مقالات

ورطة العبرانيين منذ نبوخذ نصر .. السبي الغزاوي

نارام سرجون

لطالما يحب الاسرائيليون العودة للتاريخ وغباره السحيق فان علينا ان تقول لهم بأنهم لم يمروا بيوم يشبه السابع من اوكتوبر منذ ايام نبوخذ نصر .. عندما يسقط 4000 اسرائيلي في يوم واحد بين قتيل وجريح وأسير أو (مسبي) .. فماحدث اليوم لم يحدث في ألمانيا او اي بلد على الارض حيث يعيش اليهود .. بل حدث في قلب مملكتهم العزيزة التي صنعوها بكل ماأبدعته قريحتهم من الأكاذيب وتوراة وعود بلفور الذي لعب دور الرب ووعدهم بوطن قومي .. وحدث رغم تلمود الامم المتحدة وتلكود الهولوكوست .. ورغم ان كل انبيائهم الجدد من تيودور هرتزل الى الملك الاخير نتنياهو .. ورغم ان كل مال داود وسليمان في عائلة روتشيلد .. فقد خسروا في ليلة واحدة 4000 انسان .. والاصح انهم خسروا 5 ملايين عبراني ماتت أرواحهم .. عندما فقدوا يقينهم باسرائيل القوية التي تخيف أعداءها والتي يهتز عرش الرب اذا صفع اليهودي .. فاذا رب اسرائيل نفسه يهتز ويقع عن عرشه ويتدحرج عندما سقطت كل اسرائيل في هذه الفضيحة العسكرية .. ولم ينفعها داود ولامقلاعه ولاشمشون ولاشعره النووي ..

ورطة اسرائيل ان من لعب هذه اللعبة الخطرة تبين انه من دهاة الانس .. وهم محور المقاومة .. فايران لها ثارات مع اسرائيل .. وسوريا لها ثارات مع اسرائيل .. وحزب الله له ثارات مع اسرائيل .. وطبعا الفلسطينيون لهم ثارات وثارات مع اسرائيل .. وقرر الجميع ان يأخذوا ثأرهم من العبرانيين الجدد على وزن يشبه فعل نبوخذ نصر ..

ورطة اسرائيل ان حجم الذل والهزيمة سيعيش في وجدان اليهودي كما عاش الأسر البابلي فيه .. ولذلك فانها لن تقتلعه من أسنانها وجيناتها الا بانتصار ناجز وسحق كل من تورط فيه .. ولو استدعى الامر سحق غزة والبحث عن محمد ضيف في كل أصقاع الارض .. كما فعلت أميريكا ببن لادن .. وهي تجهد في تصوير الامر على انه انهيار ابراج اسرائيل كما انهارت ابراج نيويورك لتبرر لنفسها عنف الرد وقسوته ..

ولكن اسرائيل تدرك ان القصف الجوي لن يغير شيئا .. فقد جربته في لبنان وذافت طعم الهزيمة فيه .. وان أكثر ماتفعله هو ابادة المدنيين .. ولكن القسام ومحمد ضيف باقون في مكامنهم ولن يصل اليهم عقاب اسرائيل .. وهي تريد ان تبيد كل البنادق الموجودة في غزة .. وتستأصل كل مقاوم هناك كي تجرد الفلسطينيين من اي أمل في المستقبل من رفض التنازل عن القدس والاقصى .. وكي ترد على ايران وسورية وحزب الله في غزة وتقتل لهم هذا الولد المدلل المسمى غزة ..

ولكن لاسبيل لفعل ذلك الا بالدخول في بر غزة .. وهذا هو ماينتظره أهل غزة ومحمد ضيف وسورية وايران .. لأن من سيكون في غزة ليس حماس والفلسطينيون بل خطط ايران وتقنياتها .. وسلاح سورية .. وعبقرية حزب الله .. المخلوطة بالارادة الفلسطينية العنيدة والتعطش للقتال .. والكلام الان عن ان مناورات حزب الله التي صورها عن كيفية اقتحام الاسوار والاسلاك والبوابات بالدراجات النارية تبين انها تدريبات لحماس اجرتها في جنوب لبنان .. ولكن ماهو أهم من ايران وسورية وحزب الله في غزة فهو الفلسطينيون الذين كانوا يحلمون بتلك اللحظة التي تستدرج فيها اسرائيل الى بر غزة .. لأن هناك ستكون ملحمة من ملاحم الحروب .. وسيفتح فرع كبير لوادي الحجير .. وستموت الدبابات والعربات .. وسيفنى جنود اسرائيل بالالغام والانتحاريين .. وستعلق الدبابات من سلاسلها في دكاكين غزة مثل المواشي المذبوحة .. وستكون هذه هي المعركة الأخيرة للعبرانيين الجدد ..

تكتيك اسرائيل سيكون الاستفراد بغزة .. لذبحها بالطيران حتى تستسلم .. ويتخلى أهلها عن المقاومين كما تخلى الغاليون عن ملكهم عندما حاصرهم يوليوس قيصر لفترة طويلة حتى أهلكهم جوعا .. هذا التكتيك لن يعمل .. ولذلك فان اسرائيل استعانت باميريكا .. وهذا هو دور ارسال حاملة الطائرات الى قبالة الشواطئ في الشرق الاوسط كردع لأي دعم لغزة .. من حزب الله وسورية وايران ..
لن ينفع اسرائيل الجسور الجوية .. فهنا لاتحتاج اسرائيل السلاح بل لديها فائض منه .. بل تحتاج الكثير من الشجاعة والجسارة والارادة وهي كلها لدى محور المقاومة ..

لكن محور المقاومة الذي سيقدر لغزة مافعلته كدور منسق مع المحور .. لن يترك غزة .. ولذلك فان غزة لن تترك .. وفي لحظة حاسمة سيدخل المحور تباعا حسب تقديرات المرحلة بالتتابع .. والسبب هو ان عملية بهذا الحجم لن تقدم عليها اي جهة فلسطينية قبل ان تؤمن التنسيق الكامل والغطاء الكامل .. مع محور كان يعلم بحجم العملية وتفاصيلها .. والا فانه سينأى بنفسه فورا عن عملية بهذا الحجم اذا لم يوافق عليها .. لأن حجم الاذى فيها والجرح للعنكبوت سيكون كبيرا ..

حجم العملية يدل على انها متفق عليها بين اعضاء المحور .. وان المحور كله مستعد لرد الفعل الاسرائيلية خطوة بخطوة .. ورد فعله قد يكون هو مايريده المحور لفرض معادلة ردع قاسية جدا على اسرائيل .. بكسر أنفها وفرض تحرير غزة من حصارها .. والتخلي عن أراض لم تكن تفكر بالتخلي عنها في لبنان او سورية ..

ورطة العبرانيين لم تسبقها ورطة .. وخسائرهم فجائعية .. وخياراتهم صعبة جدا .. ويحتاجون لكسب الحرب ان يكونوا مستعدين لحرب في الجنوب والشمال .. وربما في الضفة .. وربما لهاماجيدون عبرية ..
سأعترف ان نتنياهو يحظى اليوم بشفقتي .. ومن يراه عندما كان يتمرجل علينا ويطل علينا من شرفته في اعالي الجولان ويأكل تفاح الجولان ويرسل لنا طائراته لمنع تزويد حزب الله بالسلاح تبين انه فعلا غبي ومغرور وساذج .. وكان يضيع وقته وسلاحه لأن السلاح كان يمر من بين رجليه وتحت أنفه ومن مطبخه ومن غرفة نومه .. ومن تحت فراشه ومن خزانة زوجته سارة .. ويصل الى غزة فيما نتنياهو يضرب أهدافا مبعثرة في سورية تبين انها كانت خلبية ووهمية .. بدليل مفاجأة غزة ..
غالب الظن ان الاسرائيليين سيبلعون هزيمتهم وسيقدمون نتنياهو على انه السبب في الهزيمة .. وسيتم تقديمه كقربان ..
انا أظن ان أسوأ انسان حظا على وجه الارض هذه الايام هو بيبي نتنياهو الذي قد يجلب الكارثة النهائية على اسرائيل .. ويكون هو السبب في انها لاتصل الى عامها الثمانين .. وتعيد انتاج أقدراها وخرابها .. ويبدو ان هذه المنطقة لايمكن ان يعيش فيها الا نبوخذ نصر .. وسبايا بابل .. أو السبي الغزاوي ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى