السبت لا يأتي إلا حين نخطو نحو العدالة

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
تأملات في عقل المبدع ووجدان المفكر
في أحد مشافي الأمراض العقلية دار حوار غريب بين طبيب ومريض بدا للوهلة الأولى أنه غارق في تكرار الأيام إذ أجاب بأن اليوم جمعة وغدا أيضا جمعة وحين سأله الطبيب متعجبا فمتى يأتي السبت أجاب المريض بجواب فلسفي عميق يليق بعقل مفكر ووجدان مرهف
يأتي السبت فقط عندما يختلف اليوم عن الأمس
عندما نشعر أننا تقدمنا خطوة إلى الأمام
عندما يكون عدل اليوم أكثر من عدل الأمس
وعندما يكون ظلم اليوم أقل من ظلم الأمس
هذا الرد الذي قد يبدو للسطحيين ضربا من الهذيان هو في جوهره صرخة وجودية وبيان إنساني يعبر عن مأساة المفكر في زمن تتكرر فيه الخيبات وتعاد فيه المظالم ويسجن فيه الإبداع في قفص الرتابة واللاعدالة
المبدع لا يعيش الأيام كما يعيشها الآخرون فهو لا يقيس الزمن بالتقويم بل بالتحول السبت في رمزية المريض ليس مجرد يوم بعد الجمعة بل هو لحظة التغيير والانفكاك من دوامة التكرار والانتصار للعدالة على الظلم وللوعي على الغفلة
في المجتمعات التي تقصي الفكر وتهمش الإحساس يصبح كل يوم جمعة يوما ساكنا لا يتغير ولا يتطور ولا يحمل جديدا أما السبت فهو وعد مؤجل لا يأتي إلا حين نكسر الحلقة ونبدأ بالتحول
والإنسان المفكر المرهف لا يحتمل العيش في زمن لا يتغير فهو يتألم من تكرار الظلم ومن إعادة إنتاج القهر ومن غياب العدالة حين يرى أن الأمس يشبه اليوم وأن الغد لن يكون أفضل يشعر بالاختناق وباللاجدوى وربما بالجنون
لكن جنونه ليس مرضيا بل هو احتجاج على عالم لا يسمع ولا يرى ولا يشعر هو جنون يشبه صرخة الشاعر أو لوحة الرسام أو نغمة الموسيقي التي تقول كفى تكرارا نريد تحولا
في سياق العدالة الإدارية التي يناضل من أجلها المفكرون والإصلاحيون فإن السبت هو اليوم الذي تصحح فيه القرارات وتراجع فيه السياسات ويعاد فيه الاعتبار للمواطن هو اليوم الذي ترفع فيه المظالم وتستعاد فيه الحقوق وتحترم فيه الكرامة
السبت لا يأتي بقرار إداري بل بتحول أخلاقي ووعي مؤسسي وإرادة سياسية هو اليوم الذي يشعر فيه الإنسان أن صوته مسموع وأن قضيته عادلة وأن مستقبله يستحق أن يكتب
فمتى يأتي السبت
السبت لا يأتي إلا حين نؤمن أن التغيير ممكن وأن العدالة ليست حلما بل حقا لا يأتي إلا حين نكف عن تكرار الأخطاء ونبدأ في صناعة غد مختلف حينها فقط يخرج المريض من صمته ويقول اليوم ليس جمعة اليوم سبت
فهل نحن مستعدون لصناعة السبت أم سنبقى أسرى الجمعة إلى أجل غير مسمى ؟
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً
لمتابعة آخر الأخبار والتّطورات على موقعنا الإلكتروني : 👇👇
www.aksaletgah.com