المقالات

احراق القرآن بالقرآن .. يانار كوني بردا وسلاما على القرآن !!

نارام سرجون

أنا لم أفاجأ بوقاحة الغرب .. ولم أتوقع من الغرب الا ان يتصرف بتلك الطريقة .. وكان من غير المنطق أن يتصرف الغرب الا بهذه الطريقة .. فهو لايهين السيخ .. ولايهين الهندوس وأبقارهم .. ولايهين اليهود وجدائلهم .. ولايهين البوذيين .. ولا الوثنيين .. بل استمرأ أن يهين المسلمين .. ليس لأنه حر فيما يفكر بل لأنه همجي الضمير .. وهمجي القلب .. وهمجي الثقافة والجذور .. لأن الهمجي لايهاجم الا الضعفاء ويستشرس في نهشهم .. ونحن نعرف ان مسألة الحرية والديمقراطية هي قناع وغطاء للتوحش .. وان الغرب لم يتغير في همجيته ولم يعتذر عما اقترفته همجيته منذ ابادة الهنود الحمر وابادة الاستراليين الاصليين وابادة الزنوج في حرب العبودية وحرق اليابانيين بالسلاح النووي ..

ولكن دعوني أقول لكم ان القرآن لم يحرقه احد في العالم قبل المسلمين أنفسهم .. فهم امم شتى متفرقة .. وهم بغاث ضعيف وطيور “تتهاوش على الصيدة” .. وكل طائر ماان يكتنز من لحم أخيه حتى يصبح صيدة لأخ آخر ينقر عينيه ويقفأهما ..

ان من أكثر الاشياء مدعاة للشفقة هي احتجاج المسلمين على حرق القرآن بالغضب من السويديين والامريكيين والدانمركيين وغيرهم .. والتهديد بمقاطعة البضائع .. وهم لايزالون حتى هذه الححظة يرسلون أبناءهم للجوء في السويد وغيرها ويتباهون انهم صاروا لاجئين في السويد ودول الغرب .. ويرسلون صورهم من شوارعها متباهين انهم صاراوا من رعايا الغرب ويتبادلون التهاني بوصولهم اليه .. وفي كل مرة يجعجعون انهم سيقاطعون البضائع التي تصنعها بلدان تهين دينهم .. ولكن في الحقيقة تزداد شهيتهم لمنتجات تلك البلدان ويزداد اقبالهم عليها وتزداد مبيعاتها .. وأنا لم أسمع في حياتي ان مصنعا غربيا اقفل لان المسلمين قاطعوا منتجاته .. وكلنا نعلم ان كل هذا لم ينفع سابقا لأن المسلمين أمم شتى ولن يقاطعوا اي بضاعة .. فلم يتعرض اي منتج غربي لضائقة او حصار منذ ان بدأت الاهانات والاعتداءات على ثقافة العرب والمسلمين .. ولعل اكثر مايعبر عن خيبة المسلمين وسذاجة تفكيرهم هو ماقاله أحد المسؤولين الدانمركيين عندما هدده المسلمون بمقاطعة الاجبان والألبان ومنتجات الحليب الدانمركية اذ قال ساخرا: وماذا سيأكل المسلمون اذا ماقاطعونا؟ .. وماذا سيطعمون اطفالهم؟ وبالفعل فماذا يزرع المسلمون وماذا يصنعون سوى فتاوى الوعاظ وسيارات الدوشكا وصناعة اللاجئين وصناعة الخوف من بعضهم ؟ ولو كانوا قادرين على المقاطعة لقاطعوا بضاعة واحدة لامريكا وتوقفوا عن بيعها النفط وبيعها القواعد العسكرية في الخليج لأنها بقيت تدعم اسرائيل التي تتفنن في اذلالهم واحتقارهم ومصادرة مساجدهم ومقدساتهم المذكورة والمنصوص عليها في قرآنهم .. بل على العكس.. كلما أهانت اسرائيل مسجد المسلمين الأقصى وقرآنهم ينفتحون عليها اكثر ويفتتحون لها مكاتب وسفارات وتنسيقيات أمنية وعلاقات تجارية ومعاهدات عسكرية كما بين تركيا (أم المسلمين اليوم) واسرائيل .. ودول الخليج واسرائيل .. واذربيجان واسرائيل ..

للسويد وللعالم الحق في احراق مايرونه بلاحماية .. فالمسلمون لن يقدروا على حماية قرآنهم لأنهم منشغلون ويتقاتلون على السلطة من منصب مختار في قرية الى منصب الرئيس والملك والامير .. والمسلمون متقاتلون على خلافة وعلى شخصبات انقرضت .. وعلى بقايا جمل صارت عظامه رميمة مثل عظام الديناصورات .. وهم لايزالون يقتتلون تحت سقيفة منذ 1400 سنة ..

الانهاك والانتهاك هو بسبب تفاهة العالم الاسلامي الذي فشل في ان يتحرر من سلطة الجهل الديني المقدس .. وفشلت نخبه في بناء عقل جديد بعيد عن فكرة الاستيلاء على السلطة .. وفشلت أن تبني الاستقلال السياسي والاقتصادي لتنتج مجتمعا منسجما مع مفهوم المواطنة والدين .. وفشل المجتمع كله في ان يحل مشكلته الدينية والطائفية .. شبابه في القوارب يبحثون عن موانئ تبعدهم عن بلادهم .. وأطفالهم ولائم لأسماك القرش .. ومسجدهم الاقدس الاقصى يداس بالاحذية الاسرائيلية .. وهم استدرجوا بسذاجة الى حروب دينية يفجرون فيها بعضهم بالقنابل ويقتلون بعضهم بالتكفير وينسفون مدنهم ويخلعون أبوابها كما لو انهم في كل مدينة عربية يقتحمون خيبر .. يقتلون اقلياتهم ويعاملونها بعنصرية فائقة كما هم يعاملون في مدن الغرب حيث تصادر الشرطة أبناءهم وبناتهم وتقتل أبناءهم وهم يبيعون البيتزا في فرنسا .. ويرى العالم كيف يصطاد الاسرائيليون أبناء القرآن في القدس وحول المسجد الاقصى كما لو انها حفلة صيد للبط البري .. كله حدث حول المسجد الاقصى الذي بارك الله حوله فيما المسلمون كان غاضبين ومشغولين براية الحسين التي رفرفرت ثواني فوق مسجد القصير في حمص .. العالم كله يرى كيف ان المسلمين كانوا يبكون على عتبات الناتو بتوسلونه ليقصف لهم ليبيا المسلمة وان يقصف لهم سورية المسلمة .. وان يقصف لهم حزب الله المسلم .. وان يقصف لهم ايران المسلمة .. كما قصف العراق المسلم من قبل وأحاله الى رماد وحقل من حقول الذرّة .. بالاشعاع الذري واليورانيوم المنضب .. وبعد كل هذا غضب المسلمون من احراق قرآنهم في الغرب؟ .. ماشاء الله ..

بعد كل هذا يريد المسلمون ان يخشى العالم على مشاعرهم .. وأن يحترم مااحتقروه هم أنفسهم من ثقافة الاسلام وثقافة القرآن التي تجمعهم .. فليس المهم ان تقدس القرآن .. وليس المهم ان تقبّله وأن تضعه على جبينك .. وليس المهم ان تجوّده وتقعّر حروفه وتدغمها بغنة وبغير غنة .. وأن ترفعه على رأسك في المظاهرات وتضعه أمامك على تابلوه السيارة وفي غرفة الضيوف كي تنافق الناس .. بل المهم ان تجعل العالم يرى انك ترجمت القرآن الى رحمة ومحبة واخوّة واستقلال وكبرياء وكرامة .. فأنت لن تحمي القرآن وانت تدمر بلدك وتبحث عن بيت في الغرب .. وتتوسل اللجوء في الغرب .. وتقبل حفلات الشذوذ في الغرب كي يقبل طلبك للجوء وتوافق على تدريس ابنائك الشذوذ في مدارسه .. فأنت لاتقدر ان ترفض الاهانة لدينك فيما انت نفسك تهين نفسك .. وتهين ابناء شعبك في وطنك وتطلب كرامة لأبنائك وقرآنك في الغرب ..

والقرآن كله بنظري احترق عندما صمت العالم الاسلامي كله عن مشهد اكل قلب الجندي السوري في حمص بأسنان مسلم .. والقرآن كله كان يحترق ويغتسل بالدم عندما غض المسلمون الطرف عن مشاهد الذبح للمسلمين وغير المسلمين تحت التكبيرات في سورية والعراق .. وبرروا العنف والذبح الذي أخجلنا من بهيمية بعضنا .. وياللأسف فان المسلمين كانوا صامتين ولم يدافعوا عن دينهم وقرآنهم عندما حدث هذا .. لم يرفضوا قذائف الناتو على بلدانهم بل كانوا يهللون لقصف ليبيا وسورية ويكبرون .. وفي العراق كانوا يقدمون الورود في الشوارع لجنود الناتو الغزاة .. والمسلمون – من جماعة الغضب والغيرة على القرآن والاسلام – كانوا يكذبون جميعا امام شاشات العالم ويذهبون لتقديم الشهادات المزورة في مكاتب الامم المتحدة في قضية السلاح الكيماوي السوري حتى جردت اميريكا واسرائيل السوريين والمسلمين من سلاح كان يمكن ان يمنحهم توازن رعب مع الغرب واسرائيل .. فمن منا سينسى أبناء المسلمين في الغوطة وهم يمثلون امام الكاميرات انهم تنشقوا الغازات السامة وكانوا يغسلون أبناءهم بالماء بسبب ضرب الجيش السوري لأبنائهم في الغوطة بالسلاح الكيماوي .. وذهبت المسلمات الحرائر بحجابهن الى مكاتب الامم المتحدة ليشهدن كذبا انهن ناجيات من المحرقة الكيماوية .. وكل ذلك من أجل الحصول على بطاقة لجوء وراتب لجوء وجوائز اوسكار .. واليوم غضب هؤلاء المسلمون ان السويد أهانتهم .. ونسوا انهم اهانوا القرآن عندما كذبوا ولفقوا وكانوا فاسقين ينقلون الانباء الفاسقة ..

القرآن كان يحترق بهدوء وصمت عندما لم يتوقف عن تصدير النخب التافهة التي تحتقر كل الدين الاسلامي وتحتقر المطالبة بالقدس كمدينة عربية .. وتحتقر المسجد الاقصى .. وتهاجم كل فكر جهادي .. وتمجد الغرب مثل التافه يوسف زيدان وأمثاله الذين يبحثون عن الجوائز .. والمكافآت .. فيما هو يتلقى التكريم في بلاد المسلمين .. فما يفعله هؤلاء ليس الا احراقا للقرآن ونصوصه وركائز مقدساته ولكن بطريقة كيماوية .. ومع هذا يغضب المسلمون على احراق القرآن ..
لايهم ان ننسب كل تلك الخيانات للاسلام وللقرآن الى حقيقة مؤامرة المخابرات الغربية .. بل كان من العار ان كل ذلك حدث بأيدينا وبأيدي أبناء المسلمين وبغض الطرف من قبل بعضنا عن هذه القبائح .. وكان من المشين ان يسكت كل العالم الاسلامي ويلوذ بالصمت وبغمض عينيه وينام ملء جفونه تحت شعارات النأي بالنفس عما يحدث في العراق وسورية وليبيا واليمن .. وذريعة ذلك كانت انه يجوز قبول المفسدة الصغيرة بمصافحة الغزاة من أجل درء مفسدة كبيرة هي الطاغوت الوطني!! .. واننا “سنتحالف مع الشيطان” من أجل الرد على الطاغوت والطواغيت .. وهاهو الشيطان يحرق لك قرآنك اليوم .. فماذا انت فاعل ياصاحب شعار التحالف مع الشيطان الذي أوقعك فيه غباؤك انحطاط أخلاقك ودينك؟؟
ما حدث في ربيع العرب المشؤوم هو الذي كان اهانة للقرآن .. وغسلنا للقران بالدم هو الذي أهان القرآن .. واحراقنا لمدننا التي فيها ملايين نسخ القرآن التي احترقت في البيوت هو الذي أهان القرآن .. واستنجادنا بالناتو الذي دمر ملايين البيوت في العراق وليبيا وسورية واليمن بكل مافيها من نسخ القرآن هو الذي أهان القرآن وأحرقه في عيون أهل الناتو وجعله ..

تخيلوا كم حربا في العالم الاسلامي .. وتخيلوا كم شظية صارت بلداننا بأيدينا نحن .. صار العراق أعراقا .. وصار السودان سودانات .. وصارت ليبيا ليبيات .. وصارت اليمن يمنات .. وصار لبنان عدة جمهويات .. وصارت فلسطين عدة قطع بين فلسطن محمود عباس الامريكية وفلسطين اسماعيل هنية التركية وبقايا عرفات اوسلو وبقايا ربيع خالد مشعل القطري .. وصارت سورية مقطعة الاوصال بين تركيا واميريكا والاكراد واسرائيل .. ولكم ان تبتسموا ابتسامة بلهاء ان بلدا مثل لبنان لم يقدر ان يحل مشكلة انتخاب رئيس بلدية بسبب التطاحن الطائفي وتطاحن السفارات الغربية لفرض رئيس مسبق الصنع .. وفشل لبنان ان يكتشف رأس رئيسه القادم رغم كل البحث والتنقيب .. ولم يقدر ان يحاكم حاكم مصرف .. ولم يقدر ان يوقف مهزلة محكمة الحريري الا بعد ان أفلس تماما وصار اللبنانيون شحادين .. ولم يقدر ان يوقف توريث الطوائف للزعامات الطائفية ..

أوبعد كل هذا تلومون الغرب العنصري والهمجي على تجرؤه عليكم وعلى قرآنكم؟؟

الغرب لايلام بل نحن من يلام على اننا دمرنا أوطاننا وأهدينا النار لذلك الهمجي ليشعل بها القرآن .. فالغرب غرب .. ولم يتغير .. ولن يتغير .. فهو رغم كل الديكورات الديمقراطية والبرلمانات وحفلات حقوق الانسان لايزال على همجيته .. لأن الهمجية ليست في لباسنا وطريقة طعامنا بالاصابع او الشوكة والسكين .. بل هي في الاعتداء على حق الاخرين في الوجود .. وحقهم ان يملكوا مشاعر وايمانا .. وحقهم ان يبكوا على موتاهم .. وحقهم على ان يحلموا بالاستقلال والسلام في أوطانهم .. الهمجية هي ان تدمر بيوت المسلمين بالحروب الاهلية والغزو المباشر من اجل حقنهم بالحرية .. وعندما يأتون اليك لاجئين تسرق أبناءهم وتفكك أسرهم وتحتقر معتقداتهم وتهين رموزهم وترفض ان ينالوا وظيفة بسيطة وتطالب بطردهم .. والهمجية هي في تقبل سلوك اسرائيل العنصري والعنيف واللصوصي تجاه العرب في وطنهم .. والهمجية هي أن تتفهم الهولوكوست اليهودي لخلق هولوكوست ضد العرب .. والهمجية هي في ان الغرب – حتى هذه اللحظة – لايزال يسرق ذهب وثروات افريقيا كلها دون أي وخزة ضمير ديمقراطي تاركا أثرى قارة في العالم من أفقر القارات واكثرها جوعا فيما نفايات البارات الليلية والكازينوهات في الغرب كافية لاطعام افريقيا كلها .. ولايزال هذا الغرب الذي يحاضر في الانسانية يدعم حروب الجيل الرابع ويرعى كل الحروب الاهلية في كل الدنيا من حرب التوتسي والهوتو في افريقيا الى حرب روسيا وأكرانيا مرورا بحروب العرب والمسلمين ضد العرب والمسلمين .. وكل الغرب – كله يعني كله – شارك في تدمير العراق وشعب العراق علنا وزورا وبهتانا وشنق الدولة العراقية زورا وبهتانا .. وأهان كل المسلمين في يوم عيد الاضحى بشنق رئيس دولة مسلم لتدشين حرب داعش .. وهذا السلوك همجي ولايمكن الا ان يحرق مشاعر الناس وكتبهم المقدسة ويحرق البشرية والاخلاق البشرية ..
ولكن اذا اراد العالم الاسلامي ان تكون النار بردا وسلاما على القرآن .. فما عليه الا ان يعيد النظر في علاقته بنفسه واحترامه لطوائفه وشرائحه ويغير نظرة أبنائه الى أوطانهم على انها طاردة لأبنائه .. وان يتوقف عن الايمان بالحرية والديمقراطية التي يأتي بها الناتو الى بلاد القرآن وأن يبحث عن القواسم المشتركة لأبنائه .. وان تتوقف هستيريا الوصول الى السلطة بالدم والسلاح ..

اذا اراد العالم الاسلامي ان يتوقف حرق القرآن فعليه ان يتوقف عن تصدير النخب التافهة التي تحتقر الدين الاسلامي وتحتقر المطالبة بالقدس وتحتقر المسجد الاقصى وتمجد الغرب مثل التافه يوسف زيدان وأمثاله الذين يبحثون عن الجوائز .. والمكافآت .. فما يفعله هؤلاء ليس الا احراقا للقرآن ونصوصه وركائو مقدساته ولكن بطريقة كيماوية ..

اعتذر من القرآن الكريم عن الامة الاسلامية جميعها .. لا عن السويد وعن اي مملكة صليبية .. فما يفعله العدو حق له .. وعار علينا .. ولو كنا أظهرنا اننا مجتمعات القرآن التي يحتذى بها لما تجرأ أحد على القرآن .. وعندما نتصالح مع القرآن فان أي نار ستكون بردا وسلاما عليه .. وسيكون مثل طائر فينيق او مثل جسد نبي .. كلما أحرقوه .. خرج حيا من تحت الرماد ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى