لبنان يسابق المحظور (فادي عيد)
في معرض قراءتها الأولية لمشروع الموازنة العامة للعام 2020، لاحظت مصادر نيابية مخضرمة، وجود تشابه من حيث المبدأ في التوجّهات العامة، معتبرة أن السبب الرئيسي يعود إلى استمرار المعطيات المالية والإقتصادية على الحال الذي كانت فيه خلال العام الماضي، وبالتالي، فإن التراجع في نسبة النمو هو أمر حتمي في ظل الأزمات المتراكمة والناشئة والتي دفعت نحو مراوحة نسبة النمو عند نقطة الصفر، أو ما بين الصفر والواحد في المئة.وكشفت هذه المصادر، أن الإصلاحات الفعلية لم تتبلور، وأن ما سُجّل في القراءة الأولية والسريعة هو وجود مَيل إلى التصحيح في الدرجة الأولى، ولكن الإصلاح الذي دعت إليه مجموعة الدول المانحة من أجل تمويل المشاريع التي ستقدم إليها من قبل الحكومة، لم يظهر بالكامل في أبواب مشروع موازنة العام 2020، مع العلم أن السبيل الأقصر والأسهل إلى تحقيق هذا الهدف، لا يتمحور حول القرارات الحكومية أو حتى الموازنة، بل هو في تطبيق القوانين ال52 التي ما زالت معلّقة من حيث الواقع بانتظار ساعة التنفيذ.من هنا، فإن التركيز على الإلتزام بالمهل الدستورية والإسراع في بدء مناقشة مشروع موازنة العام 2020، قد لا يكون كافياً، كما تكشف المصادر النيابية ذاتها، ذلك أن ما ينتظر الحكومة على صعيد الإنفاق في ظل ارتفاع سعر النفط نتيجة التوتّر الخطير في منطقة الخليج، سيؤدي إلى تصاعد معالم الخطر المالي والإقتصادي على الساحة الداخلية، وهو ما ستكون مؤشّراته بارزة في موازنة العام المقبل.وفي هذا المجال، فإن شبح التصنيف الإئتماني للبنان يسيطر على المشهد العام سياسياً ومالياً واقتصادياً، وليس فقط على مشروع موازنة 2020، وبالتالي، فإن الوقت بات داهماً، وقد لا تنفع الإجراءات المستقبلية في تسجيل تحسّن في المؤشّرات المالية والإقتصادية، كما تقول المصادر نفسها، والتي باتت مربوطة اليوم بحجم الدعم المالي المباشر الذي سيحصل عليه لبنان من الدول المانحة في إطار مؤتمر “سيدر”، أو من الدول الخليجية المشاركة في هذا المؤتمر، والتي ما زالت متمسّكة بالوقوف إلى جانب لبنان، من أجل تمرير الظروف الصعبة التي يمرّ بها.ودعت المصادر النيابية عينها، إلى الإبتعاد عن أية مزايدات سياسية في هذا المجال، موضحة أن ما ظهر، وبعد أيام معدودة على وضع مشروع الموازنة بتصرّف الوزراء، ينذر بانقسامات في المقاربة لدى كل فريق حكومي، وذلك من خلال ردود الفعل السريعة التي سُجّلت في الساعات الماضية، والتي قد تؤدي إلى تكرار تجربة النقاشات في حلقة مفرغة، إلا إذا تم الإلتزام بالخطوط العريضة التي جرى التوافق عليها بين كل القيادات السياسية في لقاء بعبدا الإقتصادي الأخير.وعليه، فإن “مشوار” نقاش موازنة العام 2020، لن يكون سهلاً، ودونه محاذير وعقبات هي سياسية أولاً ومالية ثانياً، لأن لبنان قد انخرط في سباق مع الوقت من أجل تفادي الوقوع في المحظور.