بحال هزمت المقاومة: استيطان إسرائيلي، سوري، فلسطيني، الشيعة إلى العراق، الدروز إلى وادي التيم، وقيام دولة علوية.
بقلم ناجي أمّهز
في عام 2014 بدأت بعض الأصوات الدولية والداخلية ترتفع لتشكك في الجيش اللبناني، ولأنني أعلم أن كل من يشكك في الجيش اللبناني هو عدو للبنان ولشعبه، فإن من يحاول المساس به حتمًا يخدم أجندة العدو الإسرائيلي، لأن الجيش اللبناني هو لبنان الحقيقي بكل أطيافه وطوائفه، بل هو المؤسسة الأم.
يومها انبريت وفي 25-11-2014 كتبت مقالًا بعنوان: “إسرائيل تنهي لبنان وتحاصر المقاومة وتستهدف الجيش بالحرب السورية”، يحتوي على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الدفاع عن الجيش
القسم الثاني: كيف ستتحول غالبية النازحين السوريين إلى عملاء يهددون المقاومة من الداخل.
القسم الثالث: كيف ستنهي إسرائيل لبنان.
الجيش: إن إسرائيل التي تستهدف الجيش اللبناني تمنع عبر بعثاتها وحلفائها في العالم أي دعم له، بل تضغط بواسطة مراكز القوى التي تسيطر عليها دوليًا لعرقلة أي مبادرة حقيقية لتسليح الجيش وتطوير قدراته القتالية. ولا تكتفي عند هذا الحد، بل تحاول أن تنال من المؤسسة العسكرية عبر تصويرها على أنها تنتهك حقوق الإنسان والمواثيق الدولية من خلال بعض وسائل الإعلام، وآخرها حملة فيصل القاسم، التي شاهدنا للأسف كيف تحدث بعض السوريين عن الجيش اللبناني وبأي طريقة. ومع ذلك، لم تتحرك الحكومة أو الساسة في لبنان لوضع حد لذلك، تحت ذريعة عدم التعرض للنازحين.
النازحين السوريين ومحاولة القضاء على المقاومة: بالنسبة لمحاصرة المقاومة، فإن إسرائيل التي تراقب عن كثب المعركة التي تدور في سوريا بل وتشارك فيها عبر أكثر من جهة، من تدريب وتمويل لما يُعرف بالمعارضة والتكفيريين بشكل مباشر أو غير مباشر، ترسم نهاية للمقاومة من خلال خسائر الشهداء على الأراضي السورية. وفي الوقت نفسه، تحاصر المقاومة داخليًا من خلال بعض السوريين الذين فقدوا أقاربهم على يد المقاومة، مما قد يدفعهم لنقل معلومات عن المقاومة، اما مباشرة الى اسرائيل، او للمقاتلين السوريين، وهذه المعلومات قد تصل إلى الإسرائيليين الذين يبنون عليها استراتيجياتهم للمرحلة المقبلة. وبذلك، تمتلك إسرائيل عشرات الآلاف من العملاء دون علمهم، بفضل عملية نفسية سببها صراع الألم وغياب الأفق الاعلامي في سوريا.
وعندما تطالعون القسم الثاني وتتابعون اليوم وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام ستجدون أن كل ما كتبته يُطبَّق حرفيًا.
القسم الثالث: دراسة تتحدث عن أسباب زوال لبنان نتيجة فقدانه لدوره التاريخي في الشرق الأوسط كموطن للطوائف والخدمات المالية وكوسيط سياسي وتجاري.
في عام 2018 وفي أحد الصالونات السياسية المسيحية التي دُعيت إليها، كان موضوع مقالي هو المطروح للنقاش. وكتبت مسودة على عجل انتشرت في الإعلام بعنوان: “دولتان عربيتان مهددتان بالزوال قبل نهاية حكم ترامب”.
خلصت إلى نتيجة بأن الدولتين العربيتين المهددتين بالاختفاء عن الخارطة هما دولة فلسطين ولبنان. وعند مقارنة الوضع الإنمائي والاجتماعي وما يعانيه الشعبان في البلدين على الصعيد الاقتصادي والصراع السياسي على المال والسلطة، نجد نفس العوامل التي ستوصلهما إلى الانهيار التام.
في 3-9-2024 استعرض رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خريطة لإسرائيل، لم تظهر فيها مدن الضفة الغربية المحتلة، لكن ظهرت فيها غزة.
في 27-9-2024 ومن على منصة الأمم المتحدة، قام نتنياهو بحمل خريطة لا تحتوي على الضفة وغزة معًا، وأعلن صراحةً رفضه لحل الدولتين.
منذ ذلك التاريخ وأنا أتابع الموقف الأمريكي والأوروبي، إضافة إلى الصمت الروسي والصيني، وأراقب ما يجري على لبنان من حرب لا تختلف أبدًا عن ما يجري في غزة، حيث أن ما حذرت منه قبل عشر سنوات نفذ بحذافيره، إن كان على مستوى انهيار لبنان وما يقوم به بعض النازحين الذين تحولوا إلى عملاء وقدّموا كافة المعلومات عن المقاومة، حتى لم يعد هناك سيارة أو مقاتل للمقاومة إلا ويوجد عنه معلومات وافية لدى العدو الإسرائيلي.
ومن الطبيعي جدًا أن يوافق الأوروبيون والأمريكيون وحتى الروس والصينيون على زوال لبنان، لأن زوال لبنان قد يدخل المنطقة في حالة من الاستقرار لعدة عقود.
كما قال ترامب في 15-8-2024، ونقلته القناة الـ12 الإسرائيلية: “مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها”.
وبالإضافة إلى تغريدة وليد جنبلاط في 10-9-2024: “يبدو وفق كل التوقعات أن الحرب لن تنتهي، وأننا فقط في بدايتها، كما يبدو أن المشروع الصهيوني لن يقف عند إزالة غزة، بل سيستمر في الضفة استكمالًا لوعد بلفور والرؤية التوراتية”.
كل الكبار في العالم يعلمون أنه لا يمكن إعلان دولة إسرائيل ما لم تحتل قبر حيرام في صور، وهذه ثابتة في الطقوس اليهودية.
زوال لبنان سيوسع مساحة إسرائيل التي تعتقد أنها حدودها الطبيعية تمتد من جبل الطور في سيناء وصولًا إلى غور الأردن عند حدود سدوم وعمورة وصولًا إلى صور في لبنان.
كما أن زوال لبنان سيسمح لإسرائيل بتوطين ما يقارب 2 مليون فلسطيني في مساحة تمتد من صيدا وصولًا إلى بيروت.، مما يساعدها على انهاء حل الدولتين بطريقة غير مكلفة.
وزوال لبنان يمنح اوروبا هامشا كبيرا للغاية ويخفف عتها اعباء مالية هائلة واعباء امنية مرعبة جراء موجة النزوح السوري اليها، لذلك هذا الزوال يسمح لها بتوطين 5 ملايين نازح سوري في البقاع وصولًا إلى عكار وطرابلس.
ومع هذا الاستيطان والتوطين الذي يهجر شيعة البقاع والجنوب الى الداخل اللبناني، وحصرهم بمساحة جغرافية معينة، تبدا هذه الدول على افتعال نقمة او ربما حرب داخلية لطرد الشيعة الى العراق.
بعد ترحيل ما يمكن ترحيله من الشيعة الى العراق الذي بدا بانشاء مدن ومستوطنات لشيعة لبنان، يصبح لبنان محصورا بفئة درزية مسيحية.
يتوقع انه خلال 5 او 6 سنوات من ترحيل الشيعة واستقرار المستوطنين الاسرائيليين والنازحين السوريين والفلسطيين في اماكنهم، ان تنشاء حرب دينية بين الفلسطينيين والمسيحيين بذريعة كذريعة صبرا وشاتيلا، والانتقام من اليمين الماروني الانعزالي.
لن اتحدث عن ما قد يجري مع المسيحيين، لانه مهما قلت سيقال لك لن نترك لبنان، بالمقابل ينسى المسيحيين انه اكثر من ثلث المسيحيين غادروا لبنان بين اعوام 1990 وعام 2000 رغم التطمينات السورية والامريكية.
ويتناسون مخطط كيسنجر، وكيف تم توريطهم بحروب قضت على كل شيء.
أما الدروز فسينتقلون من جبل العرب وجبل لبنان إلى وادي التيم بحدوده القديمة مما يعني تحولهم الى مواطنين اسرائيليين.
وأخيرًا، ستقام دولة علوية على الساحل السوري بحماية روسية، وتحالف مع إسرائيل يشبه التحالف الدرزي الإسرائيلي.
لذلك كل هذا الصمت الدولي والعربي هو بانتظار سقوط المقاومة لسقوط لبنان، وبداية شرق اوسط جديد يتحدث عنه رئيس وزراء العدو الاسرائيلي نتنياهو.
هذا الكلام الذي أكتبه لن يتغير منه حرف واحد بحال، لا سمح الله، خسرت المقاومة التي تقاتل اليوم على جبهة الجنوب لمنع الإسرائيلي من الاحتلال والاستيطان وتوطين الفلسطينيين، ولمنع الأوروبي والأمريكي من منح جزء كبير من لبنان للنازحين السوريين. ومن سمع ما قاله الاتحاد الأوروبي للنواب والوزراء بل كافة أركان الدولة اللبنانية، يدرك أن بقاء النازحين هو مشروع قائم لا تراجع عنه، حتى لو أدى ذلك إلى تدمير لبنان مرات ومرات.
والسلام