حرائق الطبيعة طغت على الحرائق السياسية في لبنان
اهتزت مفاصل الحكومة اللبنانية في جلسة مساء امس التي رفعها رئيسها سعد الحريري غاضبا بفعل التوترات التي احدثتها تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل في القاهرة ثم في احتفال التيار الوطني الحر بذكرى 13 اكتوبر في بلدة الحدث، والتي اشعلت النار داخل الجلسة، ثم سرعان ما امتدت الى ساحة الشهداء في بيروت حيث قاد الحزب التقدمي الاشتراكي اولى واعنف حملاته ضد الرئيس ميشال عون وفريقه الحاكم تحت عنوان «ارحلوا»، ما اوحى بتبخر لقاء «المصالحة والمصارحة» في القصر الجمهوري مع نتائج لقاء اللقلوق بين الوزير جبران باسيل والنائب تيمور جنبلاط.
وزاد الطين اللبناني بلّة امتداد الحرائق الى الطبيعة مع رياح حارة ساخنة لتشعل ما لا يقل عن 130 حريقا في اجمل احراج جبل لبنان المطلة على العاصمة بيروت، ما اضطر الحكومة اللبنانية الى طلب العون من قبرص التي ارسلت مروحيتين واليونان التي ارسلت ثلاث مروحيات ضخمة راحت تعمل مع 4 مروحيات للجيش اللبناني بالتوازي مع رجال المطافئ والدفاع المدني والجيش والمتطوعين من اصحاب صهاريج المياه على اخماد الحرائق التي امتدت ظهرا الى الجنوب وتحديدا في صريفا وبرج رحال والشهابية والى الشمال حيث طالت بعض قرى عكار، حيث يتولى الشرر المتطاير توسيع الحرائق او تجديد اشتعالها.
موجة الحرائق بدأت في منطقة المشرف النموذجية ومنها امتدت الى الدبيّة فالدامور، حيث دمرت مركز «اركونسيال»، وهو مشغل خشب للمعاقين تابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، ومن الدامور الى الناعمة فبحورتا في الشوف امتدادا الى بتاتر (عاليه) حيث توفي المواطن سليم ابومجاهد اختناقا بدخان حريق كان يساعد على اخماده، وأفيد عن اضرار كبيرة بالسيارات التي اكلتها النيران.
وفي منطقة المتن الشمالي بدأت النار في حرج بلدة القرنة الحمراء وامتدت الى مزرعة يشوع وهددت المنازل، وافيد عن حرائق في ذوق مصبح وزغرتا، ولم تسجل اصابات بين الاهالي بفضل اخلاء المنازل الواقعة في مرمى النيران، عدا ضحية حميته الانسانية في بتاتر سليم ابومجاهد فضلا عن اصابة ستة عناصر من الدفاع المدني.
وزيرة الداخلية ريا الحسن التي تواجدت في منطقة الشوف ردت اهمال مروحيات الاطفاء التي قدمت هبة الى كلفة صيانتها العالية، وكشفت عن ارسال الاردن طائرتين وان ايطاليا عرضت المساعدة.
لكن الرئيس ميشال عون اوعز بإجراء كشف سريع على الطائرات الثلاث المتروكة تمهيدا لتوفير قطع الغيار اللازمة لاعادة تشغيلها، كما طالب بفتح تحقيق حول خلفية عدم صرف الاعتمادات لصيانتها.
الحرائق السياسية الدائمة الاشتعال خبا وهجها امام حرائق الطبيعة امس، لكنها ظلت جمرا تحت الرماد بانتظار الوميض الذي لن يتأخر كثيرا في ظل الرياح السياسية الداخلية الجافة والاقليمية ذات القابلية الدائمة للاشتعال.