سوريا الجّديدة حين تتوحّد الإرادة الشّعبيّة خلف مشروع الدّولة

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في لحظةٍ فارقة من تاريخنا تقف سوريا على عتبة التّحوّل الحقيقي ليست هذه مجرد مرحلة انتقاليّة بل هي ولادةٌ عسيرة لوطنٍ أنهكته الحروب وأثقلته الخيبات لكنه لم يفقد جوهره شعبٌ حيّ يرفض الانكسار ويبحث عن معنى جديد للكرامة والسّيادة
فاليوم لا نملك ترف التردد ان الدولة السورية الجديدة رغم عهدها الجديد ليست خصماً لنا بل هي مرآتنا الوحيدة في هذا العالم المضطرب
إنّها مشروعنا نحن السّوريّين بكلّ أطيافنا بكل جراحنا بكل أحلامنا المؤجلة
ليس لدينا وقت لتصفية الحسابات التّاريخيّة
من السّذاجة أن نحمّل جسداً سياسيّاً عمره أشهر وزر عقودٍ من الاستبداد والفساد
ومن الظلم أن نُفشّ غضبنا المشروع على سلطةٍ تحاول أن تتلمّس طريقها وسط الركام
فالثورة ليست انتقامًا بل بناء والنقد ليس هدمًابل تقويم
نعم، هناك من يحاول أن يُعيد إنتاج الماضي أن يندسّ بيننا أن يزرع الشكوك ويُغذي الانقسامات
لكن هؤلاء لا يُواجهون بالصراخ بل بالتماسك الشعبي وبالوعي الذي يميز بين من يريد الإصلاح ومن يريد الخراب
إنّ الحكومة الجّديدة فرصة لا تُهدَر
ليست هذه الحكومة معصومة ولا هي نهاية الطّريق لكنّها بداية تستحق الدّعم لا التّصفية إنّها محاولةٌ جادة لإعادة الإمساك بخيوط الدّولة
وسط بحرٍ من الألغام الداخلية والخارجية
ومن واجبنا كمواطنين أن نكون شركاء لا خصوماً و أن نراقب لا أن نُحبط أن نُطالب لا أن نُعاند
فمن يرفض دعم الدّولة اليوم بحجة الطّهر الثّوري يُشبه من يرفض إنقاذ الغريق لأنّه لم يتعلم السّباحة بعد
نحن لا نختار الظّروف لكننا نختار الموقف والموقف الوطني اليوم هو أن لنُعطي هذه الدّولة فرصة الحياة لا شهادة وفاة
إنّ وحدة الشّعب هي السّلاح الأقوى و سوريا لا تنهض بالحكومة وحدها بل بشعبها و بوحدة أبنائها خلف مشروع وطني جامع
لا خلف شعارات متنافرة فكل صوتٍ يُنادي بالانقسام هو سهمٌ في صدر الوطن
وكل يدٍ تمتد للبناء هي حجرٌ في جدار السّيادة
فلنُدرك أن العالم يراقبنا أن أعداءنا لا يراهنون على ضعفنا العسكري
بل على انقسامنا الدّاخلي وأن أقوى سلاحٍ نملكه اليوم ليس بندقية بل عقلٌ واعٍ وقلبٌ كبير وإرادةٌ موحدة خلف الدّولة
لا نُريد دولة مثاليّة بل نُريد دولة قابلة للحياة
نحن لا نطلب معجزات بل نطلب فقط دولةً تحترم شعبها وتُصغي له وتُشركه في القرار
دولةً تُحاسب الفاسدين وتُكرّم المخلصين وتُعيد الاعتبار للكرامة الوطنية
وهذه الدولة مهما كانت بداياتها متعثرة تستحق أن نقف معها لا ضدها
فمن يُحب سوريا
لا يُحاكمها في مهدها
بل يُساندها حتى تقف
ومن يُريد العدالة لا يُطالب بها عبر الفوضى بل عبر المؤسسات
ومن يُؤمن بالثورة لا يُحولها إلى لعنةٍ أبدية بل إلى طاقةٍ للبناء
و النّداء الأخير هو ألّا تسقطوا سوريا من الدّاخل
أيّها السّوريون لا تُعطوا أعداءكم ما يتمنون
لا تُسقطوا سوريا بأيديكم لا تُحوّلوا الغضب إلى معول هدم
بل إلى وقود بناء فالدولة الجديدة ليست خصمًا
بل فرصة والوطن ليس ساحةً لتصفية الحسابات بل بيتٌ نعيد ترميمه معاً
فلنكن شعباً يُعلّم العالم كيف تنهض الأمم من تحت الرّكام فلنكن شعباً يُكتب عنه
فسوريا لم تُهزم لأن أبناءها قرروا أن يُنقذوها لا أن يُدينوا بعضها
سوريا تنادينا فهل نُجيب ؟
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً