قضاء حوائج النّاس رسالة الإنسانيّة وميزان العدالة

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في عالم يزداد فيه الانغلاق والأنانيّة تظل قيمة قضاء حوائج الناس من أعظم ما يميز الإنسان الحقيقي الذي يرى في حاجات الآخرين مسؤولية أخلاقية لا عبئا وفي خدمتهم شرفا لا منة
من الناحية الدينية
قضاء الحوائج ليس مجرد عمل تطوعي بل عبادة عظيمة تتجاوز في فضلها كثيراً من العبادات الظاهرة فقد ورد في الحديث ان من مشى في حاجة اخيه كان خيرًا له من اعتكاف شهر في المسجد النبوي وإن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه
القرآن الكريم يربط بين البر الحقيقي وبين تفريج الكربات وإطعام الجائعين ومساعدة المحتاجين ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعاً
من الناحية الإنسانيّة
الإنسان لا يُقاس بما يملك بل بما يمنح ومن يمنح وقته وجهده واهتمامه لمن حوله هو من يحمل جوهر الإنسانيّة قضاء الحوائج يزرع الثقة ويعيد الكرامة ويمنح الشعور بالانتماء في عالم يزداد فيه التهميش
من يساعد إنساناً في ضيق لا يغير حاله فقط بل يغير نظرته للحياة ويمنحه طاقة للاستمرار وهذا هو جوهر الرحمة العملية لا النظرية
من الناحية الاجتماعية
المجتمعات لا تنهض بالقوانين وحدها بل بالتكافل الحقيقي حين يصبح قضاء الحوائج ثقافة عامة لا استثناء فإن المجتمع يتحول من تجمع أفراد إلى جسد واحد يشعر بالألم ويستجيب له
قضاء الحوائج يخفف من آثار الفقر والبطالة والانكسار النفسي ويمنع الانحراف ويعيد التوازن الاجتماعي لأنه يخلق جسوراً بين الطبقات ويكسر الحواجز بين الناس
من الناحية النفسية
من يقضي حاجة غيره لا ينقذ الآخر فقط بل ينقذ نفسه أيضاً لأن العطاء يحرر النفس من الانغلاق ويمنحها شعورا بالرضا الداخلي ويقلل من التوتر والقلق ويعزز الشعور بالقيمة والهدف
الإنسان الذي يشعر أنّه سبب في سعادة غيره يعيش حياة أكثر اتزانا وهدوءا لأنه يرى أثره في الوجود وهذا هو المعنى العميق للطمأنينة
من الناحية الفلسفية
قضاء الحوائج هو فعل يتجاوز الذات ويكسر حدود الأنا ويعيد تعريف القوة على أنها قدرة على النفع لا على السيطرة من يساعد غيره لا يفعل ذلك لأنه ضعيف بل لأنه قوي بما يكفي ليرى في الآخرين امتدادا لذاته
الزمن لا يخلد من جمع بل من منح ومن عاش للناس بقي فيهم ومن خدمهم صار جزءا من ذاكرتهم وهذا هو الخلود الحقيقي الذي لا يُشترى ولا يُفرض .
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً