معاهد الدّورات الخاصّة في سوريا ماذا بعد تحديد الأسعار ؟ التّعليم يتحوّل إلى تجارة والمواطن يدفع الثّمن

عكس الاتّجاه نيوز _ مقالات
بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في سوريا اليوم لم يعد التعليم خارج أسوار المدارس والجّامعات مجرّد دعم أكاديمي بل تحوّل إلى سوق مفتوح للدورات الخاصة التي تتكاثر كالفطر في كل حي وزاوية من المدن السورية من دمشق إلى حلب ومن اللاذقية إلى حمص باتت المعاهد الخاصّة تقدّم كل شيء من دورات اللغة إلى البرمجة إلى التحضير للشهادات بأسعار تفوق قدرة المواطن وتثير علامات استفهام كبيرة
تحديد الأسعار خطوة متأخّرة أم مجرّد حبر على ورق ؟
بعد سنوات من الفوضى في تسعير الدورات أصدرت الجهات الرسمية قرارات تحدد سقوفاً للأسعار في المعاهد الخاصة لكن السؤال الذي يطرحه الجميع هل يتم الالتزام بهذه التسعيرة؟ وهل هناك رقابة فعلية؟ الواقع يقول إن كثيراً من المعاهد لا تلتزم وتواصل فرض أسعارها الخاصة تحت ذرائع الجودة والخبرة والشهادة
الأسعار تحلق والدروس تتحول إلى امتياز طبقي
في بعض المعاهد الخاصة تتجاوز رسوم الدورة الواحدة مئتي ألف ليرة سورية وقد تصل إلى نصف مليون ليرة في دورات اللغات أو البرمجة أو التحضير للبكالوريا أي ما يعادل راتب موظف حكومي لشهرين أو أكثر بعض المعاهد تطلب الدفع بالدولار أو بالتحويل الخارجي وتقدم عروضاً مغرية لكنها لا تملك أي ترخيص أو إشراف تربوي حقيقي
من يدير هذه المعاهد؟ وأين الرقابة؟
الكثير من المعاهد تُدار من قبل أفراد لا يحملون شهادات تربوية أو خبرة تعليمية حقيقية بل يعتمدون على التسويق والوعود والنتائج السريعة دون أي ضمانة للمحتوى أو جودة التعليم بعض المعاهد تفتقر إلى أبسط شروط السلامة أو التجهيزات وتعمل في شقق سكنية أو محلات تجارية دون ترخيص رسمي
المواطن بين مطرقة الطموح وسندان الاستغلال
الطالب السوري الذي يسعى لتحسين مستواه أو دخول الجامعة يجد نفسه مضطراً لدفع مبالغ طائلة في معاهد خاصة لا تخضع لأي رقابة حقيقية بينما التعليم الرسمي يعاني من نقص في الكوادر وضعف في المناهج وازدحام في الصفوف
ما المطلوب من الدولة؟
- فرض رقابة صارمة على المعاهد الخاصة وإلزامها بالحصول على ترخيص تربوي رسمي
- مراقبة الأسعار والتأكد من الالتزام بالتسعيرة المحددة
- إطلاق منصات تعليمية وطنية بأسعار رمزية تغني الطالب عن اللجوء للمعاهد التجارية
- دعم التعليم الرسمي وتحسين جودته ليكون بديلاً حقيقياً عن التعليم الخاص
- تنظيم حملات توعية للطلاب والأهالي حول حقوقهم التعليمية ومخاطر المعاهد غير المرخصة
ختاما التعليم لا يجب أن يكون تجارة
ما يحدث في قطاع المعاهد الخاصة في سوريا هو فوضى تربوية تهدد مستقبل الطلاب وتستغل حاجتهم للنجاح آن الأوان أن تتحرّك الجهات الرسمية لحماية التّعليم من التحوّل إلى سلعة تباع وتشترى قبل أن يفقد المواطن ثقته في أي مؤسّسة تعليميّة .
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً




