مقالات

الإعلام الجّديد من مرآة الحدث إلى صانع المعنى

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة

في زمن تتسارع فيه التّحوّلات وتتشابك فيه الأزمات لم يعد الإعلام العربي قادرا على الاكتفاء بدور الناقل أو المعلق لقد آن الأوان لأن يتحوّل إلى فاعل معرفي ومؤسّسة أخلاقيّة ومنصّة لإعادة بناء الوعي الجّمعي هذه ليست دعوة للتجميل بل نداء لإعادة تعريف المنهج الإعلامي من جذوره

لقد بدأنا نلمس ملامح هذا التّحوُّل في عدة مستويات

في الخط السياسي لم يعد الصحفي مجرد ناقل لبيانات السلطة بل أصبح شريكا في مساءلتها ووسيطا بين المواطن وصانع القرار الإعلام الجديد لا يطلب الإذن بل يفرض حضوره عبر المهنية والجرأة

في المهنية لم تعد الحيادية تعني التواطؤ مع الصمت بل أصبحت تعني النزاهة في الطرح والالتزام بالحقيقة والقدرة على كشف التناقضات دون انزلاق إلى الشعبوية أو الاثارة

في الكفاءة البشرية نشهد ولادة جيل من الصحفيين الذين لا يكتفون بالمهارات التقنية بل يمتلكون أدوات التحليل الثقافي والوعي التاريخي والقدرة على تفكيك الخطاب السائد وإعادة تركيبه

في الخصوصية المحلية بدأنا نرى صحافة تنبع من الأرض من الذاكرة من الجرح من الهوية صحافة لا تستورد سردياتها بل تصوغها من نبض الناس ومن تعقيدات الواقع ومن تعددية الثقافة

في العلاقة مع المؤسسات الرسمية هناك مؤشرات على تحوّل تدريجي من الحجب إلى الشراكة توفير المعلومات الإبلاغ عن الفعاليات إرسال الردود كلها خطوات نحو بناء ثقة مفقودة لكنها لا تزال في طور التجريب وتحتاج إلى ترسيخ ثقافة الشفافية لا مجرد إجراءات شكلية

هذا التّحوُّل لا يقاس بعدد المتابعين أو سرعة النشر بل يقاس بقدرة الإعلام على أن يكون ضميرا حيا وذاكرة مقاومة ومنصة للشفاء الجّمعي نحن لا نكتب فقط لننقل بل لنعيد بناء المعنى ولنحمي الهوية ولنقاوم النسيان

في عكس الاتّجاه نيوز نؤمن أن الإعلام ليس مهنة بل رسالة ليس وظيفة بل فعل وجودي ومن هنا نطلق هذا الملف التحليلي لنرصد ملامح التحول ونفكك تحدياته ونرسم ملامح المستقبل الذي نريده إعلام حر واعي أخلاقي ومؤثّر

عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى