بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّةقربباعلى عكس الاتجاه نيوز
في عالم السياسة لا تقاس الكلمات بعدد حروفها بل بوزنها الرمزي وتوقيت إطلاقها والسياق الذي تحيط به
وفي لقاء جمع الرئيس أحمد الشّرع بالجنرال الامريكي ديفيد بتريوس أطلق الشّرع جملة ضاحكة لكنها كانت أشبه بصاعقة دبلوماسية
مهمتي بسوريا اصعب من مهمتك بالعراق
ضحك الشرع لكن خلف الضحكة نار من الإدراك السيادي وفلسفة قيادة لا تقال إلا لمن يعرف أن بناء وطن أصعب من احتلاله
فبتريوس الذي قاد جيوشا في العراق يعرف معنى السيطرة العسكرية أما الشرع فيقود مهمة من نوع آخر
مهمة ترميم وطن واستعادة كرامة وإعادة تعريف القيادة الوطنية في زمن التزييف والانقسام
العبارة لم تكن مقارنة بين رجلين بل بين مهمتين
الأولى مسنودة بالدبابات والثانية مسنودة بالشعب
الأولى مؤقتة والثانية تاريخية
الأولى تدار من غرف العمليات والثانية تصاغ في ضمير الأمة
لكن هذه الجملة رغم بساطتها تفتح أبواباً لتحليل متعدّد الأبعاد
الشرع لا يكتفي بإدارة أزمة بل يواجه تشابكا دوليا معقدا حيث تتداخل مصالح القوى الكبرى وتختبر السيادة في كل قرار
مهمته ليست فقط الحفاظ على وحدة سوريا بل إعادة تثبيت موقعها في الخارطة الدولية كدولة مستقلة لا تابعة ولا مستباحة
الضحكة التي رافقت الجملة ليست استخفافا بل تعبير عن الثقة بالنفس وعن إدراك الشرع لحجم المهمة التي يحملها
أنها ضحكة من يعرف أن طريقه طويل لكنه يسير فيه بثبات لا بانكسار
بتريوس قاد قوات في بلد محتل بينما الشرع يواجه جبهات داخلية فساد انقسام فقدان الثقة
مهمة الشّرع ليست فرض النظام بل إعادة بنائه من الجذور وهي مهمة تتطلب حنكة أكثر من القوة وصبرا أكثر من السرعة
سوريا ليست مجرد جغرافيا بل سردية وطنية وهوية حضارية وذاكرة مقاومة
الشّرع لا يدير مؤسسات فقط بل يحمي روح وطن ويعيد بناء العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن
البعد السيادي والرمزي
العبارة تكمل موقف الكرسي الذي رفض الشرع الجلوس عليه في واشنطن
فهو لا يساوم على رمزية القيادة ولا يقبل أن يقارن موقعه بموقع عسكري مؤقت
الكرسي الذي يجلس عليه الشرع هو كرسي السيادة لا يستبدل ولا يخفض ولا يقارن
في لحظة لقاء مع جنرال أمريكي اختار الشّرع أن يضع المهمة السورية في مرتبة أعلى من مهمة الاحتلال ليعيد تعريف معنى القيادة الوطنية
إنها لحظة تكتب في دفاتر السيادة وتُدرّس في مدارس القيادة
لحظة قال فيها رئيس لجنرال
أنا لا أقاتل شعباً بل أبنيه
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً
