المقالات

الدكتور محمد رقية

من كتابي أفكار في الأزمة 2018

▪إن الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ومسيره بكل أبعاده ومضامينه ومدبر شؤونه وهو القوة المطلقة الوحيدة القادرة على ذلك,.
▪إلا أن الكون بحد ذاته يعتمد في وجوده واستمراريته على التوازن بين مكوناته وأجزائه وعناصره من أصغر ذرة المتوازنة بالألكترونات السالبة والبروتونات الموجبة , إلى أكبر جرم سماوي المتوازن بالقوى الجاذبة والقوى النابذة , وأي خلل في هذا التوازن يقود إلى كوارث رهيبة يمكن أن تنهي وجود هذا الكون .

▪والكرة الأرضية التي نعيش عليها والتي تشكل ذرة غبارية في هذا الكون المتنامي في الإتساع . فإن التوازن فيها لاينطبق على الطبيعة فقط بل على الحياة البشرية أيضا” .

▪الهواء مثلا” الذي يشكل إحدى مكونات حياتنا البشرية , متوازن بتركيبه المؤلف من حوالي 21% من الاكسجين و78 % من النتروجين مع بعض الغازات الأخرى كثاني أكسيد الكربون والأوزون والأرغون وغيرها , وأي خلل في هذا التوازن قد يؤدي إلى نهاية الحياة على الأرض . ومن هنا جاءت المؤتمرات و النداءات العديدة لدراسة الزيادة في نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو ومحاولة التخفيف منها , التي تؤدي إلى الخلل في هذا التوازن , وبالرغم من أنه خلل بسيط إلا أنه يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب التي تقود إلى التصحر و القضاء على العديد من المزروعات والمحاصيل الزراعية وكذلك ذوبان جليد القطبين مع مايرافق ذلك من كوارث عديدة في المدن الساحلية . ينطبق هذا الأمر أيضا” على الماء وكل عناصر ومكونات كوكبنا الأرضي .

▪يتعدى هذا التوازن الطبيعة ليصل إلى الحياة البشرية فلو استعرضنا تاريخ حياة البشر على هذا الكوكب نلاحظ أن فترات الهدوء والراحة والطمأنينة تعتمد على وجود قوى متوازنة فيما بينها , وأن الخلل والحروب والكوارث تقع عندما تحاول إحدى أو بعض هذه القوى المتوازنة خرق هذا التوازن بمحاولة السيطرة الأحادية على بقية القوى و التي ينتج عنها حروب كارثية على المجتمع البشري .

▪كانت آخر مرحلة من التوازن بين القوى الكبرى هي التي حصلت بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 , عندما برز على الساحة القوتين الأعظم , الإتحاد السوفياتي ومنظومته الإشتراكية من جهة والولايات المتحدة الأمريكية ومنظومتها الرأسمالية الغربية من جهة أخرى , التي عرفت بمرحلة الحرب الباردة والتي انتصرت خلالها العديد من حركات التحرر في العالم واستقلت العديد من دول العالم الثالث بما فيها دولنا العربية , ولا ننسى زرع الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية عام 1948كإحدى مفرزات هذه الحرب. وما الحروب المتفرقة التي حصلت خلال تلك الفترة إلا لتثبيت هذا التوازن سواء في فيتنام أو كوريا والهند الصينية أو غيرها وحتى حروبنا مع العدو الصهيوني لتحرير واستعادة أراضينا كانت تتم ضمن إطار هذا التوازن .

▪وعندما نجحت الولايات المتحدة ومنظومتها في كسر هذا التوازن بالسيطرة على القوة الموازية من خلال تفكيك المنظومة الاشتراكية ومن ثم تفكيك الإتحاد السوفياتي نفسه عام 1991 فقد اختل هذا التوازن وأصبحت الولايات المتحدة القطب الأوحد في العالم دون منازع , وأخذت تخبط بدول العالم كالثور الهائج دون أخلاق أو وازع من ضمير, وبدأت كوارث جديدة تعم البشرية من خلال انصياع الدول وتفكيك الدول الأخرى وتقسيمها أوغزوها وتدميرها على مدى عشرين عاما”
▪واستمر هذا الأمر حتى عام 2011 مع حرب الربيع العربي ( أي الربيع العبري ) الذي أطاح بأغلب الجمهوريات العربية من تونس إلى مصر إلى ليبيا واليمن إلى السودان وتقسيمه وعندما وصل هذا الربيع المزيف إلى سورية اصطدم بالصمود السوري الإسطوري على مدى 79 شهرا” ,الذي ساهم في بروز التوازن العالمي من جديد من خلال روسيا والصين ودول البريكس الأخرى ولا زالت مفاعيل هذا الصمود والتوازن الجديد تأخذ مداها حتى الآن

▪ ومع الزمن يصبح هذا التوازن أكثر وضوحا”, ولن تنتهي هذه الحرب الكونية علينا حتى تقتنع الولايات المتحدة بأن استفرادها بالقرار الدولي أصبح شيئا” من الماضي وأن أدواتها في المنطقة لم تعد تستطيع أن تحقق لها النجاحات المطلوبة ,
▪ وريثما تقتنع الإدارة الأمريكية بذلك فستبقى هذه المعركة مستمرة , قد تطول المدة أو تقصر وهذا يعتمد على قوتنا واستمرار صمودنا وانتصاراتنا حتى تحقيق الإنتصار النهائي ,

▪و إن هذا الوقت سوف لن يكون بعيدا” بهمة أبطالنا وانتصاراتهم المتلاحقة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى