الحق يُجلد في ساحات المجاملة

بقلم محمد ضياء الدّين بديوي رئيس تحرير عكس الاتّجاه نيوز و مستشار إبداعي في الشّؤون الإعلاميّة و الرّمزيّة
حين يصبح الصّمت خيانة
نحن لا نكتب لنرضي أحداً ولا نصرخ لنثير ضجيجاً نحن نكتب لأن الصّمت صار خيانة ولأن الضّمير صار سلعة ولأن المجتمع يختنق تحت أنقاض التزييف والخذلان
في زمن تتكاثر فيه الأقنعة وتدفن فيه القيم تحت ركام المجاملات لم يعد الصمت فضيلة بل صار خيانة خيانة للحق خيانة للعدالة خيانة للإنسان الذي يئن تحت وطأة التزييف والخذلان
نحن نعيش في مجتمعات تجيد التجميل أكثر مما تجيد الإصلاح تقدس المظاهر وتقصي الجوهر تصفق للمتملق وتقصي الصادق تكرم من يبيع ضميره وتحاصر من يصرخ بالحقيقة فهل هذا هو المجتمع الذي نريده لأبنائنا هل هذا هو الإرث الذي سنتركه للتاريخ
التزييف الثقافي صار سرطان الهوية حين تصبح الشهرة معيارا للقيمة ويستبدل العمق بالسطحية ويستبدل الفكر بالترند فنحن أمام كارثة ثقافية التزييف لا يقتصر على السياسة أو الإعلام بل يتسلل إلى العلاقات إلى التعليم إلى الدين إلى كل زاوية في حياتنا نعلم أطفالنا أن يكونوا مقبولين لا أن يكونوا أصليين أن يسايروا لا أن يفكروا أن يقلدوا لا أن يبدعوا
الصداقة الزائفة خنجر في الظهر كم من صديق كان مرآة للزيف يبتسم في وجهك ويغتابك في غيابك يصفق لك حين تنجح ليخفي غيظه ويواسيك حين تسقط ليشعر بالتفوق العلاقات اليوم تبنى على المصالح لا على المبادئ على النفع لا على النبل فهل نعيد تعريف الصداقة أم نعيد تعريف أنفسنا
العدالة الغائبة حين يكافأ الفاسد ويعاقب الشريف في مؤسساتنا يرقى من يجيد التملق ويقصى من يجيد العمل تكافأ الرداءة وتحاصر الكفاءة يدفن صوت الضمير تحت ملفات البيروقراطية ويمنح الفاسد حصانة من المحاسبة فهل نطالب بالعدالة أم نصبح نحن العدالة
كفى صمتا كفى تواطؤا كفى تزييفا آن الأوان أن نعيد الاعتبار للصدق أن نعيد الهيبة للكلمة أن نعيد بناء مجتمع لا يخجل من ضميره بل يفتخر به
أكتب أصرخ واجه قاوم لا تكن نسخة من الزيف كن صوتا للحق فالتاريخ لا يخلد المتواطئين بل يخلد من قال لا حين كان الجميع يقول نعم
عكـس الاتّـجاه نيـوز
الحقيقـة الكاملـة
معــاً نصنع إعـلاماً جـديداً