مقالات

١٠/١١ يا حيف … سورية وشعوب المقاومة تجوع والمحور ينتصر… اين السر؟؟ ومن المسؤول؟

بيروت؛ ٦/٩/٢٠٣٣
ميخائيل عوض
اما وقد حاولنا تقديم تحليل واقعي وسمينا الامور بسمياتها دون تردد، وتعمقنا في الاسباب التي اوصلت سورية الى ما هي عليه، واستعرضنا مواقف واستراتيجيات الحلفاء والمحور، وتبين لنا ان الحرب والاحتلالات ونهب ثروات سورية والتدمير المنهجي لاقتصادها مسؤول عما الت اليه اوضاعها وزادها عدوان الحصار والعقوبات، وجميعها مفروضة قسرا ومن الخارج، وتبلي القيادة السياسية والعسكرية على نحو ابداعي الا ان كثيرا من اسباب الازمة وبيئتها لجهة الارتباك وغياب التخطيط والرؤية وعدم التعامل مع الظروف الاستثنائية وغير المسبوقة بعقليات ابداعية، وتعثر الإجراءات والسياسات في التحصن والمواجهة وهي صناعة سورية، وسورية لا تبيع قرارها وسيادتها لتأكل.  نخلص الى ان اسباب الحلول والمخارج لابد ان تكون سورية ايضا. فالجرح لا يؤلم الا صاحبه. وسورية قادرة على حك جلدها بنفسها.
تلمسنا ان الازمة، عميقة، وبنيوية، وهيكلية، تجسدت في السياسات والادارة الاقتصادية والاجتماعية، وفي البون الشاسع بين ما انتجته القيادة السياسية والعسكرية والدبلوماسية وما صارت عليه الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية البائسة والتي وضعت السوريين على حافة الجوع.
والمنطقي ان الحلول والمخارج لابد ان تكون سورية، ومن انتاج سوري خالص، وعند انجازه يصار الى محاكمة الحلفاء والاصدقاء وتبين حقيقتهم وحقيقة استهدافهم من التحالف والقتال مع سورية.
محاور الحل السوري للازمة وعلاجاتها؛
الحاجة ام الاختراع.
الحروب هي القابلة القانونية لتوليد الجديد من رحم القديم.
التجربة مصهر النظريات والافكار، وطريق الحلول العملية.
سورية في اقصى درجات الحاجة.
وقد اختبرت شتى التجارب؛ فما بعد الاستقلال جربت الديمقراطية والفوضى والانقلابات ومع البعث صراعات الرفاق، وبعد الحركة التصحيحية احتواء تناقضات المجتمع تحت عباءة البعث والدولة. وجربت الاشتراكية بنموذج عربي سوري كرأسمالية الدولة الاحتكارية ثم جربت الانفتاح واعتمدت مدرسة واشنطن ولبت شروط صندوق النقد وفلسفته ونفذت شروط الشراكة الأوربية واطلقت العنان للسوق ويده الخفية، وجربت في الحرب الادارة بلا رؤية او خطط، واعتمدت الحلول الاسعافية والمياومة لاحتواء الازمات وتلبية الحاجات، وجربت الحكومات غير المنسجمة ووزارات كل من ايده له” تناقلت الوسائل والوسائط وقائع مستغربة : فوزير يجاوز كل المؤسسات والقوانين ويؤجر المدارس الرسمية ويخصخص التعليم بما يتنافى مع الدستور والقوانين واخر يبيع معمل السماد ويزود الشركة المشغلة غاز بالمجان تكفي لإنتاج ١٠ ساعات تغذية كهربائية للمنازل…”  وكانت قد جربت اثر انهيار الاتحاد السوفيتي الادارة بالفسادين لتقطيع الوقت والحفاظ على التجربة، وجربت تخليق رأسماليين تحت عباءة الدولة واسلاميين تحت الرقابة والضبط، وجربت تامين الحاجات عبر تلزيم قطاعات اقتصادية حيوية لرجالات وشخصيات تحت السيطرة.
ودرست التجارب واسباب انهيار الاتحاد السوفيتي، ونموذجه، ودرست التجربة الصينية واشتراكيتها الخاصة واطلت على التجربة الماليزية، ونموذج المانيا والسوق الاجتماعية.
ربما دنت ساعة ان تضع خلاصات خبرتها وتجاربها  وان تنتج نموذجها الخاص.
والازمات العنيفة والكارثية وغير المسبوقة تستلزم تفكيرا وخطط واجراءات من خارج الصندوق، الذي اقفل ولم يعد فيه ما يفيد وما يؤمن المستقبل.
الرؤية والمشروع المستقبلي لابد ان ينطلق من فهم الواقع بمعرفة عملية وواقعية اي كما هو دون تزيين. والبرامج لابد ان تصاغ بواقعية للتعامل مع الواقع ذاته وكما هو وبقصد تغييره ايجابيا، والقيادة وسورية نموذجا قياديا استثنائيا وعبقريا كما اكدت التجربة فالقائد هو من يعرف الجاري وما سيكون ويعمل ليكون الغد في صالحه.
وعليه فمن غير المنطقي ان تستمر الامور على حالها ولا ان تستمر ذات السياسات والنهج والادارة فقد اعطت ما تستطيع.
وفي الواقع والمعطيات مؤشرات قاطعة على ان عالم جديد يولد والنموذج الرأسمالي قد استنفذ ما عنده وتحول الى الليبرالية المتوحشة، ويعيش ازماته في عواصمه، فليس من امل بمحاولات تقليده او بعثه في سورية.
والحقبة السورية تستوجب وعيا وادراكا وتخطيطا وتنفيذا لاحتواء الازمة وتعظيم الانتاج وتكبير وتوسيع السوق، فالزمن قاتل ومستعجل.
والسياسات الجديدة والعصرية تحتاج الى ادوات عصرية ومنظمة ومنتجة. والدولة والادارة هي العنصر الاساس والحاسم في تنفيذ الرؤية والبرامج وبتامين الانتظام الاجتماعي وهيكلة الاقتصاد وفروعه.
والدولة السورية تقادمت وهرمت وتمثل ببيئة توليد الفساد والمافيات والتعطيل وهدر الطاقات والامكانات اضافة الى تضخمها الطفيلي، وكلفتها المهولة واصبحت عبئا كارثيا، وبيئة انتاج العطالة وتحويل الطاقات البشرية الانتاجية الى طفيلية واستهلاكية كعبء على المجتمع، بعد ان استنفذت فوائد تكبيرها وحشوها بالموظفين واصبحت الوظيفة عبئا على صاحبها وعلى الدولة والمجتمع الذي يمولها.
تغير الزمن، وتغيرت سورية وبيئتها الاجتماعية وتشكيلاتها وغيرت الحرب كل ما كانت عليه من انتظام وقواعد وقوانين وعادات وتقاليد.
والثورة التقنية الرابعة والشبكات والذكاء الصناعي غيرت وتغير في قوى الانتاج ووسائله واليات التبادل والتوزيع والشعوب والدول جربت واختبرت وانتقلت من الادارة والهيكليات الهرمية وشديدة المركزية الى تبسيط الاجراءات ومكننتها والى اللامركزية والادارات الشبكية.
وتتغير وظائف الدولة وهوياتها، وادواتها واجهزتها، فما تخلف وشاخ واصيب بكل الامراض وانتهى زمن صلاحياته، وانتفت امكانيات تطويره واصلاحه لا يفيد بأمره الا الدفن، والا تفسخت جثته وانتانها سيولد المزيد من المصائب والكوارث.
وبما ان الحرب’ القابلة القانونية” في سورية طالت واشتد مخاضها واتخذت صفة الحرب العالمية العظمى واتت على الكثير مما كان فلا بد من ولادة الجديد ولو بالعملية القيصرية قبل ان يموت الوليد وقد تموت الوالدة.
…/ يتبع
غدا؛ ملامح المولود المطلوب وجنسه وطبائعه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى