رئيس الدبلوماسية الأمريكية السيد بلينكن وكذبة الصفقة
كتب فراس ياغي
لم يرمش له رمش ولم يتحرك له جفن، وقف السيد بلينكن امام الكاميرات في مؤتمر صحفي ليقول ان السيد نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل قد قبل الإتفاق المحسن الذي طرحته الولايات المتحدة لسد الفجوات بين الوسطاء وإسرائيل، وليس بين حماس وإسرائيل، على الرغم من ان السيد نتنياهو يصر على بقاء الجيش الاسرائيلي في محوري فلادفيا ونتسريم، بما يوحي وبشكل واضح بأن من وافق على تغيير الإتفاق هو السيد بلينكن الذي قبل موقف نتنياهو، واعلن ان على حماس الآن ان تقبل ما قبله السيد بلينكن، وفقا لشروط نتنياهو**واضح جدا أن امريكا ونتنياهو لم يكونا يوما على طرفي نقيض، وواضح ان كل ما كان يحدث من تحرك أمريكي لم يكن سوى بهدف شراء الوقت لكي تستمر إسرائيل في عملياتها ومجازرها في قطاع غزة، وفي محاولة لمنع او تأجيل او تعطيل او تبريد الرد الايراني ورد حزب الله والرد اليمني.**الآن رئيس الدبلوماسية الأمريكية يكشف وبشكل لا لبس فيه ويعلن أن وقف إطلاق النار يتطلب من حماس ان توافق على شروط نتنياهو الجديدة والتي تتمثل بعبارة واحدة “إخضاع حماس” أو الإستسلام والموافقة دون نقاش، حيث تكشف الولايات المتحدة عبر السيد بلينكن ليس انحيازها لإسرائيل وهذا مفروغ منه، ولكن طريقة المناورة والخداع في منح كل الوقت الى نتنياهو ليدمر ويبيد قطاع غزة، وحين وصلت الأمور للمنطقة حيث قام نتنياهو بإستدعاء التصعيد عبر عمليات الإغتيال في طهران وبيروت، تسرع امريكا لمحاولة منع ذلك لأنها لا تريد التورط في الصراع بشكل مباشر كما تدعي، وترسل الوسطاء إلى طهران بانها مصرة على الوصول لصفقة تبادل اسرى توقف إطلاق النار في غزة، وفعلا تقدم اقتراح وقف إطلاق نار وفقا لمتطلبات وشروط نتنياهو القديمة والجديدة، وقف اطلاق نار مؤقت للمرحلة الاولى من الصفقة فقط ووفق شروط صارمة كلها تخدم مفهوم الانتصار المطلق لنتنياهو، وتخدم بقاء ادوات الضغط على حماس لتحقيق اهداف الحرب، في حين المرحلة الثانية والثالثة مرتبطة بموافقة حماس على الشروط الإسرائيلية**السيد بلينكن اماط كل ما يمكن ان يغطي ولو بعض شيء على عورات أمريكا التي لا تغتفر، وجاء للمنطقة ليعلن أن من أفشل الإتفاق هي حركة “حماس” وهذا هو المطلوب اصلا، فحتى الطرح الامريكي الجديد لم يعلن نتنياهو موافقته عليه، بل جائت الموافقة على لسان مستر بلينكن، في حين نتنياهو يعلن بما لا يدع مجال للشك، لن نخرج من محوري فلادفيا ونتسريم، ولن نوقف الحرب حتى القضاء على حماس، وضمن هذه الشروط وغيرها يوافق على ارسال الوفد للقاهرة، لأنه يعلم أن أمريكا “بايدن-بلينكن” لن يتجرأوا على إتهامه بالفشل، بل أعلنوها قبل إجتماع القمة بين الوسطاء بأن حماس تتراجع وبالتالي هي من سيتحمل الفشل**حقيقة المفاوضات الجارية ينظر لها من قبل الولايات المتحدة على ان المنتصر يملي شروطه. وفي نظرهم المنتصر هو “نتنياهو” لذلك شروطه بمثابة أوامر وعلى المهزوم “حماس” أن يقبلها، هكذا تعامل “وليام بيرنز” رئيس أل “سي آي إيه” و “ماكغوريك” “كبير مستشاري البيت الأبيض في إتفاقهما المحسن، وهكذا اعلن رأس الدبلوماسية الأمريكية السيد بلينكن، طبعا ليس مستغربا ذلك، فأمريكا لم تكن يوما وسيطا، بل هي راعية وشريكة لإسرائيل، لكنها تخطيء في طريقة تعاملها، لأن الجانب الآخر هي حركات مقاومة وليست دول، فلا منتصر ولا مهزوم في المعركة، بل مقاومة وشعب سيستمر في مقاومة الإحتلال**أخيرا، لا خيارات أمام حركة “حماس” سوى ان ترفض تلك الشروط وتصر على وقف تام لإطلاق النار وإنسحاب شامل من قطاع غزة، لأن غير ذلك هو إعطاء شرعية لبقاء الإحتلال، وغير ذلك هو الإستسلام وبما يؤسس لشروط جديدة سيكون وقعها أشد خطرا عما قبلها**رئيس الدبلوماسية الامريكية السيد بلينكن حضر وأسس للكذبة الكبرى المسماة صفقة، وإستطاع أن يحقق فقرة علاقات عامة عبر تصريحات إعلامية منافقة وتتنافى مع الواقع، لكنها أماطت اللثام بشكل لا لبس فيه عن السياسة والمخطط الأمريكي للمنطقة، مخطط الانتصار المطلق للسيد نتنياهو الذي لا يقنع الرأي العام الإسرائيلي، ولكنه كما يبدو يقنع السيد بلينكن*