مقالات

النفط والغاز والحرب العدوانية على سوريا

نشر هذا الموضوع الذي ذكرني به الفيس في مثل هذا اليوم ٩ ايار من عام ٢٠١٨ والذي حدد بدقة أهداف العدوان على سورية وحجج النفط
مفيد الاطلاع عليه

               الدكتور محمد رقية 

أشار الكثير من الباحثين والمحللين والمعلقين والمتدخلين إلى أن سبب الحرب العدوانية على سوريا بالشكل الذي تمت به هو الإكتشافات الكبيرة للنفط والغاز على الساحل السوري في البحر المتوسط , وعلى انابيب الغاز التي يمكن أن تمر عبرها .على الرغم من أن هذه الاكتشافات تبقى في إطار التقديرات والأرقام طالما أنه لم يتم حفر ابار استكشافية في البلوكات المفترضة , التي تعطي المؤشر الحقيقي لهذه التقديرات مع أعماق التوضعات وأشكالها وسماكاتها والاحتياطي المأمول وكلفة استخراجها ونسبة أرباحها الإقتصادية , وهذا الشيء لم يتم انجازه حتى الآن على الساحل السوري. علما” أن معظم المتحدثين بهذا الأمر غير مختصين وليس لهم علاقة لا بالنفط ولا بالغاز.
وبغض النظر عن دقة هذه الأرقام أو صحتها فأنا أخالف هؤلاء وأقول بأن السبب الحقيقي للحرب العدوانية على سوريا , ليس النفط والغاز , الذي سيكون تحصيل حاصل في النهاية, بل إن الأسباب الجوهرية لهذا العدوان الغريب بشكله وأدواته وعناصره تتمثل بالآتي:
1- القرار السيادي لسوريا ووقوفها ضد كل مشاريع السيطرة والهيمنة وجعل بوصلتها الأساسية فلسطين
2- بناء الجيش القوي الذي يشكل رادعا” استراتيجيا” للكيان الصهيوني
3- دعم وحماية حركات المقاومة الوطنية في لبنان وفلسطين ضد الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين وأراضينا العربية والتي دقت الإسفين الأول في نعش هذا الكيان بانتصارات المقاومة اللبنانية في عام 2000 وفي عام 2006 وصمود المقاومة في قطاع غزة رغم الإعتداءات المتكررة عليها.
4- تنظيم وتأمين مكاتب خاصة ممثلة لجبهات المقاومة الفلسطينية في دمشق ودعمهم ماديا” ومعنويا” , في الوقت الذي لم تتجرأ أن تقوم بهذه الخطوة أي دولة عربية في أود انتصارات أمريكا. وكان أحد المطالب الرئيسية لكولن باول وزير الخارجية الأمريكي أثناء زيارته للسيد رئيس الجمهورية بعد احتلال العراق مباشرة في أيار عام 2003 , هو إقفال مكاتب جبهات المقاومة الفلسطينية بما فيها حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وطردهم خارج سوريا وعاد خائبا”
5- لأن سوريا تشكل قلب محور المقاومة الممتد من لبنان وحتى ايران
6- السعي الدائم لتحرير الجولان المحتل بمختلف السبل والوسائل
ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال الرسائل المتبادلة بين طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي وديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي قبيل الغزو الأمريكي لأرض العراق الشقيق في 9 نيسان من عام 2003 , التي أفرج عنها مؤخرا”. حين عرض طارق عزيز النفط العراقي مقابل التعاون السياسي والعسكري وعدم غزو العراق من قبل أمريكا ولكن أمريكا لم توافق على ذلك. لأن الهدف الأساسي ليس النفط الذي يأتي في نهاية القائمة , بل تدمير جيش العراق رغم ما أصابه من ويلات في حرب الكويت وتدمير قوة العراق وتقسيمه وتحويله لدولة فاشلة ولا أدل على ذلك من أن أول شيئ عمله بريمر هو حل الجيش العراقي وتفكيكه واعتباره غير موجود .
كل ذلك تنفيذا” لتوصية بن غوريون أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني في عام 1953 ( إن عظمة اسرائيل وبقائها يكمن في تدمير الجيش العراقي والجيش السوري والجيش المصري وتقسيم هذه الدول وتفتيتها ) –لاحظوا الترتيب –
كانت الخطوة التالية بعد العراق تدمير الجيش السوري تمهيدا” لتقسيم سوريا إلى دويلات الطوائف والإثنيات لتنعم اسرائيل بيهوديتها واغتصابها لأراضينا المقدسة . لو نجح هذا العدوان في تحقيق أهدافه لكانت الخطوة التالية تدمير الجيش المصري وتفكيك مصر ومع ذلك يضغطون الآن على مصر ويحاولون سلب إرادتها الوطنية . لقد قال موشيه يعالون وزير الدفاع الصهيوني عن مصر بأنها لن ترى الاستقرار ولن تتخطى المرحلة الحالية .
إن صمود سوريا بقائدها وجيشها وشعبها وقوى أصدقائها في روسيا وإيران وحزب الله والانتصارات التي حققتها , عطل تنفيذ هذا المشروع الجهنمي , الذي هدف إلى جعل الكيان الصهيوني الغاصب ومن ورائه أمريكا والمنظمة الصهيونية العالمية هو المسيطر على المنطقة بلا منازع , وجعل سكان دويلات الطوائف عبيدا” عندهم يعملون لخدمتهم لنهب ثروات المنطقة والتحكم بمصير العالم . والضغط على روسيا والصين وإيران ليرضخوا لمشسيئة الإمبريالية الأمريكية كما كانت تفعل على مدى عشرين عاما” منذ انهيار الإتحاد السوفياتي عام 1991 .
لكن النتائج جاءت بعكس ماكانوا يخططون ويحلمون فقد بدأت أمريكا تفقد هيمنتها على العالم بعد الإنتصارات السورية وسيكتب التاريخ بأن صمود سوريا هو من حول العالم من قطب وحيد مهيمن على مقدرات العالم إلى عالم متوازن متعدد الأقطاب . وبأن محور المقاومة الذي تشكل سوريا قلبه النابض سيكون المحرك الأساسي لكل الإنتصارات اللاحقة حتى تحقيق الإنتصار النهائي لهذا العدو الغاصب الذي لن يطول كثيرا” . وإني أرى بأن تحرير فلسطين أصبح أقرب من أي وقت مضى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى