منابر الألم

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
حين تتحوّل المشافي الخاصّة في سوريا لمصانع استغلال تبيع الحياة بسعر الليلة
يحتضر الانسان والضمير في غيبوبة
في وطن جُرح بالحرب وأُنهك بالفقر كان يُفترض أن تبقى المهنة الطبية آخر ما يُمسّ من القيم لكن ما يحدث اليوم في المشافي الخاصّة خصوصاً في مدينة حلب ليس مجرد فساد إداري بل انهيار أخلاقي شامل
فالمواطن المريض لم يعد يعامل كإنسان بل كفرصة ماليّة تستغل في لحظة ضعفه وتنهب في لحظة حاجته
هذا المقال ليس تقريراً بل محاكمة علنيّة لمن حولوا الطّب إلى تجارة والمشفى إلى فندق خمس نجوم بلا رحمة
نرى في ترخيص أي مشفى خاص تفرض الحكومة أن تقدّم بعض الخدمات مجانية لكن ما يحدث
الطب المجاني… على الورق فقط
من الإسعاف إلى القثطرة البوليّة كل شيء يُباع
الإسعاف الذي يفترض أن يكون مجانياً يسعّر في بعض المشافي بـ 300 ألف ليرة وكأن نقل المريض أصبح خدمة “VIP
تركيب القثطرة البولية إجراء بسيط ومجاني قانوناً يُفرض عليه في بعض المشافي مبلغ يصل إلى 150 ألف ليرة سورية والمواطن لا يسأل عن حالته بل يُسأل هل معك تدفع ؟
قبل أن يفتح له الملف
فهذه ليست أخطاء فردية بل منظومة استغلال ممنهج تدار تحت غطاء قانوني هش ورقابة غائبة
نذهب لغرفة المريض
هل هي غرفة مريض
أم جناح فندقي ؟
فالمشفى الخاص يتحوّل إلى منتجع فاخر لمن يملك المال
الليلة الواحدة في بعض غرف المشافي الخاصة تُسعّر بأكثر من مليون ليرة سورية
الغرفة فقط دون حساب باقي الخدمات الوهميّة
تفرض رسوم على كل تفصيل
فتح ملف
دخول غرفة العمليات استشارة حتى استخدام جهاز الضغط
لا توجد تسعيرة موحدة ولا رقابة ولا سقف
المواطن يترك أمام فاتورة مفتوحة في لحظة لا يملك فيها حتى القدرة على الاعتراض
هل أصبح المرض امتيازاً ؟
و هل باتت الحياة تُقاس بعدد الأصفار في الحساب البنكي ؟
إننا نسلط الضوء على بعض من هو يعتبر الأكاديمي الذي يبيع ضميره يقينا هذا الكلام
أساتذة الطب… شركاء في المشافي الخاصّة
و عدد من عمداء وأساتذة جامعة حلب يملكون حصصاً في مشافٍ خاصة ويديرونها كرجال أعمال لا كأطباء
و أحد الأطباء والأستاذ الجامعي
له مريضة تقيم بإحدى دول الخليخ طلب منها أجرة يده فقط آنذاك ٢٠ مليون ليرة سورية وعندما دخل غرفة العمليات طلب ٢٥ مليون وقال ما بتوفي معو
هذه الواقعة حصلت و بالآخر نجحت العملية جداً وماتت المريضة ولم يخرج المشفى جثمانها إلا بعد تسديد كافة الفواتير
فمن يحاسب من ؟
هذا التداخل بين التعليم والاستثمار يُحوّل الطبيب الجامعي إلى تاجر و مصاص دماء ويضعف الثقة في المؤسّسة الأكاديميّة بعضهم يحوّل طلابه إلى أدوات تسويق ويوجه المرضى نحو مشافيه الخاصة رغم توفر العلاج في المشافي الحكومية
هل هذه نخبة علمية أم نخبة مالية تستغل العلم لتكديس الأرباح ؟
وفي مقال آخر سوف نتحدث عن رؤساء الأقسام في بعض المشافي الحكومية
وكيف لا يقبل أي مريض بمشفى حكومي إن لم يزور عيادته
فحلب تنزف… بصمت
أمثلة واقعية من قلب المدينة الجريحة
حي الشهباء تأمين دخول 500,000 ل.س قبل عرض المريض على الطبيب
حي الجميلية غرفة VIP | 1,000,000 ل.س رغم أن المريض يحتاج مراقبة بسيطة
|حي الفرقان تعهد مسبق غير محدد يمنع الاعتراض على الفاتورة
وهنا نرى مواطن باع ذهب زوجته لعلاج طفله و آخر استدان من خمسة أشخاص ليجري عملية بسيطة
وثالث تُوفي لأن المشفى رفض استقباله دون دفع مسبق
هذه ليست قصصا درامية بل وقائع يومية في مدينة كانت يوماً منارة للعلم والطب
المجتمع يدفع الثمن مرتين
المرض يفقر الجسد و يفكك الوطن
و انهيار الثقة بين المواطن والمشفى يؤدي إلى عزوف عن العلاج
وانتشار الطب الشعبي رغم مخاطره
المواطن يشعر أن حياته لا تساوي شيئا أمام المال فيفقد انتماءه ويبحث عن حلول فرديه
الفجوة الطبقية تتسع فالأغنياء يتعالجون في غرف فاخرة والفقراء يتركون في ممرات المشافي الحكومية
هذا ليس فساداً طبياً فقط
بل تهديد مباشر للنسيج الاجتماعي والهوية الوطنية
اليوم بات المشفى الخاص مرآة لانهيار القيم
الطبيب الذي يدرس في الجامعة ويملك مشفى خاص يجسّد نموذجاً للنخبة التي باعت ضميرها فالمشفى الذي يسعّر الليلة بمليون ليرة يجسّد انفصالا تاما عن واقع المواطن وكأن المرض أصبح امتيازا لا حقا
وخاصة أغلب أصحاب المشافي هم بالأصل تجار ومستثمرين ولدينا امثلة كثيرة والسؤال
عن مشفى كان ملكا لإحدى النقابات ونتيجة للفساد ما زال بيد مستثمر طق جيبوبه بالأموال
سوف نتطرق له لاحقاً
هذه ليست مؤسسات صحية بل مؤسّسات مالية تدار بعقلية الربح لا الرحمة
كيف نُعيد للطب روحه؟
قانون خاص للمشافي الخاصة
ضبط الأسعار وضمان العدالة
مجلس الشعب
هيئة رقابة مستقلة التفتيش والمحاسبة المجتمع المدني والقضاء | نشر أسماء المشافي المخالفة
الضغط الشعبي
الإعلام الرسمي
فصل الأكاديميين عن الاستثمار الطبي
منع تضارب المصالح وزارة التعليم العالي
| إعادة تأهيل أخلاقي للمهنة
ترسيخ القيم الإنسانية كليات الطب والنقابات
فالإصلاح لا يبدأ من القوانين فقط
بل من إعادة تعريف الطب كمهنة إنسانية
لا وسيلة للثراء السريع
وهنا هل نملك الشجاعة لنقول كفى؟
في لحظة مفصلية من تاريخ سوريا حيث يعاد تشكيل الوعي بعد الحرب يجب أن نعيد الاعتبار للإنسان لا للفاتورة
المشفى ليس فندقا والطبيب ليس تاجرا والمريض ليس زبونا
الغضب من هذا الواقع ليس فقط مشروعا بل واجب.
و السكوت عنه خيانة والمواجهة شرف
وإعادة الاعتبار للطب كمهنة إنسانية هو أول خطوة نحو شفاء الوطن لا جسده فقط بل روحه أيضا.
نطالب وزارة الصحة
ونقابة الاطباء والجامعات بكشف الحقائق ونشر أسماء من هم بالهيئة الرسمية ويعملون ويملكون بعض أسهم في المشافي الخاصة يجب فضح هؤلاء
و يجب علينا ان نبني حياة سعيدة بعيدة عن الاستغلال والمتجارة بالبشر لا فرق
بين تاجر بلحم البشر وتاجر بصحة البشر
و اللبيب يفهم بالإشارة
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً