رغم الجروح بشائر النصر تلوح!
خليل إسماعيل رمَّال
الوضع في الجنوب هو كالتالي:
نتنياهو حالياً كبالع الموسى. انتشى في البداية عبر تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي واغتيال قيادات الصف الأوَّل في المقاومة العظيمة وعلى رأسها الشهيد الأسمى سماحة السيِّد المرحوم المبرور حسن نصرالله رضوان الله عليه، فظن أنه بانكسار ظهر المقاومة الذي حصل بهذه الشهادة الكُبرى، لن تقم للمقاومة قائمة بعد ذلك. لذا استخدم الغارات الوحشية العنيفة وارتكب المجازر بحق المدنيين وتسبَّب بتهجير حاضنة المقاومة وتشتيتها وتقصَّد ضرب معاقل الشيعة في بعلبك الهرمل وجبيل وكسروان والجبل عدا عن الضاحية الجنوبية الصامدة الأبيَّة، كما عوَّل على عويل كلاب الداخل من قطعان الخوات والكذائب وباقي اليمين الفاشي الإنعزالي الدموي المُجرم مع شلَّة التغييرين الفاشلين كطابور خامس يُساهم في حصار وضرب المقاومة من الداخل. ولمَّا لم تنفعْ الغارات والفِتَن وتبيَّن أن خنازير تل أبيب أجبن من الجُبناء بعد أن وجدوا أنهم إذا بدأوا حرباً أهلية هذه المرَّة لن يبقَ منهم مُبشِّراً بعدها ولا عودة لصيغة لا غالب ولا مغلوب الكاذبة، ذلك لأن قوات المجاهدين على الحدود منفصلة عن قوات الداخل المُتحضِّرة لخصيان الصهاينة إذا حدَّثَتْهم أنفسهم بالإنتحار والذهاب لجهنَّم مباشرةً!
أما بالنسبة للإجتياح البري الذي هدَّد به قائد أركان الكيان، لقرى الجنوب حتى مسافة ١٠ كيلومترات، فقد رأينا بأم العين وأبيها مصير قوات النخبة من غولاني وإيغور وأبو الخور والبعجور ومصير الميركاڤا التي تنتظرها من جديد مقبرة وادي الحجير. يعني بتموز (يوليو) ٢٠٠٦ كانت إسرائيل أقوى بكثير وتحضِّر للحرب في تشرين الثاني (نوڤمبر) قبل مفاجأتها بكمين وأسر جنودها، أمَّا الآن فهي مُنهَكَة ومُستَنْزَفَة ومُتعَبَة بعد ٤٠٠ يوم من القتال اليومي، ومع ذلك عجِزَتْ آنذاك عن التقدم والبقاء في الجنوب، فكيف اليوم وتجربة تحرير عام ٢٠٠٠ لم تُمحَ بعد من الأذهان؟!
نتنياهو بالغ الموسى كما قلت لأنه ظنَّ أن توجهه شمالاً سيكون سهلاً ومخرَجاً له من فشله بغزَّة، عبر استخدام نفس أسلوب المجازر والغارات الوحشية. أجاد هذه المقاومة الفلسطينية العظيمة في غزَّة التي تقاتل باللحم الحي وسط تواطؤ عربي قبل الغربي، وفي ظروف حصار خانق وتجويع عدا عن أنه تُحارِب ضمن جغرافيا سهلية لا جبلية وبلا تضاريس مُعيقَة، ورغم ذلك أفشلَتْ العدوان وانتصرت رغم الثمن الباهظ والغالي بالأرواح، بحفظ نفسها وقوتها لكي تستمر إرادة المقاومة وتبقى تُناضل ليوم آخر، لذا فقرارها بإطلاق الصواريخ وإيذاء العدو في غلاف غزة وتل أبيب أو عدمه يعود تقديره لها وحدها وهي مُحِقَّة في كل ما تراه مُناسِباً لها ولشعبها الأبيّ الصامد كالجبال. باختصار مدن العدو المُغتصَبة لا تشعر مباشرة بنار غزَّة التي ستحرقها بنهاية المطاف!
أمَّا على جبهة لبنان فالوضع مُختلِف تماماً. المقاومة كانت أصلاً تُحضِّر للكمائن بالجنوب وتستعد لغزو وغدر العدو منذ سنوات وأعدَّتْ له العُدَّة اللازمة، تساعدها في ذلك طبيعة الأرض وجغرافيتها وتضاريسها التي حفظها أبناؤها عن ظهر قلب! والمقاومة في لبنان ترد الصاع صاعين فتصل صواريخها لغرفة نوم السفَّاح ولغرفة طعام أكثر القواعد العسكرية السرية تحصُّناً وهذه حرب استنزاف حقيقية لن يتحمَّلَها طويلاً قطعان المستوطِنين المُغتصِبِين المُرفَّهِين الذين يهرعون للملاجيء كل عدة ساعات بالليل والنهار ويشاهدون بأعينهم الدمار بينما كانوا منذ ١٩٤٨ يستجمون ويستمتعون بهدوء جبهتهم الداخلية طيلة الحروب مع العرب التي كانت تجري على أراضيهم!
الصهيوني الجزَّار لن يتمكن من الأنتصار ولا يجرؤ في الوقت عينه على التراجع في لبنان فهو لتوِّه ميِّت سياسياً وقد أرتكب خطأً مُميتاً سيدفع ثمنه الكيان غالياً، لذا فالدفع نحو الإجتياح البري قد يبدو الحل الأمثل له لكي يحتل حسب أوهامه قرى الجنوب الأماميَّة (الإماميَّة) وربما لجعلها منطقة عازلة ومحروقة أو شريط حدودي جديد. لكن حتى ولو توغَّلَت قوات العدو لحدود الليطاني، لا سمح الله، وهذا محال فستكون هذه فرصة عظيمة لرجال الله أولي البأْس الذين يتشوَّقون ويتحرَّقون للقاء، لكي ينتقموا لدماء الشُهداء!
قولوا الله وما النصر إلا من عند الله.