مقالات

ترامب ليس وحيداً: عن رؤساء اغتيلوا في «الجمهورية المسلّحة»

خضر خروبي الإثنين 15 تموز 2024

يحفل التاريخ الأميركي بمحاولات فاشلة لاغتيال رؤساء

*لطالما كانت الاغتيالات مشهداً مألوفاً في الحياة السياسية الأميركية. فعلى مدار تاريخ «الإمبراطورية»، أو «الجمهورية المسلحة» التي تشكّل فوضى انتشار السلاح بين مواطنيها، إحدى أبرز «سماتها الخاصة»، مع تسجيلها أحد أكبر معدّلات اقتناء السلاح بين المدنيين على مستوى العالم، بمعدل 120 سلاحاً نارياً لكل 100 أميركي، واستحواذها وحدَها على 46% من السوق العالمية للأسلحة الفردية، تعرّض عدد من الرؤساء، سواء خلال فترات ولاياتهم أو خارجها، لمحاولات اغتيال. وبدأ الأمر مع محاولة اغتيال الرئيس الراحل، آندرو جاكسون، في عام 1835، وصولاً إلى ما شهدته الساعات الماضية من محاولة لتصفية الرئيس السابق، دونالد ترامب، لدى مشاركته في تجمُّع انتخابي في ولاية بنسلفانيا. على أن مدبّري تلك المحاولات لم يُوفّقوا في حالات كثيرة، فيما لم تكن جميعها منطلقة من دوافع سياسية بحتٍ.**أبرز الاغتيالات**وتُعدّ عملية اغتيال الرئيس الأميركي الراحل، جون كينيدي، في الـ22 من تشرين الثاني 1963، حيث تعرّض لإطلاق نار في رقبته وفي رأسه، أثناء مروره على متن سيارة مكشوفة رفقة زوجته، جاكي، وحاكم ولاية تكساس جون كونالي، في مدينة دالاس، أحد أشهر الاغتيالات في تاريخ الولايات المتحدة، نظراً إلى كون العملية تمّت على الهواء مباشرة، ومن منطلق ما أثارته ولا تزال من تكهّنات حول دوافع منفّذها، لي هارفي أوزوالد (قُتل بعد ساعات من فعلته)، العضو السابق في سلاح مشاة البحرية، لناحية إمكانية ارتباطها بخلافات بين كينيدي، وما تُسمّى «الدولة العميقة».**كما يُعد «الديمقراطي» أبراهام لينكولن، المعروف بمواقفه المؤيّدة لمنح الأميركيين من أصول أفريقية حقّ التصويت في الانتخابات، فضلاً عن دوره في إنهاء الحرب الأهلية وإعادة «الولايات الكونفدرالية» الجنوبية التي انفصلت عن «الاتحاد» بقوّةالسلاح،**و»الجمهوري» جايمس غارفيلد، أول رئيسَين أميركيَّين يسقطان في عمليتي اغتيال، إذ تعرّض الأول لإطلاق نار لدى حضوره رفقة زوجته عرضاً مسرحياً كوميدياً بعنوان «ابن عمنا الأميركي» في واشنطن في الـ14 من نيسان عام 1865، وذلك على يد أحد الممثلين المسرحيين المناصرين لـ»الولايات الكونفدرالية» خلال فترة الحرب الأهلية الأميركية. أمّا غارفيلد، الذي شارك في تلك الحرب في صفوف قوات «الاتحاد» حتى ترقّى إلى رتبة كولونيل، قبل أن يشغل منصب نائب عن مدينة موريلاند هيلز في ولاية أوهايو، فيُعتبر صاحب أحد أقصر العهود في تاريخ الرؤساء الأميركيين، والذي لم يتجاوز الستة أشهر، كونه قضى عن عمر يناهز الـ49 عاماً، نتيجة مضاعفات تلقّيه رصاصتين على خلفية نزاع ذي طابع شخصي مع أحد أعضاء فريق حملته الانتخابية، صيف عام 1881، في محطة للسكك الحديدية في واشنطن.**ومن بين عمليات الاغتيال التي شكّلت محطّات مفصلية في التاريخ الأميركي أيضاً، تلك التي كان بطلها ليون كولغوش، الذي تمكّن من استهداف رئيس الولايات المتحدة الـ25، ويليام ماكينلي، خلال حضوره أحد المعارض الفنية في نيويورك، في السادس من أيلول عام 1901، مستغلاً استهتار الرئيس «الجمهوري» إزاء أمنه الشخصي، ومخالطته للحضور، قبل أن يقضي الأخير بعد ثمانية أيام من إصابته بطلق ناري في صدره وبطنه، فيما تمّ الحكم على قاتله بالإعدام بعد شهر من جريمة الاغتيال. وقد أعقب ذلك، صدور تعليمات للمرّة الأولى من قِبَل «جهاز الخدمة السرية»، بالشروع في اعتماد إجراءات أمنية لحماية الرؤساء الأميركيين على مدار الساعة.**محاولات اغتيال**ويحفل التاريخ الأميركي أيضاً، بمحاولات فاشلة لاغتيال رؤساء أميركيين، تُعدّ واقعة تعرّض كل من الرؤساء ثيودور روزفلت، وفرانكلين روزفلت، وهاري ترومان، لهجوم مسلح، من منطلقات سياسية في أعوام 1912 و1933 و1950 على التوالي، أولاها. ومن مفارقات العهود الرئاسية في الولايات المتحدة، أن الرئيسين الـ39 جيمي كارتر، والـ40 رونالد ريغان، تعرّضا لمحاولة تصفية جسدية، بين عامَي 1979 و1981، إذ تمكّنت الشرطة من إلقاء القبض على منفّذ محاولة اغتيال كارتر قبل أن يلحق أيّ أذى به، فيما لم تقتصر الغرابة في حادثة محاولة اغتيال الثاني، وهو يهمّ عائداً من فندق «واشنطن هيلتون» إثر إلقائه خطاباً هناك، على نجاته بأعجوبة، على رغم تلقّيه إصابة دقيقة في منطقة قريبة من القلب، بل في ما ساقه الجاني جون هينكلي جونيور من دوافع تتعلّق بمحاولته إثارة إعجاب الممثّلة جودي فوستر!**تُعدّ عملية اغتيال الرئيس الأميركي الراحل، جون كينيدي، أحد أشهر الاغتيالات في تاريخ الولايات المتحدة**وإضافة إلى جيرالد فورد، الذي كان عرضة لمحاولة اغتيال في مناسبتَين عام 1975، فإن بعض الرؤساء كانوا محلّ استهداف في أكثر من مناسبة، ومن أبرزهم الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، الذي بلغت محاولات تصفيته ثلاثاً في عام واحد فقط، من ضمنها محاولتَان على الأقل كان مسرحهما البيت الأبيض. ويطغى الالتباس على عدد آخر من محاولات الاغتيال، من مثل ما يُشاع في شأن مخطّط حاكته دوائر استخبارية شرق أوسطية لاغتيال الرئيس جورج بوش الأب، على خلفية دور بلاده في حرب «عاصفة الصحراء». وفي ما يتعلّق بالرئيسَين جورج بوش الابن، وباراك أوباما، فقد كان الأول عرضة لهجوم مسلّح مطلع ولايته الأولى، وتحديداً في شباط 2001، وهجوم مسلّح ثانٍ عام 2005، إبّان زيارته دولة جورجيا. أمّا الثاني، فقد تعرّض لعدة محاولات لتصفيته جسدياً، من بينها قيام أحد المحسوبين على تيار «اليمين المتطرف» داخل الولايات المتحدة، في عام 2011، بإطلاق النار على البيت الأبيض، بدعوى أنّ «أوباما ضدّ المسيح»، فضلاً عن محاولة أخرى لاغتيال أول رئيس أميركي من أصول أفريقية، عبر دس السموم داخل رسالة موجّهة إليه، قبل أن تعتقل الشرطة الجاني، الذي يُدعى جيمس إيفيرت دوتشكي، ويُحكم عليه بالسجن لمدة 25 عاماً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى