مقالات

الصّناعي و الصّحفي ( أحمد غريب القد ) صناعة الأمل في زمن الانهيار

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة

رُكام الأزمات لم يكن كافيّاً لإطفاء جذوة المبادرة لدى من آمنوا بأنّ الإنتاج ليس مجرّد نشاط اقتصادي بل فعل وطني
أحمد غريب القد يمثّل نموذجاً نادراُ لصناعي و صحفي استطاع أن يحوّل التّحدّيات إلى فرص وأن يربط بين العمل الميداني والتّحليل العميق في مشروع يستهدف استعادة الكرامة الاقتصاديّة للسوريّين عبر أدوات محلّيّة ومقاربات مستقلّة

فشهد الاقتصاد السّوري خلال سنوات الحرب تراجعاً حاداُ في بنيته الأساسيّة نتيجة تفكّك المؤسّسات وغياب الرّقابة وتفشّي الفساد و وسط هذا المشهد برزت شخصيات وطنية اختارت أن تكون جزءاً من الحل لا من الأزمة و من بين هذه الشّخصيات يبرز أحمد غريب القد بوصفه صناعياً وصحفياً أعاد تعريف الإنتاج الوطني في سياق مقاومة الانهيار جامعاً بين الفعل الصّناعي والموقف الثّقافي في مشروع متكامل للنهوض

تجربة القد في الصّناعة تجاوزت حدود النّشاط الاقتصادي لتتحوّل إلى رؤية تعتبر الإنتاج المحلّي فعلاً سياديّاً ومصدراً للكرامة الوطنيّة
أطلق خلال سنوات الحصار مبادرات نوعيّة أبرزها ورش تصنيع قطع الغيار الزّراعيّة التي أعادت الحياة لآلاف الآليات المتوقّفة وأسهمت في تنشيط الدّورة الزّراعيّة في مناطق واسعة من الغوطة الشرقية إضافة إلى حملة صنع في الوطن التي هدفت إلى ترسيخ الثّقة بالمنتج المحلّي وتعزيز ثقافة الاكتفاء الذّاتي في الأسواق الشّعبيّة

يتبنّى القد فلسفة اقتصاديّة مقاومة تقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية هي الاستقلال الإنتاجي عبر تصنيع البدائل محليّاً والتّمكين المجتمعي من خلال تحويل الفئات المتضرّرة إلى قوة إنتاجيّة عبر التدريب والتشغيل والعدالة السوقية عبر ضبط الأسعار وتوفير المنتجات بأسعار منصفة رغم التضخم
فأثبتت هذه الفلسفة فعاليتها في بيئات خارجة عن السيطرة المركزية حيث غابت الدولة وحضرت المبادرة الفردية كبديل مؤقت وفاعل

ما يميز القد ليس فقط قدرته على الإنتاج بل وعيه العميق بدور الصناعة في بناء السيادة الوطنية وهو وعي نابع من خلفيته الصحفية الراسخة في الكتابة الاقتصادية والاجتماعية
يرى أن المصنع ليس مجرّد آلة بل موقف سياسي وأن كل منتج محلي هو صفعة على وجه الفساد والاستغلال. في مقالاته يدعو إلى تأسيس تحالف صناعي مستقل يدعم الاقتصاد الشعبي ويعيد الاعتبار للمنتج السوري كمصدر فخر لا مجرد سلعة

كصحفي متمرس يحرص القد على تطوير أدواته الكتابية بما يخدم رسالته الإصلاحية حيث ينطلق من قلب الحدث ويختار زاوية تحليلية واضحة تربط بين الاقتصاد والمجتمع والسياسة ويكتب بأسلوب الهرم المقلوب واضعًا الأهم أولًا ثم يتدرج نحو التفاصيل ويحرر نصوصه بذكاء عبر مراجعة صوتية وحذف الزائد وعرض الحقائق بدلًا من وصفها ملتزمًا بالدقة والموضوعية مستندًا إلى مصادر موثوقة ويعتمد بنية سردية محكمة تبدأ بمقدمة مثيرة وتنتهي بفتح أفق للتفكير أو الفعل

تجربة القد تطرح سؤالًا جوهريّاً حول غياب التّأطير المؤسّسي للمبادرات الإنتاجية المستقلة
لا يطالب بامتيازات بل ببيئة قانونية تحمي الإنتاج الشريف وتكافح الفساد البنيوي
من هنا يدعو خبراء الاقتصاد إلى دراسة هذه التجربة كنموذج قابل للتوسع خاصة في ظل انهيار المنظومات المركزية وظهور الحاجة إلى اقتصاد محلّي مرن أخلاقي ومجتمعي

عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى