مقالات

توقع المآلات.

كمال خلف

اعلان الرئيس جو بادين خلال قمة العشرين عن المرر الاقتصادي الذي يربط الهند بأوروبا مرورا بالمنطقة، كان احد دوافع الصين لفتح أبواب بكين مشرعة امام الأسد، الجغرافية السورية هي الطريق البديل للصين في صراعها على تثبيت ممر الحزام الطريق العالمي القرار السياسي في سورية خارج عن نطاق الهيمنة الامريكية وهذا مهم للصين. تمكن الولايات المتحدة من الإمساك بالجغرافية السورية خطوة متقدمة في خطط الإدارة الامريكية لتعطيل تنفيذ المشروع الصيني، وهي تفعل.

فصل الجنوب السوري المحاولات التي تجري الان في السويداء، لا يقتصر على تحقيق هدف امن إسرائيل فقط، هو إضافة الى ذلك عزل العبور بين الحدود مع الأردن والخليج، اما في الشرق يجري تدريجا عزل سورية عن العراق، التحركات العسكرية الامريكية بدأت منذ اشهر لتحقيق ذلك، وفي الغرب ستكبر قصة التهريب وعبور النازحين من سورية الى لبنان “يجري تضخيمها وتحويلها لقضية راي عام” تمهيدا لقبول امر واقع تحت ضغط شعبي ومن قوى سياسية لبنانية تحت عنوان ضبط الحدود لتوضع تحت السيطرة الامريكية بشكل او باخر وعزل سورية عن لبنان، وفي الشمال مع تركيا الوضع لا يحتاج الى توضيح. وبالتالي أغلقت سورية كمعبر وطريق وعزلت.

هذه الاستراتيجية التدريجية حتى الان تمرر خلسة بعناوين محلية “غضب أهالي السويداء”، خطورة النزوح والتهريب على لبنان”، تعزيز وضع القوات وزيادة عديد المليشيات المحلية التابعة للقوات الامريكية شرق سورية بذريعة عودة تنظيم “داعش”. الصين ابرز المستهدفين من لعبة العبث بالخرائط وخلق حقائق ميدانية يصعب التعامل معها لاحقا. وهو ما دفعها لرفع ورقة التحدي للولايات المتحدة في سورية.

وقضية أخرى مخفية وان لم تحضر على مائدة الاعلام، هي حاضرة على طاولة السياسية، تخص الحوض السوري للنفط والغاز في المتوسط وفي البر، التقديرات ودون أي مبالغة تتحدث عن كميات تتجاوز ما لدى بعض الدول الخليجية. هذه الحقيقة تعرفها جيدا عواصم القرار، وهي تفسر خطوات أمريكية للتمدد شمالا على سواحل لبنان، توسيع السفارة الامريكية شمال بيروت، وإعادة احياء مطالب تشغيل مطار القليعات المغلق منذ الحرب الاهلية شمال لبنان بالقرب من السواحل السورية هي خطوات مازالت أولية، ومن المحتمل اننا سنشهد المزيد منها خلال الفترة المقبلة. كل ما سبق لا يعني النجاح والتنفيذ وقضي الامر. من الملاحظ مثلا ان الولايات المتحدة فرملت سرعة اندفاع تنفيذ مشروعها في السويداء وجنوب سورية في اللحظة التي تم اعلان دمشق عن زيارة الأسد لبكين. لكن كيف سيكون شكل الصراع لاحقا؟، وكيف سيتم اجبار الولايات المتحدة على ترك لعبة الحدود والعبث بالخرائط ومصير الشعب السوري ووحدته؟ وهل ستقع المهمة على سورية ومحور المقاومة ام المحور الدولي الاخذ بالتشكل ضد الهيمنة الامريكية. وكم سيكلف ذلك

كاتب واعلامي فلسطيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى