الشّرع يقتحم البيت الأبيض.. ويدفن حقبة الإملاءات في عقر دارها ويُعلن ولادة سوريا السّيادة

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
الشّرع في البيت الأبيض حين صافحت دمشق القرار الأميركي واشتعلت خرائط النّفوذ
ففي مشهد لم يكن ليتخيله أكثر الحالمين تفاؤلاً وطأت قدما السّيّد الرّئيس أحمد الشّرع عتبة البيت الأبيض لا كضيف عابر بل كصانع حدث يعيد رسم ملامح الشرق الأوسط لم تكن الزيارة مجرد بروتوكول دبلوماسي بل زلزالا سياسيا أعاد ترتيب الأولويات وفتح أبوابا كانت موصدة لعقود وأشعل جدلا دوليا حول مستقبل سوريا وموقعها في معادلة القوى
فزيارة الشّرع إلى واشنطن لم تكن مجرّد لقاء بين رئيسين بل إعلان صريح عن نهاية مرحلة وبداية أخرى فبعد سنوات من الحصار والعقوبات دخلت سوريا من بوابة الشرع إلى قلب القرار الأميركي حاملة خطابا جديدا عنوانه سوريا لا تتبع سوريا تحاور
و البيت الأبيض الذي كان يوما رمزا للعداء أصبح منصة لخطاب سوري وطني مستقل يطالب برفع العقوبات ويدعو إلى شراكة قائمة على المصالح لا الإملاءات
فتلك الزيارة كسرت جدار العزلة الغربية المفروض على سوريا منذ أكثر من عقد وفتحت باب الحوار المباشر مع واشنطن دون وسطاء
و خطاب الشّرع حمل نفسا سياديا واضحا رافضا الاصطفاف ومؤكدا أن سوريا لن تكون ساحة نفوذ بل دولة شريكة
ترامب بدا متفاجئا من وضوح الموقف السوري لكنه أبدى استعدادا لرفع تدريجي للعقوبات مقابل استمرار الإصلاحات
الملف الكردي ووجود القوات الأميركية في شرق الفرات طرحا بجرأة مع تأكيد الشرع أن وحدة الأرض السورية غير قابلة للتفاوض
الزيارة فتحت الباب أمام مفاوضات رفع قانون قيصر ما يعني عودة تدريجية للاستثمارات وتحرير الاقتصاد السوري من قبضة العقوبات
الشّرع طرح رؤية اقتصادية وطنية تقوم على الإنتاج المحلي والشراكة الدولية دون ارتهان
صناديق دولية بدأت بإعادة تقييم الوضع السوري وسط توقعات بتمويل مشاريع إعادة الإعمار بقيمة تتجاوز مئتي مليار دولار
القطاع الصناعي والزراعي السوري مرشح للانتعاش خاصة مع عودة بعض الشركات الأوروبية والخليجية إلى السوق السورية
و الصحيفة السورية وصفت الزيارة بأنها تحول جذري في صورة سوريا من ملف أمني إلى دولة فاعلة وصاحبة مبادرة
أمّا المجلة الدولية اعتبرت أن الشرع يسعى لتصفير المشاكل وتكريس شعار سوريا أولا بعيدا عن المحاور التقليدية
بينما صحيفة النهار اللبنانية وصفت اللقاء بأنه إعلان فصل جديد في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط مشيرة إلى أن سوريا ستوقع اتفاقا للانضمام إلى التحالف الدولي ضد داعش
و صحيفة ( DW ) الألمانية رأت أن الزيارة تفتح آفاقا جديدة للمصالح المشتركة بين واشنطن ودمشق
و نتائج الزيارة كسر الطوق وفتح الأبواب :
داخليا انفراج اقتصادي مرتقب مع بدء مفاوضات رفع العقوبات وتعزيز شرعية القيادة الجديدة داخليا وخارجيا ورسالة طمأنة للمجتمع السوري بأن البلاد لم تعد ساحة صراع بل طرفا فاعلا في الحل
عربيا عودة سوريا إلى الحضن العربي عبر بوابة واشنطن وكسر احتكار بعض الدول للملف السوري وفتح المجال لمبادرات عربية مستقلة
دوليا إرباك في معسكر الخصوم الإقليميين وتحول في النظرة الأوروبية نحو دمشق وتفعيل الدور السوري في مكافحة الإرهاب ضمن تحالفات دولية جديدة
الزيارة لم تكن مجرد حدث دبلوماسي بل تحول استراتيجي يعيد تعريف موقع سوريا في الخارطة الدولية فدمشق التي كانت تدار ملفاتها في الغرف المغلقة أصبحت اليوم حاضرة في قلب القرار تفاوض وتؤثر وتعيد رسم خطوط التماس لم تعد سوريا ساحة صراع بل طرفا فاعلا في الحل
زيارة الشرع إلى البيت الأبيض ليست حدثا عابرا بل تدشين لمرحلة جديدة عنوانها السيادة أولا سوريا اليوم لا تتسول الحلول بل تصنعها والشرع لم يذهب ليطلب بل ليثبت أن دمشق قادرة على فرض حضورها بندية وأن الكلمة السورية عادت إلى طاولة القرار الدولي
حين وقف أحمد الشرع في المؤتمر الصحفي إلى جانب ترامب لم يكن يمثل نظاما أو حزبا بل وطنا أنهكته الحرب وآن له أن ينهض كانت كلماته رسالة إلى الداخل والخارج سوريا لن تدار بالوكالة بعد اليوم نحن من نكتب مستقبلنا
وهكذا تدخل دمشق مرحلة النار الدبلوماسية تصوغ خطابها بلغة المصالح وتفرض حضورها بندية لا بتبعية
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً




