عادت إلى الطاولة الدولية لا تعود كضيف بل كصاحبة حق وكدولة تعرف كيف تحول التفاصيل الصغيرة إلى رسائل كبرى تعيد تعريف القيادة وتعيد الاعتبار للوطن

عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى