لبنان بحاجة الى مصلح أم ديكتاتور؟…
…وأخيراً، وعشية اليوبيل الماسي لاستقلال لبنان، تساوى اللبنانيون اغنياء وفقراء بتقاسم الهموم. فالاغنياء يواجهون أزمة عدم توفر الدولار الاميركي بين أيديهم وتعاملاتهم عكس ما كانوا “يتبغددون” به سابقاً،لأن أصحاب الحل والربط لم يجدوا البدائل التي تحل المشكلة.
والفقراء يبحثون عن الرغيف لأن الافران قررت الاضراب لتحقيق مطالب لم تسمعها الدولة. والفريقان يفتشان عن محطة وقود تمكنهما من ملء خزانات سياراتهم بالوقود المستورد عبر شركات تتحكم بالسوق واسعارها بعدما تنازلت الدولة عن القيام بما هو مطلوب منها.
ولأن العالم منشغل بما يحدث اقليمياً من تطورات عسكرية قد تقلب معادلات او تفتح ابواباً مغلقة منذ أزمان. ولأن المسؤولين في لبنان لم يصلوا الى مستوى معالجة الازمات المتوالدة باستمرار منذ سنوات، من دون القدرة على وقفها أو ايجاد حلول لها، الاّ ان الشريحة الأكبر من المواطنين تقف مشدوهة إزاء التخبط الذي يهيمن على مسيرة السلطات في لبنان حيث باتوا أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول يتمثل بمطالبتهم بمصلح اجتماعي أو محرر بلاد عبر اللاعنف على نمط المهاتما غاندي في الهند أو نيلسون مانديلا في جنوب افريقيا. فيما المخرج الآخر يتطلب استنباط حكم ديكتاتوري، أو الاستعانة بحكم خارجي قادر على إتخاذ قرارات مفصلية، وفرض ما يراه مناسباً. فهل الأول متوفر ام الثاني؟.
الواضح حتى الان ان اللبنانيين الذين باتوا أشبه بالخارجين من عصفورية لن يستطيعوا تحقيق أي من الآمرين:
لأن الدعاة الى التغيير باللاعنف سيصطدمون بطبقة من الفاسدين تغلغلت في مفاصل الدولة حتى العظم، وستتهم أية داعية بانه مصاب بمّسٍ من الجنون دافعة إياه الى أقرب مصح عقلي.
أما الداعين الى اختراع ديكتاتور محلي أو خارجي فسيفتحون بين بعضهم حرباً ضروساً لناحية من أين سيستجلبون هذا “المخلص” من الشرق ام من الغرب وسيبقون في صراعاتهم الى ما شاء الله.
وعليه سيبقى الجميع، كما هو ظاهر، في دوامة لن تنتهي في المدى المنظور من “الفوضى غير الخلاقة” في وطن يبدو أنه فقد الكثير من مقومات الحياة بفضل طواقم سياسية من جميع الطوائف والمذاهب لم تضع نصب أعينها الاً مصالحها الشخصية، ولم تفكر يوماً في بناء وطن يليق بتاريخ الآباء والاجداد.