دور الولايات المتحدة الامريكية في خراب وتدمير المنطقة
فؤاد دبور
جعلت الولايات المتحدة الأمريكية من ما يسمى بالشرق الأوسط منطقة تعيش الحروب والأزمات خاصة بسبب احتضانها للكيان الصهيوني وإمداده بكل أشكال الدعم المادي والاقتصادي والعسكري وتوفير الحماية السياسية والأمنية والعسكرية لهذا الكيان الغاصب لأرض فلسطين العربية والذي أصبح قاعدة تهديد وانطلاق نحو خلق الأزمات والعدوان على الأقطار العربية وايران وغيرها، والتدخل بشؤونها الداخلية ونشر خلايا التجسس والاغتيالات في العديد من هذه الأقطار والعمل على إجهاض أي مشروع نهضوي عربي يحقق للعرب آمالهم المشروعة عن طريق توحيد جهودهم الضرورية لمواجهة اخطار المشروع الصهيوني والمشاريع الامبريالية التي تعمل الإدارات الأمريكية على تنفيذها في المنطقة الغنية بالمادة الإستراتيجية “النفط” والغاز، وقد تأثرت السياسة الأمريكية تجاه المنطقة والوطن العربي بالصهيونية العالمية واللوبي المؤيد لهذه الحركة في الكونجرس الأمريكي فالصراع العربي – الصهيوني والعداء للقومية العربية وحركات التحرر العربية، حددت هذه العناصر وغيرها أسس السياسة الخارجية الأمريكية والمخططات والمشاريع التي عملت، وما زالت، تعمل الإدارات الأمريكية المتعاقبة على انجازها، ومن هنا يأتي العداء والحقد الأمريكي ضد الجهات التي تشكل عقبة امام سياساتها ومشاريعها وبخاصة سورية والمقاومة في فلسطين ولبنان وهي (أمريكا) تعمل على خلق الأزمات والمشاكل والتدخل السافر بكل أشكاله لإضعاف الرافضين لسياستها وشل قدرتهم على مواجهة المشاريع الامبريالية والصهيونية وقد تجسد هذا العداء والتدخل العالي الوتيرة في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش (الابن) حيث رفع شعار “من ليس معنا فهو ضدنا” واقدم على شن حرب عدوانية على العراق (آذار 2003) وإصدار القرار 1559 أيلول 2004، الذي استهدف سورية والمقاومة الوطنية اللبنانية وقام بحصار سورية وشن حرب عدوانية عليها في الخامس عشر من اذار 2011 ولسنا بحاجة لاعترافات حمد بن قاسم المتمثلة بدور الولايات المتحدة في هذه الحرب القذرة التي استهدفت المقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان في الثاني عشر من تموز عام 2006، عبر شريكها الاستراتيجي في المنطقة “الكيان الصهيوني” مثلما شجعت الحكومة الصهيونية برئاسة اولمرت على شن حرب عدوانية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عام 2008، وتبعتها اكثر من عدوان 2012، 2014 وحروب اخرى متعددة.وها هي الادارة الحالية تصعد العداء للعرب وبذل كل الجهود من اجل حماية امن الكيان الصهيوني ونهب ثروات العرب وبخاصة النفطية منها والتدخل العدواني في الشؤون الداخلية للعديد من أقطار الوطن العربي وبخاصة في لبنان وسورية وفلسطين والعراق طبعا، وإذا ما عدنا إلى التاريخ غير البعيد وبالتحديد لشهر شباط من العام 1982 نجد المشروع الأمريكي الصهيوني المعادي للعرب الذي أطلقه الشريكان والقائم على تقسيم وتفتيت الأقطار العربية إلى كيانات هزيلة على أساس الأعراق والطائفة والمذهب من اجل إضعاف العرب خدمة للمشروع الصهيوني من جهة وفتح الطريق واسعا لتنفيذ المصالح والأطماع الأمريكية من جهة أخرى. وكذلك نجد مشروعا أمريكيا جاء تحت عنوان “الشرق الأوسط الجديد او الكبير” تتجه الولايات المتحدة الأمريكية من خلاله إلى تفتيت الأقطار العربية وبعض الدول الإسلامية على الأسس نفسها (العرقية والطائفية والمذهبية)، وتحت ذرائع وحجج زائفة.وما زالت هذه المخططات والمشاريع سارية المفعول حيث يعمل الشريكان الصهيوني والأمريكي ومعهما الاتباع في المنطقة تنفيذها عبر خلق الأزمات والفوضى والفتن والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد في العديد من أقطار الوطن العربي ويأتي ضمن تطبيق هذه المشاريع وبخاصة المشروع الأمريكي الذي يهدف إلى تصفية قضية الشعب العربي الفلسطيني في ظل ما يسمى بالعملية السلمية في المنطقة والمستندة إلى ما يسمى بصفقة القرن وغيرها من المخططات التي تحاول الإدارات الأمريكية تمريرها عبر الضغط على الشعب الفلسطيني وقواه، وجعلها تقبل بها رغم سياسات حكومة الإرهابي نتنياهو في الاستمرار في نهب الأرض العربية الفلسطينية وإقامة المستعمرات الاستيطانية فوقها والإقدام على توسيع المستعمرات القائمة في الضفة الغربية بعامة وحول مدينة القدس العربية بخاصة حيث تستكمل حكومة نتنياهو تهويد المدينة المقدسة ولما كانت سورية والمقاومة الفلسطينية ومعهما المقاومة الوطنية اللبنانية يرفضون تصفية القضية الفلسطينية ويقاومون معا أية مشاريع لا تعيد الأرض العربية المحتلة والحقوق العربية المشروعة فلا بد من الإقدام على أعمال من شأنها إضعاف هذه الجهات لتصبح غير قادرة على منع تمرير هذه المشاريع، ولما كانت التحركات الشعبية سمة المنطقة هذه الأيام فقد لجأت الجهات المعادية (الأمريكية والصهيونية) إلى تحريك العصابات الارهابية في سورية والفئات التي لها مصلحة حقيقية في استهداف الدولة السورية التي تشكل ركيزة أساسية في دعم المقاومة وإمدادها بالقدرة على مواجهة المشاريع الصهيونية والأمريكية خاصة وان سورية والمقاومة تتصديان معا للمشاريع الامريكية- الصهيونية التي تستهدف اقطار الامة العربية.وعليه فإن ما تشهده سورية هذه الأيام يأتي بسبب موقفها الوطني والقومي المتمسك بحقوقها وحقوق العرب ولان سورية دولة وطنية تتمسك بقرارها المستقل وترفض الوصاية والتبعية والالتحاق بالمشاريع الصهيونية والأمريكية وترفض القبول باشتراطات تجعل منها دولة تقبل بالتبعية كان لا بد من إضعافها عبر شن الحرب الكونية غير المسبوقة عليها، وتصدت سورية للعصابات المسلحة ذات الأهداف التي تخدم المخططات المعادية أو تلك المرتبطة بالجهات المعادية. وتعمل القيادة السورية على سيادة الوطن واستقلاله وتحمل مسؤولياتها في هذه الظروف العصيبة واللحظات القاسية حيث تدرك القيادة السورية بأن ما يجري إنما يشكل امتدادا للصراع التاريخي ما بين المشروع الامبريالي الصهيوني الاستعماري والمشروع القومي العربي النهضوي وما يمثله هذا الصراع من تناقض في المصالح بين الامبريالية والقوى العربية المقاومة المنخرطة بشكل مباشر في هذا الصراع. نراهن على القوى الحية في امتنا العربية وهذا يجعلنا نؤكد على أن هذه المنطقة لن تصبح أمريكية التوجه ولن ترضخ للأنماط السياسية والاقتصادية والثقافية الأمريكية، مثلما نؤكد على أن سياسة الحرب والعدوان والبطش والإرهاب والتعذيب ونشر الفوضى المسماة “بالخلاقة” لن تحقق الأهداف والمخططات الأمريكية والصهيونية في لبنان وسورية فالفشل مصير هذا النهج العدواني الامريكي. ورغم الحروب العدوانية ومحاولات خلق الفتن بأدوات داخلية تابعة ومرتهنة لمصالحها الذاتية على حساب الوطن وأمنه.وتشهد المنطقة بعامة وسورية والعراق بخاصة رفع عدد القوات الامريكية المحتلة لهذين القطرين العربيين الجارين وتزويد هذه القوات بالأسلحة المتطورة بريا وجويا وما يرافق هذه الزيادة بعدد القوات الامريكية من معلومات حول المشروع الامريكي الصهيوني باستهداف المنطقة الحدودية بين القطرين من اجل اغلاق الحدود بين سورية والعراق شمالا، جنوبا (قاعدة التنف). لمنع وصول اية امدادات نفطية وغذائية وتجارية بين القطرين وبذريعة ان هذه المعابر الحدودية تنقل سلاحا الى سورية والمقاومة في لبنان عبرها من ايران. وكذلك فإن الادارة الامريكية تستهدف من هذه الامدادات العسكرية الى فتح جبهة مع القوات الروسية المتواجدة على الارض السورية برا وفي الموانئ السورية بحرا.وقبل ذلك وبعده، شددت الادارة الامريكية الحصار على سورية ومنعت قيام اية علاقا بين سورية والعديد من الانظمة العربية. هذا الحصار الذي يستهدف حياة الشعب العربي السوري ليس في نفطه وغازه المنهوب امريكيا بل حتى في لقمة عيشه ومستلزمات حياته الضرورية.نقول لكل من يراهن على أمريكا الشريك الأساسي للعدو الصهيوني من الفئات الضالة الخارجة على أمتها، لقد انتهت الحقبة الأمريكية في المنطقة والى الأبد وان المرحلة القادمة سوف تكون حقبة جديدة من تاريخ المنطقة وسيكون لقوى المقاومة العربية والإسلامية في المنطقة الدور الأساسي في صياغة هذه الحقبة وذلك من خلال ترسيخ الوحدة الوطنية في كل قطر عربي واعتماد المقاومة في مواجهة أعداء الأمة ومخططاتهم.
فـــؤاد دبـــور 14/8/2023