النائبان برو وأبي رميا تفقدا مكان العدوان الإسرائيلي بين رأس أسطا وبشتليدا. ماذا حصل في المنطقة، وأسماء الشهداء؟
كتب ناجي امهز
منذ الأمس، ولأول مرة منذ عام 1990، تمر هذه الأيام على جبيل وكسروان.
هاتان المنطقتان اللتان تنعمان بميزة العيش الواحد الذي هو أصلب وأقوى من الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان، بالإضافة إلى الاستقرار الروحي الذي كرسته تعاليم الكنيسة المليئة بالحب في رحاب وجوار القديس شربل.في جبيل وكسروان، من الصعب أن تجد بين أبناء المنطقة الأصليين أي نزاع أو خلاف عميق. ما يحصل في بعض القرى لخصه أحد المسيحيين بقوله: “أنا أختلف مع الشيعي على متر أرض ورعاية المعزة مثلما أختلف مع الماروني من ضيعة أخرى. يعني الموضوع أكثر من عادي، ومن الجيد أن السياسيين في المنطقة وجدوا شوية خلاف عقاري يتحدثون عنه ويصنعون زعامتهم من وراء هذه القصة، لأنهم لا يملكون أكثر من ذلك، وكثر خير الله”.جبيل، مدينة الحرف والكلمة (يعني دخيل اسم ربنا وكأنه ذُكر في الكتب المقدسة. جبيل، في البدء: “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ. وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهُ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. بِهِ تَكَوَّنَ كُلُّ شَيْءٍ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَتَكَوَّنْ أَيُّ شَيْءٍ مِمَّا تَكَوَّنَ”).جبيل لا يمكنها إلا أن تكون كما خلقها الله، مضيافة، حضارية، وإنسانية. لن تتنازل عن هذا الدور من أجل إرضاء بعض المتعصبين لأفكار تافهة وسطحيّة. جبيل قررت، انسجاماً مع دورها وتاريخها وعراقتها، أن تستقبل أهلنا النازحين من كل لبنان، لأنه إذا كانت بيروت عاصمة لبنان، فجبيل هي قلب وروح لبنان.ولكن، ما الذي تغير بين جبيل 2006 وجبيل 2024 كي يقوم العدو الإسرائيلي بقصف هذه البلدة الآمنة؟الأمر بسيط جداً، فبالرغم من الإمكانيات الهائلة للحزب التي سبقت عام 2018، بما في ذلك ضخ أموال طائلة في خدمة المنطقة إضافة إلى التحالف الكبير منذ عام 2006 مع التيار الوطني الحر، والوهج السياسي والإعلامي الذي تمتع به حزب الله خاصة إبان محاربة التكفيريين والدفاع عن المسيحيين وغيرهم في سوريا، إلا أن حزب الله شعر ببرودة وفتور في العلاقة مع المسيحيين. هذا الأمر ظهر في انتخابات 2018، مما دفع حزب الله إلى تعيين قيادة جديدة في المنطقة من أبناء المنطقة تحديداً. هذا الإجراء فتح أمام حزب الله حالة من التراخي بين أبناء المنطقة، تمثلت بإيصال نائب إلى البرلمان، إضافة إلى حالة كبيرة من الاستقرار حيث بدأ الناس يحرصون على دعوة حزب الله للمشاركة في النشاطات والمناسبات. كما أن الجميع يشارك حزب الله في المناسبات الدينية وغيرها، حتى الذين هم على مسافة سياسية من حزب الله يحرصون على إظهار أنهم يشاركون الشيعة في هذه المناسبات بشكل أو بآخر.وكما يشكل قادة حزب الله المسؤولين عن الصورايخ وقوة الرضوان خطورة على الكيان الاسرائيلي فانه بالمقابل التعايش والتقارب الاسلامي المسيحي يشكل خطورة على الكيان الاسرائيلي وفي مقدمة الذين نجحوا بتكريس هذا التعايش هو الشيخ محمد عمرو مما جعله احد الاهداف المباشرة للعدو الاسرائيلي.أبناء جبيل وكسروان بطبعهم لا يتقبلون الغريب حتى لو كان نصف إله. هذا الأمر ينطبق على الأحزاب المسيحية التي نفر منها أبناء المنطقة عندما كانوا يعينون شخصاً من خارج المنطقة في مراكز المسؤولية.هذا المتغير الذي طرأ على البيئة الجبيلية والكسروانية، وتمثل بأرفع وأجمل صور الوحدة والتعايش الوطني، أزعج العدو الإسرائيلي كثيراً. دفع هذا العدو إلى إنتاج أفلام وكتابة تقارير استخباراتية عمل على تسويقها حتى في أروقة صناعة القرار السياسي في واشنطن ولندن وباريس. كان آخرها الفيديو الشهير عن أنفاق حزب الله، والذي تبين أنه مجرد أوهام لا يمكن حتى تطبيقها في المنطقة. أصلاً لا يوجد لحزب الله أي وجود عسكري في المنطقة، كما أن كافة الجبيليين والكسروانيين يعرفون أن حزب الله هو عبارة عن حالة اجتماعية ودينية تعمل على خدمة أبناء المنطقة بما هو متاح في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة. يمكن سؤال أي جبيلي عن عدد أعضاء حزب الله في المنطقة، وسيخبرك بأن أكبر منطقة لا يتجاوز عدد المنتسبين فيها من الشيعة إلى حزب الله نسبة 3%.شيعة جبيل من أبناء المنطقة، رغم أن غالبيتهم تؤيد حزب الله، إلا أن غالبيتهم يعملون في أكثر من مهنة، ومنهم من اغترب، وهم يتجنبون السياسة.القصد من هذه المقاربة أن الجميع يعرف أن ما يسوقه العدو الإسرائيلي وبعض أبواقه هو مجرد كذب طبيعي، ومحاولة لضرب صيغة العيش المشترك التي نجح فيها حزب الله مؤخراً.ما أظهره الجبيليون والكسروانيون من حضور وتضامن وشجب لما قام به العدو الإسرائيلي يؤكد أن أبناء الأرض والجيرة في جبيل يعرفون أنه لا يوجد أي شيء مما يقوله العدو الإسرائيلي. العدو الإسرائيلي يقوم بقتل المدنيين الشيعة في منطقة ذات طابع مسيحي غالباً، ليخدع الرأي العام الدولي بأن بعض المسيحيين هم من حرضوا على شيعة المنطقة. أو على الأقل يحاول تعريض المسيحيين للخطر ليقول المسيحيون للشيعة: “نحن بسببكم تعرضنا للخطر”.لكن كل ما يقوم به العدو الإسرائيلي لن يزيد أبناء المنطقة إلا تلاحماً ووحدة وتضامناً مهما كان الثمن.على الصعيد السياسي، قام نائب بلاد جبيل الأستاذ رائد برو بتفقد الأماكن المستهدفة بالعدوان الإسرائيلي في المعيصرة أو رأس أسطا، حيث فضّل البقاء مع الأهالي الى حين الانتهاء مما يجب القيام به.كما تابع نائب بلاد جبيل الأستاذ سيمون أبي رميا الأوضاع وتفقد مكان العدوان، وكان له التصريح التالي: “نحن شعب واحد في وطن واحد، سنصمد في أرضنا، راسخون في وطننا رغم كل ما يحصل. أنا من اهمج، جارة رأس أسطا، نحن ورأس أسطا ضيعة واحدة. سنعيش مع بعضنا جنباً إلى جنب، فمحاولات الترهيب والإرهاب التي يعتمدها العدو لن تصل إلى ما يرجوه”.ومنذ قليل، صدرت لائحة تضمنت أسماء الشهداء الذين ستودعهم المنطقة بأصوات الرحمة والصلوات إلى مثواهم الأخير على محراب الوطن.١- مليكة عمرو٢- سميرة حسن حسين٣- سماح حسين مزرعاني٤- محمد حسن حسين٥- سعدى ايوب فارس قليط٦- وفاء محمد قليط عمرو
٧- زهراء جهاد زريق٨- زينب مصطفى عمرو٩- حسين مصطفى عمرو١٠- شهنار شيران(زوجة حسين مصطفى عمرو)١١- فاطمة صبحي عمرو(زوجة احمد عمرو)
١٢- فاطمة مصطفى عمرو١٣- سيدة خليل عمرو(زوجة الشهيد علي مصطفى عمرو)
١٤- ريحانة (٣سنوات) ابنة الشهيد علي مصطفى عمرو
١٥- رقية(١٠ سنوات) ابنة الشهيد علي مصطفى عمرو