مذبحة الكبكب أو مذبحة الساطور
قبل ما يقرب من مائة عام في صبيحة يوم الخميس الـ15 من نوفمبر/تشرين الثاني 1917م، جمعت القوات الفرنسية خيرة علماء الدين الإسلامي في منطقة ودَّاي الواقعة في شرق تشاد، وكانت القوات الفرنسية قد أوهمت الحضور بأنها جمعتهم لمناقشة شؤون إدارة البلاد وتصريف شؤونها، والتي كانت تحت حكم المستعمر وتصرفه التام.
جمع المستعمر الفرنسي في صبيحة ذلك اليوم، أكثر من 400 عالم دين، وطَوَّق مدينة أبشة بعتاده العسكري وأسلحته حتى لا يتسلل منها أحد، ثم شرع في مجزرته الرهيبة، حيث وُزعت على الجنود الفرنسيين ومن معهم من عناصر مستعمرات غرب أفريقيا سواطير حادة، أُحضرت من فرنسا خصيصا لهذه المهمة، فشرعوا في ذبح هؤلاء العلماء واحدا تلو الآخر، غير مكتفين بالذبح فحسب، بل بفصل الرأس عن باقي الجسد في مشهد مفزع مهيب.
عُرفت هذه المذبحةُ الشنيعةُ بمذبحة (كبكب)، وهو دليل على المعنى الحقيقيِّ الشامل للمذبحةِ؛ لعدم نجاة أحدٍ من العلماء، ودليل على أن المستعمرَ أجهَزَ على الجميعِ، ولم يُبقِ أحدًا منهم.ودُفنت جثث الشهداء في مقبرة (الشهداء) بأبشة وهي موجودة حتى اليوم.
وقد لاحقت فرنسا بعض من تمكنوا من الفرار في تلك المجزرة في القرى المجاورة، وقضت عليهم، وقتلت في ذلك اليوم في منطقة ودَّاي لوحدها ما يزيد عن ألفي شخص، ثم تلتها مناطق أخرى.
وسبب ارتكاب فرنسا لهذه المجزرة البشعة هو أن أحد الجنود الفرنسيين قد اعتدى على امرأة من سكان هذه المنطقة فوجدت بجانبها ساطورا، فلم تتردد أن تضرب به رأس ذلك المعتدي، فأردته قتيلا، فاستاء جنود المستعمر من هذا التصرف وأنزعجوا، فجعلوا يبحثون عن جذور هذا التعفف والإباء الذي يجعل نساء هذه المنطقة يقتُلن أو يُقتلنَ دون شرفهن، فوجدوا أن الدين هو السبب في ذلك، فقرروا تجفيف منابعه بقتل العلماء وحرق الكتب وإتلافها، ففعلوا ذلك وأتلفوا المخطوطات وأحرقوها، وأخذوا بعضها إلى متاحفهم ولا تزال حتى اليوم تحت أيديهم.
هذه هي فرنسا وهذا هو الغرب