هل ستلجأ القوى الكبرى الى السلاح النووي
علي الربيعي
بعد مرور اكثر من ثمانية عشر شهرا على الحرب الروسية الاوكرانية والتدمير في البنى التحتية الذي جاءت به الحرب. يبدو ان الحوار من اجل ايجاد حل سلمي لانهاء الحرب بنتيجة لاغالب ولا مغلوب بين روسيا والاطلسي بات مستبعدا. لقد بات التغول السياسي هو سيد الموقف بين الاطراف المتحاربة اصالة او نيابة. فالحرب تحولت من قضم الارض الى ميدان اثبات وجود قوة احد السلاحين الشرقي او الغربي. اما العالم فانه بشرقه وغربه ينتظر موتا محتما رغم ان هذا الموت اصبح بيد قدر تطورات هذه الحرب. السؤال الذي يناقش اليوم على الفضائيات هل العالم اليوم في كف عفريت من ان تتطور المواجهات ليكون السلاح النووي هو الفيصل بين القوى المتحاربة. ام ان خيار لاغالب ولامغلوب هو الحل الوحيد للازمة. بالتاكيد ان القوى المتحاربة قد ابتعدت عن خيار انهاء الحرب بحل لاغالب ولامغلوب. ففي حوار للسفير الروسي في الامم المتحدة مع المليادير الامريكي ايلون ماسك الوسيط السري الحقيقي بين روسيا والاطلسي، الذي كشف للصحافة كيف انه منع العام الماضي هجوماً أوكرانياً على قاعدة بحرية روسية في جزيرة القرم كان سيؤدي الى رد نووي روسي. السفير الروسي خلال هذا الحوار قد اوصل رسالة سياسية الى الادارة الامريكية ان الرد النووي اصبح خيارا لابد منه في الحسابات الروسية اذا شنت اوكرانيا هجوما من جنوب اقليم الدونباس او جزيرة القرم.بالنسبة للصين رغم انها قالت مغالطة لاتساعد روسيا في الحرب ضد اوكرانيا. الا انها اعلنت صراحة ستدخل الحرب الى جانب روسيا اذا تطورت وصارت المواجهة مع دول الاطلسي علنا. الصين بهذا التصريح وضعت نهاية لاهم السيناريوهات المحتملة الموضوعة من قبل معاهد الدراسات الاستراتيجية الاوربية عن الكيفية التي ستنتهي بها الحرب والتي كلها سيناريوهات عتمة لاتبشر الا بشر بحرب باردة ربما قد تستمر لعقود من الزمان بين الاطراف المتحاربة. من هذه السيناريوهات:1- لا أحد يستطيع الانتصار.2- حرب مستمرة.3- مراهنة على انهيار سياسي روسي من الداخل.اما المعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية لعله اصاب الحقيقة في تقريره الاستراتيجي بعد استطلاع راي الحرس القديم في الجيش الاحمر الروسي الذي يعد جزأ من حكومة القرار الروسية الحالية. فقد جير نهاية تقريره بفقرة ان روسيا هدفها هو محو اوكرانيا من الخارطة والذهاب الى ابعد منها باستعادة جغرافيا الاتحاد السوفياتي كاملة وتدمير الهيمنة الغربية ونقل مركز الثقل العالمي الى شرق آسيا لتتقاسمه مع الصين. بالنسبة لقوى الغرب بقيادة امريكا فانها تريد إعادة وضع الخطوط الحمراء مجددا لحركة روسيا لاعادتها الى دائرة السيطرة، من خلال إعادة احتلال جزيرة القرم، ولكن الاوان قد فات ، اذ بدأت روسيا مؤخرا تزحف على تدمير عصب الاقتصاد لدول الغرب في افريقيا من خلال احداث انقلابات العسكرية في دولها. فالانقلابات العسكرية في النيجير والغابون باتت واضحة انها حدثت بتدخل روسي. ولا غرابة ان نسمع عن انقلابات عسكرية اخرى في المستقبل القريب في دول أفريقية تدعم الاقتصاد الغربي.في نظر الغرب ان تحجيم روسيا لايتم الا من خلال إعادة احتلال جزيرة القرم لخنق بحريتها التجارية والعسكرية. وهذه اكبر مغامرة قد تقدم عليها دول الاطلسي اذا كانت روسيا قد هددت بإستخدام السلاح النووي حسب تصريح سفيرها في الامم المتحدة. على مايبدو ان احلى الخيارات لدول الغرب هو أمرها بعد الانهيارات في الجيش الاوكراني الذي بات متعبا من حرب تجاوزت الثمانية عشر شهرا والذي يعد الدرع الاطلسي وان لم تكن اوكرانيا عضوا فيه. من ما تقدم لاغرابة ان استيقظ العالم على يوم، ربما قريب، والصواريخ البالستية النووية العابرة للقارات تتطاير كأنها الشرر مابين شرق الكرة وغربها لتمحو مدنا زاهية بعمارتها في الدول المتحاربة اذا انفلتت زمام الامور واراد السياسيون تحقيق نصر باي ثمن ولو على حساب التدمير الشامل للعالم.