جورجيا مليوني أمام الشّرع حين ينكسر الصّوت أمام الرّمز

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
في لحظة نادرة تجاوزت حدود البروتوكول وتخطّت قواعد التّمثيل السياسي جلست جورجيا مليوني أمام الرئيس أحمد الشّرع لا على طاولة مفاوضات بل على كرسي منفرد كأنها تخلع عباءة الصخب الأوروبي لتواجه التاريخ بصمت يليق بالدهشة
يدها على خدها نظراتها ثابتة وسكونها يملأ المكان لم تكن تتحدث لكنها كانت تقول كل شيء هذا الصمت لم يكن حيادا بل كان موقفا كان تأملا في ولادة سوريا جديدة وفي سقوط سرديات قديمة كانت أوروبا نفسها شريكة في صناعتها أو السكوت عنها
الصّحافة العالميّة و إن لم تفرد صفحاتها لتحليل هذه اللحظة الجسدية إلا أن عدساتها التقطت ما يكفي ليقرأ بين السطور فجلوسها أمام الشّرع لا بجانبه كان إعلانا غير منطوق عن اعتراف رمزي بشرعية جديدة تتشكل ويدها على خدها كما لو أنها تزن التاريخ لا تراقبه فقط أما غياب الإيماءات فكان بمثابة رفض للانخراط لكنه ليس رفضا للحدث
في تلك اللحظة لم تكن مليوني تمثل إيطاليا بل تمثل أوروبا المترددة أوروبا التي تخشى أن تعترف بانهيار سردية الاستقرار عبر الاستبداد وتجد نفسها أمام مشهد سوري يعيد تعريف القيادة والشرعية والمستقبل
أما الرئيس الشّرع فكان يجلس بثبات لا يطلب اعترافا بل يفرضه عبر الحضور والرمز والهدوء الذي يشبه صوتا داخليا يقول لقد بدأنا شئتم أم أبيتم
و الدلالات الرّمزيّة لانطفاء صوت مليوني أمام الشّرع
١ _ الاعتراف الرمزي بالشرعية الجديدة
صمتها لم يكن حيادا بل اعترافا غير معلن بان مركز الثقل السياسي انتقل من الغرب إلى الشرق ومن الخطاب الأوروبي إلى القيادة السورية الجديدة
٢ _ انكسار الصوت أمام الرمز
شخصية مليوني التي اعتادت أن تفرض حضورها عبر الصوت وجدت نفسها أمام شخصية رمزية لا تحتاج إلى ضجيج بل تفرض حضورها بالثبات والهدوء مما جعل صوتها غير ذي جدوى
٣ تحول من الفعل إلى التأمل
جلوسها بصمت ويدها على خدها يعكس انتقالها من موقع الفاعل السياسي إلى موقع المتأمل التاريخي وكأنها تشهد لحظة لا يمكن التدخل فيها بل فقط مراقبتها
٤ _ تراجع الهيمنة الأوروبية الرمزية
حضورها الصامت أمام الشّرع يعبر عن تراجع الهيمنة الرمزية للسياسي الأوروبي لصالح رمزية شرقية جديدة تعيد تعريف مفاهيم القيادة والشرعية
٥ _ إعادة تعريف القوة
في تلك اللحظة لم تكن القوة في الصوت العالي بل في القدرة على الصمت أمام من يملك زمام اللحظة الشرع لم يسكتها بل جعل صوتها غير ضروري
هذا المشهد كما رآه عكس الاتّجاه نيوز ليس مجرّد لقاء سياسي بل لحظة رمزيّة تعلن بداية مرحلة جديدة حيث تعيد سوريا تعريف موقعها في العالم وتجبر حتى أكثر الشخصيات الأوروبية صلابة على خفض الصوت أمام التّاريخ .
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً