مقالات

يحيى السنوار .. عثمان العرب الذي قتلوه ..

نارام سرجون

ماذا عن تطوير الهجوم؟لو كان الحق يموت بموت الرجال الذين يطالبون به لانتهت البشرية الى العبودية والى شريعة الغابات ولكانت التماسيح هي التي نصلي لها .. ولكن طالما بقي الظلم فان الحق سيبقى يبحث عن اصحابه ..اعترف انني توقعت ان يستشهد السنوار وفي احاديث عديدة مع من حولي كنت أقول يقينا ان السنوار سيستشهد على أرض غزة ان عاجلا او آجلا .. لأنه يقاتل في مساحة ضيقة محصورة وتلاحقه اجهزة مخابرات العالم كله العربي والغربي .. وهو لن يترك شعبه ويخرج ناجيا بنفسه .. وسيصادفه العدو وجها لوجه او سيهتدي الى مكانه بطريقة أو بأخرى .. ولكن مع هذا فان استشهاد السنوار .. كان قاسيا لأن الرجل قتلته الأمة العربية كلها .. التي خذلته .. في أهم لحظة من تاريخها ..مشهد السنوار وهو شهيد سيكون عثمان العرب .. ودمه سيفتك بالعرب ويلاحقهم كاللعنة .. وقميصه – لا قميص عثمان – هو مايجب ان نعلقه اليوم في الكعبة ليشنع على العرب شعوبا وحكومات .. فمن قتل السنوار ليس اسرائيل بل 60 دولة عربية واسلامية وقفت تتفرج وعيونها كعيون الجثث الميتة .. قاتل السنوار عنها وعن شرفها وعن مسجدها .. ولكن العرب خانت عثمان هذا الزمان .. وقتلته .. وصارت تلوم عليا وشيعة علي على موته ..كم نعيد تاريخنا بقتل خلفائنا .. نحن أمة بارعة في قتل الخلفاء .. وهل في قتل السنوار والسيد حسن والتخلي عنهما الا شبيها بقتل الخلفاء .. ليس قميص عثمان ماكان يجب ان يعلق في الكعبة بل قميص السنوار المدمى يجب ان يعلق على جدار ذاكرة كل عربي .. وعلى عتبة كل باب عربي .. وفي كل محراب .. وفي كل شارع .. وفي غرف النوم والصاونات وغرف الضيوف .. وان يعلق بدل لوحات الرياء التي تكتب سورة الفاتحة وأدعية (يارضا الله ورضا الوالدين) التي ننافق فيها الله والناس .. وبدل آية الكرسي التي خذلنا قرآنها وقتلنا عثماننا الذي وقفنا عاما كاملا ننتظر نهايته .. وتبرعنا بالاكاذيب .. وتبرعنا بالشائعات .. مرة اتهمناه انه عميل اسرائيلي ومرة اتهمناه انه عميل ايراني ومرة اتهمناه انه نرجسي مجنون .. ولكنه كان يحي السنوار .. باختصار قطعة أرض فلسطينية تتحرك في غزة على صورة رجل .. وزيتونة فلسطينية منحوتة على شكل محارب ..السنوار أهدى الامة نصرا عظيما يوم 7 أوكتوبر .. ولكن الامة كلها طعنته في ظهره وقلبه .. وتخلت عنه .. باستثناء محور المقاومة .. الذي قدم الشهداء بسخاء ..ولكن عندما تريد ان تقاتل عدوك فعليك ان تتعلم من السنوار الذي عرف عدوه .. فاياك أن تقاتل دون أن (تعرف عدوك) وتفكك نفسية العدو وتفهم كيف يفكر .. لأن شعار (اعرف عدوك) هو أهم نقطة لكسب الحرب والصراع .. فالتاريخ لم يعط النصر لمحارب لم يعرف عدوه جيدا .. بل انه يكاد يكون قانونا ان المهزومين هم من لم يعرفوا عن عدوهم الكثير .. وعرف عنهم عدوهم كل شيء ..اليوم في هذا الصراع مع الغرب الذي يقاتلنا باسرائيل صرنا نعرف أن العدو يهمه جدا ان يقتل فينا الأمل .. وان الرجال الذين زرعوا الأمل يجب ان يعاقبوا بالموت .. وأن يبلغنا انه يجب أن نرى انفسنا عبيدا .. ومواطنين أقل من مستوى البشر .. ولذلك فانه يقتل باسراف وافراط كل مايجده دون حاجة للقتل .. لأن الرسالة الينا هي اننا يجب ان نفكر انه متفوق علينا حيث اننا نموت بلا ثمن كالأغنام ولايرف جفن لكل كتب حقوق الانسان وقوانين الحرب .. وتتلاشى اجتهادات فقهاء الحرية والطفولة .. فيموت أطفالنا حرقا أمام عيوننا .. لأننا أزعجنا أطفاله وأسمعناهم أصوات صفارات الانذار ..وهذا العالم الغربي يرى ان العربي شخص عاطفي يتعلق بقادته ورموزه ولذلك فانه كان حريصا جدا في التعامل مع العرب على ان يقتل زعماءهم وقادتهم وفق قاعدة (اقتل الراعي تتشتت الاغنام) .. فقتل الرئيس العراقي وتباهى انه قتله وأظهره أمام عيوننا يشنق ليس لأنه لم يقدر ان يمنع الصعاليك من الرقص عند المشنقة وتصويره بل لأنه يريدنا ان نتذكر ان أقوانا سيشنق لأنه تمرد .. والغرب قتل الزعيم القذافي وعرضه في السوق لردع الشعوب العربية وليس لردع قادة العرب وتلقينهم درسا .. وقتل اسماعيل هنية علنا في أقوى عاصمة للمحور ليلقننا درسا .. ثم اغتال السيد حسن نصرالله وقادة حزب الله ليقول ان اميريكا لاتقبل ان يقال لها لا .. واليوم يقتل السنوار .. ويهدد انه سيكمل تصفية بقية قادة المحور حتى وان اقتضى الامر تصفية القائد الخامنئي .. وأنا على يقين انه حتى لو عرضت حماس اطلاق سراح الاسرى الصهاينة فان اسرائيل لن تقبل .. بل هي تفضل بقاء الاسراى كذريعة لاستمرار الحرب .. بل انها حتى لو استردت الأسرى فانها ستتابع المعركة لأنها منتشية بالنصر المعنوي الذي تحقق لها بقتل ألد أعدائها وأقوى رموزهم ..الاسرائيلي كي يتعلم الهزيمة يجب ان يصل الى ان هذه المعركة مختلفة جدا وأنها جذر الهزيمة .. وليست هناك الا طريقة واحدة لاثبات أنه كان على خطأ شديد وهو تطوير الهجوم والدفع بالحرب لتدخل الى بيته حتى لو أوقفها هو .. وزيادة عيار القصف والايلام حتى ينفذ الاسرائيلي ماقرره القادة الشهداء .. وهو (الانسحاب من غزة وصفقة تبادل مشرفة لتحرير كل الاسرى دون استثناء .. وعدم ابرام اي اتفاق هدنة مع العدو .. واستئناف عملية تحرير العراق وسورية ومعاقبة الاميركي الذي تسبب في محرقة غزة بأن يرغم على الخروج من المنطقة بالعمليات المقاومة) ..علينا أن نجري مراجعات لكل الفترة الماضية وأن لانتوقف في المراجعة عند استشهاد السنوار .. بل فلنظر الى المستقبل .. لأن اي ايقاف للحرب في هذه النتائج سيعني نهاية محور المقاومة معنويا ونفسيا .. ونهاية تجربة المقاومة واستقواء التيارات المتصهينة والضعيفة في مجتمعاتنا لأن هدوء الجبهات الأن على الشروط الاسرائيلية و”الفتوح الاسرائيلية” ستعني ان اسرائيل ستحظى بأكبر فترة هدوء وأمان في حياتها لأنه لن ينهض أي قائد ليعيد هيبة المحور بسرعة …. وسيكون أمام كل حركة كفاح ان تتذكر ماحل بانجاز 7 اوكتوبر الذي قتله العرب .. وقتلوا صاحبه وحلفاءه .. وسيكشف الزمن ان كل فواتير الحرب على غزة دفعتها دول الخليج على داير مليم .. وستعوض عن كل ماسورة ماء انكسرت في اسرائيل .. فهذه هي وظيفة دويلات النفط .. تخريب بلدان العرب واعمار بلدان المستعمرين .. وستعود الى اسرائيل الاستثمارات والمهاجرون بعد ان يطمئن الجميع ان اسرائيل آمنة لعقد كامل كما حدث بعد انتهاء الانتفاضة ونهوض تيار اوسلو الذي كان نتيجة لاعلان الهدنة مع الاسرائيليين من قبل تيار الرفض العربي ..ومن هنا فان تطوير الهجوم بأي كلفة سيكون أهم من ايقاف اطلاق النار حتى ولو انه سيوقف الحرب .. وتطوير الهجوم يجب ان يكون الهدف الأساس خلال الاسابيع القليلة القادمة .. ويجب ان يكون في احداث صدمة وحالة من الروع في نفوس الاسرائيليين .. والانتقال من حالة الانتظار والترقب للرد على الأعمال الاسرائيلية .. بصناعة مبادرات هجومية منسقة بين كل أطراف المحور .. لارباك الجبهة الداخلية الاسرائيلية .. والتسديد على المنشأت المدنية الحيوية والاقتصادية وتدفيع الاسرائيلي ثمنا باهظا في حياته المدنية والمس به مباشرة .. لان عدم الدفع بغير ذلك فانه لو يوقف شهية الحرب لدى مجتمع عنصري مريض بجنون التفوق ..اظن أن أي ثمن سيدفع في هذه المواجهة سيكون أقل بكثير من ثمن تجنب المواجهة وسياسة الترقب والتردد والانتظار بدل المبادرة .. وستكون هذه الصدمة في تجدد الهجوم على الاسرائيليين سببا في انكسارهم نفسيا لأنهم سيدركون فعلا ان سياسة الاغتيالات لم تغير شيئا .. ويجب ان يكون اسلوب المحور هو ان الجريمة الصغيرة تواجه بعقاب شديد .. والجريمة الكبيرة تواجه بعقاب أشد ومن نفس نوع الجريمة .. واعادة الاعتبار لمعادلة المدني بالمدني والبناء بالبناء .. واعادة الثور الهائج الى الحظيرة .. فلامكان للثيران الا الحظائر والمسالخ ..السنوار الذي افتتح أهم معركة للحرية في العصر الحديث .. يجب ان تكون شهادته اعلانا لتطوير الهجوم .. لأن أي نكوص في تطوير الهجوم أو التلكؤ فيه سيكون في صالح اسرائيل التي كانت مهزومة طوال 11 شهرا ..خطيئة الامة تجاه السنوار الذي حلم يوما بالحرية لن تزول .. وستبقى هذه الأمة تعيش عقدة الذنب الى الأبد .. وسيبقى دم السنوار مثل دم والد هاملت يجول في شوارعنا .. ويطوف على مآذننا يراقبنا .. يبحث عن الثأر من أمة خائنة .. وملوك خونة .. واخوة خونة .. لأنه كان قائد التحرير وقائد الحلم .. ولأنه كان صادقا .. عاش على أرض فلسطين ومات على أرض فلسطين وغرس جسده مثل اي زيتونة .. وكان جسده مثل خاتم الطابو لملكية الارض .. ختم بدمه على ملكية أرض فلسطين .. من البحر الى النهر ..الأمل لايموت .. مثل الحق .. والحق لايموت لأنه الأمل .. ولذلك .. المعركة مستمرة .. ولن تتوقف الا في القدس ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى