تاريخٌنا الأسود يُكتب الآن
بقلم: أدهم الشرقاوي
هذه ليستِ المرَّة الأولى التي تكون فيها الأُمَّة بهذا الوهن!
لقد مضى علينا زمانٌ كان فيه المغوليُّ يقولُ للواحد من أجدادنا إذا غضبَ منه: انتظرني هنا حتى أُحضرَ السَّيفَ وأعودُ لكَ!فيرجعُ إليه فإذا هو مكانه لم يبرحه من شدة خوفه ومهانته.
لكننا هذه المرَّة نُحسّها الأكثر وجعاً لأننا نعيشها، أما تلك الحقبة فقرأنا عنها فقط
لاحقاً، سيتمُّ تدوينُ هذا الحاضر الذي نعيشه ليصبحَ تأريخاً، وسيقرأُ فيه أحفادنا أننا قومٌ لم نكن نملكُ معابرنا، كُنَّا مجرَّد بوّابين فقط، وأنَّ أهلنا في غزَّة ماتوا برداً وجوعاً لأنَّ عدوَّنا لم يكن يسمحُ لنا أن نُدخل لهم الطعام والخيام، وأننا كُنَّا بأمره.
وفي صفحة سوداء من حاضرنا الذي سيصبحُ تأريخاً، سيكتبُ مُؤرِّخٌ ما عنّا:
وقد بلغَ بهم الوهن أنّ أعداءهم كانوا يتحكَّمون حتى بلافتات محلّاتهم، وأنهم كانوا أعجز من الدِّفاع عن اسم محلِّ شاورما!
مؤرِّخٌ قادمٌ ما سيكتبُ :
كانوا، غفر الله لهم، إذا سقطتْ لهم عاصمة، أو اُحتلَّ لهم بلد، أو ذُبحَ منهم شعب، عقدوا لذلكَ قمَّةً مليئة بالشَّجب والاستنكار !
أمَّا المُؤرِّخُ الذي سيفضحنا فهو ذاك الذي سيقول:
كان عندهم جامعة دول عربيّة، لم يكن أحدٌ يعرفُ ما هي وظيفتها، وقد ذُبحتْ غزّة أمامهم وهم يتفرَّجون
وفي صفحة ناصعةٍ نادرة سيكتبُ مُؤرِّخٌ ما :
وإنّه في السّابع من أكتوبر أذلَّتْ قوّاتُ النُّخبة في كتائب القسّام الصّهاينة كما لم يُذلّهم أحد منذ يوم خيبر! وأنَّ *غزَّة كانت بينهم كيوسف عليه السّلام بين إخوته، ذنبه الوحيد أنّه كان جميلاً جداً*الحقُّ يُقال أنَّ هذه الأُمَّة تعيشُ في هذه الأيّام مخاضاً دامياً، سيكون بعده باذن اللهِ ميلادٌ مجيدٌ، وكما نهضت الأمة من عثرة التتار، فستنهض مجدداً بإذن الله، فنحن الآن، شعوباً على الأقل، أكثر وعياً وإحساساً ببعضنا، أكثر معرفةً بأعدائنا وتمسكاً بديننا، ولكن هذا لا يعني أبداً أن ننسى أن التَّاريخ لا يكتبُ إلا النّتائج.