في البدء كان الكلمة ..
__كتب/ سعيد فارس السعيد :
أعيش الآلام والمعاناة مع مرضي هذه الأيام.. ،
كما عشت وعشنا جميعا كل سنوات الحرب بكل تفاصيلها وآلامها وبكل الصعد والمجالات منذ بداياتها الى الآن لذلك :
١[ لا يستطيع الإنسان أن يكشف معادن الرجال، ولايستطيع أن يحدد مواقفه وخيارات حاضره ومستقبل علاقاته بشكل واقعي وصحيح وواضح إلا بأوقات الأزمات والمحن .. فلولا الشدائد التي يتعرض لها الانسان يبقي متوهما أن جميع من يعرفهم هم السند له … ٢/ ولكن عندما يلمس ويتأكد رجل الفكر بأن كلماته لايقدرها المعني بها ، يشعر رجل الفكر بالألم فيفخر بنفسه أكثر على أنه فارس نبيل وعليه أن ينسى وألا يلتفت الى الوراء أبدا .. ٣/ ولأنك لاتستطيع تغيير القضاء والقدر ، بأي منعطف او محطة بحياتك .. ولكنك وبكل جدارة واقتدار تستطيع ، تغيير طريقة السلوك والتفكير مع نفسك ومع الآخرين .. ٤ [ لأنه مثلما التواضع يدل على التقوى والحكمة والشجاعة والكرم ،
كذلك فالإستعلاء والإستكبار وحب الظهور وشراء الأضواء والأقلام واستغلال النفوذ بحالات الحرب التي خلقت حالات وظواهر كثيرة للثراء السريع و تحت عناوين كثيرة لسرقة الناس و المتاجرة بجراحهم وآلامهم فكشفت وتكشفت الأقنعة عن وجوه اللصوص وعن وجوه المتاجرين بالدين والمنافقين الكذابين.
٥_ لايستطيع أحد ان يمنعك من التفكير وان تقول الكلمة سرا لنفسك او علانية للناس ..مثلما لايستطيع أحد ان يحجب نور الشمس وضوء القمر وكذلك هي الكلمة ،لا يستطيع أحد أن يحجبها او ان يحتكرها ..
٦/ لذلك لن تنكسر أقلامنا …
ولا يستطيع أحد بهذا العالم أن يشتريها ..
ولن تكون كلماتنا إلا صوتا للحق وللحقيقة وللمحبة والإخلاص والولاء لله وللوطن ولقضايا الأمة ولإنسانية الإنسان .
ولن نكون مع الكلمة ومن خلالها إلا ضد الفساد بكل الوانه واشكاله ، وضد الارهاب أيا كان مصدره ،وضد الإحتلال ، وضد الليبرالية المتجددة والحديثة بكل مشاريعها وظواهرها ، وضد كل انواع واشكال التعصب والتطرف الديني والمذهبي والقومي والسياسي .
٧/ كن منصفا ..
ولا تكن مداهنا ..
لأن اهتمامك ومديحك الزائد ببعض الأشخاص بدلا من أن يجعلهم أكثر تواضعا وتقديرا لك ..
سيجعلهم أكثر غرورا واستخفافا بك ..
[فالكاتب المفكر عندما يتكلم او يكتب فإنه إما أن يكون قوة محبة و خير وبناء،
أو قوة شر ؛
فمن واجبات ومسؤوليات الكاتب رجل الفكر الذي يأمل أن يكون قائدا ومصلحا ومرشدا ومعلما ليكون بمنزلة التقدير والاحترام بالنفوس والعقول وبصفحات التاريخ ، لتتناقل الأجيال كلماته وأفكاره ..،
يجب عليه أن يكون ضميرا واعيا ونقيا ومخلصا للشعب وللوطن وللأمة وللإنسانية ،
وان يكون ملهما للأجيال ومعلما بالعلم النافع وبالكلمة الحكمة ليمنح الضوء والنور وسنبلة القمح والمياه الصافية للأرواح وللعقول الواعية ..
فمن خلال فكره وكتاباته ومنشوراته يعكس اهمية وقداسة الكلمة ،
فيكون صوتا قويا مدويا للحق وللحقيقة وقوة عظيمة مخلصة بالولاء لله وحده وللوطن وحده.
وأن يكون نبيلا شريفا بقوة وشجاعة في قضايا المحبة انتصارا لإنسانية الإنسان .
فالكلمة هي الحياة
وهي ميزان الفكر
وهي الرغبة
وهي العمل ،
والكلمة هي روح العقل.
وهي روح النفس .
وهي روح الروح .
وحياتنا بهذه الدنيا قصيرة جدا ومليئة بالخفايا والدروس والمواعظ ..
ويظن البعض ان الحياة طويلة ..
( ويوما عند ربك كألف سنة مما تعدون )
وعندما نستعرض تلك الكلمات وهي تنزيل من رب العالمين رب السموات والارض خالق كل شيئ المدبر القادر المقتدر المكون المصور الملك القدوس الحي القيوم رب العرش العظيم ، الذي اذا قال للشيئ كن فيكون .. ،
ونفكر ونتفكر بها جيدا ..
تنفتح أمامنا صفحات من نور ومن أنوار الله
فنقرأ :
(اتقوا الله ويعلمكم الله ..)
(الله نور السموات والارض )
(والله خيرٌ حافظاً وهو ارحم الراحمين.. )
(من عمل مثقال ذرة خيرا يره ومن عمل مثقال ذرة شرا يره)
لنقرأ :
(يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )
والنفس المطمئنة هي النفس المؤمنة المحبة المخلصة العاشقة لله المطيعة لأوامره ..
وهي النفس التي تأمر بالبر والخير والإحسان والحب ..
تلك النفس الراضية المرضية المطمئنةالتي تنال النعمة والرضى من الله فتستقر في ملكوته الأعلى فتنال السلام والسعادة والخلود الأبدي ..
أما النفس الأمارة بالسوء فلها عاقبتها ولها حسابها العسير عند الله ..
فالحياة الدنيا ليست إلا رحلة قصيرة جدا لإمتحان العقل والنفس والروح ..
لأن أجسادنا فانية وارواحنا باقية ..
حيث عقولنا تفكر ونفوسنا تأمر أجسادنا . .
فأرواحنا ترافق حياتنا بالدنيا برحلة قصيرة جدا .. وستغادر أرواحنا أجسادنا بأمر من ربها وخالقها الى عالم الأبدية والخلود لتستقر بأمره بدار السلام والسعادة أو بدار العذاب ..