المقالات

العهد في مواجهة الشارع… والحلفاء! (ملاك عقيل)

لم يشذّ مشهد الشارع أمس عن المتوقع: حزب “سبعة”، الجهة الاساسية الداعية للتظاهر والمغضوب عليها سياسيًا ومن باقي قوى المجتمع المدني، لم تتمكَّن من حشدِ البلوكات الجماهيرية الكافية مع العلم أنّ العنوان الاساس الذي رفعته “استعادة الاموال المنهوبة” قوى السلطة، أبقت “شوارعها” خلف شاشات التلفزة تتابع التحرّك عن بعد تاركة لمناصريها حرية قضاء يوم الاحد بين البحر والجبل. بالتحديد الشارع المحسوب على العهد، خصوصًا الفريق البرتقالي لم يجد نفسه أصلاً معنيًّا بالحركة الاعتراضية طالما أنه ينطلق من فكرة أنّ هذا التحرّك موجّه ضد العهد ورئيس الجممهورية. قوى الثامن من آذار، على رأسها حزب الله وحركة أمل بقيت بمنأى عن المشهد الاعتراضي. لم تحشد حزبيًا لكنها لم تمنع من يدور في فلكها من المشاركة في التظاهرة وقطع الطرقات.الأحزاب المسيحية المعارضة للعهد، تحديدًا “القوات” و”الكتائب”، لم تستنفر قواعدها، تمامًا كما فعل تيار المستقبل, حتى الاحزاب اليسارية، من بينها “الشيوعي”، تمثلت بشكل خجول في تحرّك كان بعض من شارك في التظاهرة يردِّد بأنه سيكون مفتوح على تحركات أوسع وأكثر ايلامًا. في حين أنّ التحركات الموضعية في المناطق من بريتال والبقاع الى صيدا والجنوب وطرابلس بقيت ضمن إطار السقف المضبوط طالما أنّ الضوء الاخضر لهزّ عرش الحكومة، ومن خلفها العهد، لم يصدر بعد.بين حزب سبعة والمواطنين الغاضبين ومجموعات الشغب وناشطين من المجتمع المدني وبعض الساعين لأكشن في الشارع يخلق حالة توتر مع القوى الامنية المولجة بحماية أمن المقرات الرسمية مرّ يوم بيروت من دون أن يكون له تأثير يذكر على أجندة فريق السلطة المعني بمواكبة أخطر أزمة نقدية ومالية واقتصادية يمرّ بها لبنان منذ “اتفاق الطائف”.بالتأكيد لم تأتِ حركة الشارع المتأخرة على قدر حجم “الفاجعة”. واستطرادًا، بقيت الارض منفصلة بشكل تام عمّا يجري في كواليس السياسة ونقاشات الغرف المغلقة… غليان تحت وغليان فوق. بين الشارع والطبقة الحاكمة بدت الهوة سحيقة، وإن بقي خيط رفيع يربط بينهما وهو اتهام “محرّكي” الشارع باستهداف العهد والدليل الهتافات والاتهامات القاسية التي وجّهت خلال التظاهرة ضد العهد ورموزه وصولاً الى الطلب بتسلّم الجيش زمام الحكم!.في الأيام الماضية، قادت متفرّعات الأزمة المالية وأزمة السيولة وشحّ الدولار والتحرّك الاعتراضي لبعض القطاعات وجنون السوق وصولاً الى مشهد محطات المحروقات المختنقة بصفوف طالبي البنزين الى خلق أزمة ثقة بين مكونات السلطة تحديداً على مستوى الرئاسات الثلاث، كان من السهل رصد مؤشراتها وصولاً الى الموقف الملفت الذي عبّر عنه الرئيس ميشال عون بعيد عودته من نيويورك والتحذير من “الفتنة” الاقتصادية التي تحدث عنها الوزير جبران باسيل.قد يشكّل “تويت” النائب العوني زياد اسود أحد أوجه أزمة الثقة التي تجتاح أهل السلطة و”العطب” الذي ضرب التسوية الرئاسية، حين يذكّر بأن “خراب البلد” هو بالاساس “نتاج سياسة رفيق الحريري المالية، وان بري استفاد وغطى، وجنبلاط تشارك واستفاد، والسوري راعيهم، وبعض المسسيحيين أمثال المر وغيره تنازل”.في العمق، هذه وجهة النظر الحقيقية لفريق العهد ب “شركاء التسوية” التي فرضت على عون نمطاً استيعابياً في التعاطي مع هؤلاء الشركاء، لكن المطبات كثرت أمام هذه التسوية الى درجة ارتفاع المتاريس مجدداً بين أقطابها، وصار تبادل الاتهامات بالتعطيل ونسج المؤمرات “ترند” المرحلة الى درجة حديث قريبين من العهد عن “وجود تواطوء مريب بين بعض قوى السلطة يحاول تطويق العهد وفي قائمة المتهمين الرئيسين بري والحريري وخلفهما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة” في مقابل كلام صريح من جانب أوساط “تيار المستقبل” بأن “باسيل وفريقه باتوا جزءاً من تركيبة السلطة قبل سنوات من انتخاب عون رئيساً للجمهورية، وبالتالي ايهام هذا الفريق الرأي العام بأنه أتى ليربّي من في السلطة ويحمّلهم مسؤولية الوضع الكارثي لن يكون أمراً مقبولاً حتى لو كانت كلفته إعادة النظر في “شروط” هذه التسوية”.الشارع الذي انفجر أمس بخجلٍ أمام قوى السلطة الحاكمة والذي يشكِّل بروفا أولية لتحركات مقبلة قد تتجاوز الحدّة التي طبعت تظاهرات العام 2014 يكاد يشكّل نقطة سوداء إضافية في سجلّ هذه القوى حيث يُظهر بوضوح تقاذف كرة نار تحمّل مسؤولية الوضعين المالي والاقتصادي بين أهل الحكم، في ظل مجاهرة قريبين من العهد بأن ميشال عون كما الوزير جبران باسيل لن يسمحا بتدفيع هذا العهد ثمن الخيارات السيئة والانتفاعية للسلطة على مدى عقود… والمواجهة مع هؤلاء ستكون مباشرة وبالاسماء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى